الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية
إذا اشترطت الثمرة على النخل
المطلب الأول
أن يشترطها المشتري
[م - 157] سبق لنا تحرير مسألة ما إذا باع نخلًا وعليها ثمرة، وأطلق البيع من غير تعرض للثمرة، فإن شرطها المشتري قبل التأبير صح الاشتراط، ويكون ذلك من باب التوكيد؛ لأن الثمرة له من غير اشتراط.
وإن اشترطها المشتري بعد التأبير كانت للمشتري بالاتفاق، إن كانت الثمرة ثمرة نخل، وقد نص حديث ابن عمر المتفق عليه على ذلك.
قال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع
…
الحديث
(1)
.
وثمار غير النخل مقيس عليه عند الأئمة الأربعة.
وقال ابن حزم: الظاهر من الثمار للبائع، لا يحل بيعه لا مع الأصول، ولا دونه، ولا يصح أن يشترطه المشتري؛ لأن الاشتراط إنما جاء بالنص في ثمرة النخل، والقياس عنده باطل
(2)
.
واستدل ابن حزم
(ح -80) بما رواه الشيخان من طريق حميد،
حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه، عن
(1)
صحيح البخاري (2379)، ومسلم (1543).
(2)
انظر المحلى (مسألة: 1452).
النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وعن النخل حتى يزهو، قيل: وما يزهو؟ قال: يحمار أو يصفار
(1)
.
قال ابن حزم: «لا يجوز في ثمرة النخل إلا الاشتراط فقط ما لم تزه
…
فلا يجوز بيعها قبل أن تزهي أصلًا وأباح عليه السلام اشتراطها فيجوز ما أجازه عليه السلام ويحرم ما نهى عنه».
وانتقد العراقي قول ابن حزم، فقال:«كان مقتضى الجمود على الظاهر أن يكون ثمر غير النخل الظاهر للمشتري؛ لأنها داخلة في اسم الشجرة، وكونه يمتنع بيعها قبل بدو الصلاح بدون شرط القطع لا ينافي اندراجها تبعًا؛ لأنه يغتفر في التبعية ما لا يغتفر في الاستقلال»
(2)
.
ومذهب الظاهرية أضعف ما يكون في باب المعاملات المالية بخلاف العبادات فإن مذهبهم فيه قوة في غالب المسائل؛ لأن أحكامه غير معللة غالبًا، ولذلك أغرب من قول ابن حزم هذا قوله رحمه الله: «من باع نخلة أو نخلتين، وفيها ثمر قد أبر، لم يجز للمبتاع اشتراط ثمرتها أصلًا، ولا يجوز ذلك إلا في ثلاثة فصاعدًا ....
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من باع نخلًا قد أبرت، فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع).
فلم يحكم عليه السلام بذلك إلا في نخل، وأقل ما يقع عليه اسم نخل، ثلاث فصاعدًا؛ لأن لفظ التثنية الواقع على اثنين معروف في اللغة التي بها نزل القرآن، وخاطبنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول لفظ الجمع إنما يقع على الثلاث فصاعدًا»
(3)
.
* * *
(1)
صحيح البخاري (2197)، ومسلم (1555).
(2)
طرح التثريب (6/ 106).
(3)
المحلى (مسألة: 1455).