الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من قال: لا يجوز بيع النجس
.
الدليل الأول:
الأدلة الصحيحة على تحريم بيع الميتة، والخنزير.
(ح-57) فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من طريق الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح، وهو بمكة: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام. فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة؛ فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا هو حرام، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها، جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه
(1)
.
وجه الاستدلال:
لما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الميتة، قال رجل: أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود .. الخ أي فهل يحل بيعها لما ذكر من المنافع؛ فإنها مقتضية لصحة البيع، فقال صلى الله عليه وسلم: لا هو حرام، أي البيع.
قال النووي: «والضمير في «هو» يعود إلى البيع، لا إلى الانتفاع، هذا هو الصحيح عند الشافعي وأصحابه، أنه يجوز الانتفاع بشحم الميتة في طلي السفن والاستصباح بها، وغير ذلك مما ليس بأكل، ولا في بدن الآدمي، وبهذا قال أيضًا عطاء بن أبي رباح، ومحمد بن جرير الطبري»
(2)
.
(1)
البخاري (2236)، ومسلم (1581).
(2)
شرح النووي لصحيح مسلم (11/ 6).
ورجح ذلك ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى
(1)
.
وقوله صلى الله عليه وسلم: قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحوم الميتة جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه مشعر بأن النهي عن البيع، لأن من نهي عن أكل شيء، ثم باعه، فأكل ثمنه كأنه أكل ما نهي عنه، مثله في ذلك قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] يدخل فيه ما لو باعه الرجل الرجل، فأكل ثمنه.
فيكون قوله: لا هو حرام، أي لا تبيعوا الميتة، فتأكلوا ثمنها، كما باع اليهود شحوم الميتة، فإنكم في هذا بمنزلة من أكل الميتة.
واستدل الخطابي على جواز الانتفاع بإجماعهم على أن من ماتت له دابة ساغ له إطعامها لكلاب الصيد، فكذلك يسوغ دهن السفينة بشحم الميتة، ولا فرق
(2)
.
ويدل على جواز الانتفاع أيضًا ما رواه الشيخان من حديث ابن عباس في شاة ميمونة، بلفظ:«هلا انتفعتم بإهابها، قالوا: إنها ميتة، فقال: إنما حرم أكلها»
(3)
.
فهذا مشعر بحل الانتفاع بما عدا الأكل.
وأجاب الحنفية وغيرهم:
بأن قوله صلى الله عليه وسلم: لا هو حرام: أي الانتفاع، فقال: يحرم الانتفاع بها، قال
(1)
انظر زاد المعاد (5/ 749).
(2)
انظر فتح الباري (4/ 425).
(3)
البخاري (1421)، ومسلم (363).