الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثامن
في دخول حريم المبيع في بيعه
الكلام في حريم الشيء، كالكلام في مرافق الأملاك وحقوقها.
الحريم في الاصطلاح: حريم الشيء: ما حوله من حقوقه ومرافقه وعرفه الشافعية بأنه: ما تمس الحاجة إليه لتمام الانتفاع وإن حصل أصل الانتفاع بدونه»
(1)
.
[م - 176] إذا عرفنا ذلك، فقد ذهب الجمهور إلى دخول حريم الشيء فيه إذا باعه، وهو مذهب الحنفية
(2)
، والمشهور من مذهب المالكية
(3)
، واختاره بعض الحنابلة
(4)
.
(1)
والحريم لغة: ما حرم فلا ينتهك، وهو أيضًا فناء الدار، أو المسجد، ويأتي كذلك بمعنى الحمى. الموسوعة الكويتية (30/ 42).
(2)
البحر الرائق (1/ 80) و (8/ 240)، المبسوط للشيباني (4/ 584 - 587) تبيين الحقائق (6/ 36)، حاشية ابن عابدين (2/ 331)، الفتاوى الهندية (5/ 387)، مجمع الأنهر (4/ 231).
(3)
منح الجليل (5/ 281)، الشرح الصغير (3/ 227)، الخرشي (5/ 180)، حاشية الدسوقي (3/ 170).
(4)
جاء في الإنصاف (5/ 54): «رفق الأملاك كالطرق والأفنية ومسيل المياه ونحوها، هل هي مملوكة أو يثبت فيها حق الاختصاص؟
فيه وجهان، أحدهما: ثبوت حق الاختصاص فيها من غير ملك. جزم به القاضي وابن عقيل في إحياء الموات والغصب. ودل عليه نصوص الإمام أحمد. وطرد القاضي ذلك حتى في حريم البئر. ورتب عليه: أنه لو باعه أرضًا بفنائها لم يصح البيع لأن الفناء لا يختص به إذ استطراقه عام بخلاف ما لو باعها بطريقها. وذكر ابن عقيل احتمالا يصح البيع بالفناء. لأنه من الحقوق كمسيل المياه.
والوجه الثاني: الملك. صرح به الأصحاب في الطرق. وجزم به في الكل صاحب المغني وأخذه من نص أحمد والخرقي على ملك حريم البئر .. ». وانظر نحو هذا النص في قواعد ابن رجب (ص: 192 - 193).
وذهب الشافعية إلى دخوله بشرط أن يكون في سكة غير نافذة
(1)
.
وقيل: لا يدخل حريم الشيء في البيع، وهو قول في مذهب المالكية
(2)
.
وقال ابن مفلح الحنبلي الصغير: «ومن باع دارًا تناول البيع أرضها
…
ولم يتعرض الأصحاب لذكر حريمها»
(3)
.
قلت: قد ذكر الإمام أحمد وأصحابه حريم البئر، وغيره مقيس عليه، وهو
(1)
قال النووي في المجموع (10/ 518): «وأما حريم الدار فإن كانت في سكة غير نافذة دخل
…
وإن كانت في سكة نافذة، أو في طريق الشارع لم يدخل» وانظر تحفة المحتاج (4/ 447)، روضة الطالبين (3/ 548)، الفتاوى الفقهية الكبرى (2/ 258)، حاشية الرملي (2/ 100)، وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى (3/ 174):«وبيع الدار دون حريمها لا يصح .... بخلاف ما إذا شرط دخوله أو لم يتعرض له» .
(2)
انظر الشرح الصغير (3/ 227)، حاشية الدسوقي (3/ 170)، الخرشي (5/ 180)، وجاء في المدونة (5/ 189):«قلت لابن القاسم: هل للبئر حريم عند مالك بئر ماشية، أو بئر زرع، أو غير ذلك من الآبار؟ قال: لا ليس للآبار عند مالك حريم محدود، ولا للعيون إلا ما يضر بها. قال مالك: ومن الآبار آبار تكون في أرض رخوة، وأخرى تكون في أرض صلبة أو في صفا فإن ذلك على قدر الضرر بالبئر. قلت: أرأيت إن كانت في أرض صلبة، أو في صفا فأتى رجل ليحفر قربها، فقام أهلها فقالوا: هذا عطن لإبلنا إذا وردت ومرابض لأغنامنا، وأبقارنا إذا وردت، أيمنع الحافر من الحفر في ذلك الموضع، وذلك لا يضر بالبئر؟ قال: ما سمعت من مالك فيه شيئًا، إلا أني أرى أن يمنع من ذلك لأن هذا حق للبئرـ ولأهل البئر إذا كان هذا يضر بمناخهم فهو كالإضرار بمائهم» .
قلت: فإن أراد رجل أن يبني في ذلك الموضع أكان لهم أن يمنعوه كما كان لهم أن يمنعوه من الحفر فيه قال: نعم ولم أسمع هذا من مالك ولكن لما قال مالك: إذا كان يضر بالبئر منع من ذلك فهذا كله ضرر بالبئر وبأهله».
(3)
انظر المبدع (4/ 158).