الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرافقته في الجنَّة: "فأعنّي على نفسك بكثرة السجود".
والجواب: إِنَّ هذا تمسُّكٌ واهٍ جداً، فإِنَّ العمل بالمطلقات على إِطلاقها إِنّما يسوغ فيما لم يقيّده الشارع من المطلقات، أمّا إِذا قيّد الشارع حُكماً مطلقاً بقيد؛ فإِنَّه يجب التقيُّد به وعدم الاكتفاء بالمطلق، فإِنَّ مسألتنا (صلاة التراويح) ليست من النوافل المطلقة، لأنها صلاة مقيّدة لا بنصّ عن رسول الله.
وما مثَل من يفعل ذلك؛ إلَاّ كمن يصلي صلاة يخالف بها صلاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم المنقولة عنه بالأسانيد الصحيحة؛ يخالفها كمًّا وكيفاً؛ متناسياً قوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"(1) محتجًّا بمِثل تلك المطلقات! كمن يصلّي مثلاً الظهر خمساً وسنة الفجر أربعاً!
الأحوط اتباع السنّة:
واستطرد شيخنا -حفظه الله تعالى- قائلاً: "على أنَّه مهما قيل في جواز الزيادة أو عدمها، فما أظنّ أنّ مسلماً يتوقّف -بعد ما سلف بيانه- عن القول بأنّ العدد الذي ورَد عنه صلى الله عليه وسلم أفضل من الزيادة عليه لصريح قوله صلى الله عليه وسلم: "وخير الهدي هدي محمّد صلى الله عليه وسلم"، رواه مسلم (2)، فما الذي يمنع المسلمين اليوم أن يأخذوا بهذا الهدي المحمّدي ويدَعُوا ما زاد عليه من باب "دَعْ ما يَريبك إِلى ما لا يَريبك"
…
وأنهم صلَّوها بالعدد الوارد في السُّنّة في مِثل المدّة التي يصلّون فيها العشرين؛ لكانت صلاتهم صحيحة مقبولة باتفاق العلماء،
(1) تقدّم تخريجه.
(2)
برقم: 867
ويؤيّد ذلك حديث جابر قال: سئل صلى الله عليه وسلم أيّ الصلاة أفضل؟ قال: "طول القنوت (1) "(2). فعليكم أيها المسلمون بسنتَّه صلى الله عليه وسلم تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ فإِنّ "خير الهدي هدي محمّد صلى الله عليه وسلم"(3).
4 -
وقد يقول قائل: إِنَّ عمر رضي الله عنه قد صلاّها عشرين ركعة.
قال شيخنا: ولا يجوز أن يُعارَض هذه الرواية الصحيحة بما رواه عبد الرزاق من وجه آخر عن محمّد بن يوسف بلفظ: "إِحدى وعشرين" لظهور خطأ هذا اللفظ من وجهين: الأوّل: مخالفة لرواية الثقة بلفظ إِحدى عشرة (4).
الثاني: أنَّ عبد الرزاق قد تفرَّد بروايته على هذا اللفظ
…
(5).
(1) قال النووي (6/ 35): "المراد بالقنوت هنا: القيام باتفاق العلماء -فيما علمت-".
(2)
أخرجه مسلم: 756
(3)
صلاة التراويح: 39، 40
(4)
يشير شيخنا -حفظه الله تعالى- إِلى ما رواه محمّد بن يوسف عن السائب بن يزيد قال: "أمَر عمر بن الخطاب أُبيّ بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإِحدى عشرة ركعة، قال: وقد كان يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصيّ من طول القيام، وما ننصرف إلَاّ في بزوغ الفجر".
قال شيخنا- حفظه الله تعالى-: "وهذا سند صحيح جدّاً، فإِنّ محمّد بن يوسف شيخ مالك ثقة واحتجّ به اتفاقاً واحتجّ به الشيخان، والسائب بن يزيد صحابيّ
…
".
(5)
ارجع -إِن شئت- الكتاب المشار إِليه للمزيد من الاطلاع على التخريج والتحقيق.