الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فذكّروني" (1)
حُكمه:
سجود السهو واجب لأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم به، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"إِذا شكّ أحدكم في صلاته، فليتحرّ الصواب، فليتمّ عليه ثمَّ ليُسلِّم، ثمَّ يسجد سجدتين"(2).
وهو قول جمهور العلماء (3)
كيفيته
(4):
يسجد المصلّي سجدتين حين يسهو؛ قبل التسليم أو بعده، جاء في "الروضة النديّة" (1/ 327) -بحذف-:"ووجه التخيير أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صح عنه أنَّه سجَد قبل التسليم، وصحّ عنه أنَّه سجَد بعده، أمّا ما صحّ عنه مما يدلّ على أنَه قبل التسليم؛ فحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذا شكَّ أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلّى؟ ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشَّكَّ وليبنِ على ما استيقن، ثمَّ يسجد سجدتين قبل أن يُسلِّم، فإِنْ كان صلّى خمساً، شفَعْن له صلاته، وإِنْ كان صلّى إِتماماً
(1) أخرجه البخاري: 401، ومسلم: 572
(2)
أخرجه البخاري: 401، ومسلم: 572، وفي لفظ عند مسلم: 572، "إِذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين".
(3)
انظر "الفتاوى"(23/ 28).
(4)
هناك مبحث مُفصّل لشيخ الإِسلام في ذلك في "الفتاوى"(23/ 17) فارجع إِليه -إِن شئت-.
لأربع؛ كانتا ترغيماً للشيطان (1)""(2). وأمّا ما صحّ عنه مما يدلّ على أنَه بعد التسليم؛ فكحديث ذي اليدين الثابت في "الصحيحين"، فإِنّ فيه صلى الله تعالى عليه وآله وسلّم سجد بعد ما سلّم". انتهى.
ولفظ الحديث الذي أشار إِليه في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "صلّى بنا النّبيّ صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر، فسلَّم فقال له ذو اليدين: الصلاة يا رسول الله أنقصَت؟ فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه أحقٌ ما يقول، قالوا: نعم فصلّى ركعتين أُخريين ثمَّ سجد سجدتين، قال سعدٌ ورأيت عُروة ابن الزبير صلّى من المغرب ركعتين، فسلّم وتكلّم ثمَّ صلّى ما بقيَ وسجد سجدتين، وقال هكذا فعَل النّبيّ صلى الله عليه وسلم"(3).
ثمَّ قال بعد أن ذكَر عدداً من النصوص: "فهذه الأحاديث المصرِّحة بالسجود تارة قبل التسليم وتارة بعده، تدّل على أنَّه يجوز جميع ذلك. ولكنّه ينبغي في موارد النصوص أن يفعل كما أرشد إِليه الشارع، فيسجد قبل
(1) قال في النهاية: "يقال:
…
أرغم الله أنفه أي: ألصقه بالرَّغام وهو التراب، هذا هو الأصل، ثمَّ استعمل في الذّل والعَجز عن الانتصاف والانقياد على كُره".
قال النووي: "أي إِغاظة له وإِذلالاً. مأخوذ من الرَّغام وهو التراب، والمعنى أنَّ الشيطان لبَّس عليه صلاته، وتعرَّض لإِفسادها ونقْصها، فجعل الله تعالى للمصلّي طريقاً إلى جبر صلاته وتدارُكِ ما لبّسه عليه، وإرغامِ الشيطان وردِّه خاسئا مبعَدا عن مراده، وكملت صلاة ابن آدم".
(2)
أخرجه مسلم: 571
(3)
أخرجه البخاري: 1227، ومسلم: 573
التسليم فيما أرشد إِلى السجود فيه قبل التسليم، ويسجد بعد التسليم فيما أرشد فيه إِلى السجود بعد التسليم، وما عدا ذلك فهو بالخِيار والكلّ سنّة.
وقال بعد أن ذكر أقوال الأئمّة الأربعة - رحمهم الله تعالى- ولا يشكّ مُنصِف، أنَّ الأحاديث الصحيحة مصرِّحة بأنَّه كان يسجد في بعض الصلوات قبل السلام، وفي بعضها بعد السلام، فالجزم بأنّ محلّهما بعد السلام فقط طرْح لبعض الأحاديث الصحيحة، لا لموجب؛ إِلا لمجرّد مخالفتها لما قاله فلان أو فلان؛ كما أنَّ الجزم بأنّ محلّهما قبل التسليم فقط؛ طرح لبعض الأحاديث الصحيحة لمِثل ذلك ..... والحقّ عندي أنَّ الكل جائز وسنّة ثابتة، والمصلّي مُخيَّر بين أن يسجد قبل أن يسلّم، أو بعد أن يسلم، وهذا فيما كان من السهو غير موافق للسهو الذي سجد له صلى الله عليه وسلم قبل السلام أو بعده.
وأمَّا في السهو الذي سجد له صلى الله عليه وسلم فينبغي الاقتداء به في ذلك، وإيقاع السجود؛ في المواضع الذي أوقعه فيه صلّى الله تعالى عليه وسلّم مع الموافقة في السهو، وهي مواضع محصورة مشهورة؛ يعرفها من له اشتغال بعلم السنّة المطهّرة". انتهى.
قلت: أمَّا من لم يكن له اشتغال بالسنّة المطهرة، فله أن يسجد قبل التسليم أو بعده، وذلك من باب التيسير الذي هو سِمة هذا الدين.
وقد أفادني شيخنا -حفظه الله- جواز ذلك سواءٌ أكان ذلك قبل التسليم أو بعده. انتهى.
جاء في "شرح النووي"(5/ 56): "قال القاضي عياض رحمه الله وجماعة من أصحابنا: ولا خلاف بين هؤلاء المختلفين وغيرهم من العلماء