الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قضاء الصّلاة
إِنَّ الكلام في هذا الموضوع يطول، فأختصر منه ما يناسب المقام، فأقول وبالله أستعين: أوّلاً:
عن أنس رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي صلاة فليصلِّها إِذا ذكَرها، لا كفّارة لها إلَاّ ذلك {وأقمِ الصلاة لذِكري} (1) "(2)
وفي رواية: "من نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يُصليها إِذا ذَكرها"(3).
وفي رواية: "إِنّه لا تفريط في النوم، إِنّما التفريط في اليقظة
…
" (4).
وعن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس في النوم تفريط (5)، إِنما التفريط في اليقظة أن تؤخَّر صلاة حتى يدخل وقت أخرى"(6).
وقال إِبراهيم النخعي: من ترك صلاةً واحدةً عشرين سنة، لم يُعِد إلَاّ تلك الصلاة الواحدة (7).
(1) طه: 14
(2)
أخرجه البخاري: 597، ومسلم: 684، وتقدّم.
(3)
أخرجه مسلم: 684
(4)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(422).
(5)
أي تقصير.
(6)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(425) وغيره، وتقدّم.
(7)
رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم، وقال شيخنا:"وصلَه الثوري في "جامعه" عن منصور وغيره كما في "الفتح" فهو صحيح الإِسناد".
بعد هذه النصوص المتقدمة أقول:
1 -
ينبغي أن نعقل ما يترتّب على قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنّه ليس في النّوم تفريط"، ويُعيننا على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ (وفي رواية: وعن المجنون، وفي لفظ المعتوه حتى يعقل أو يُفيق)، وعن الصبي حتى يكبر (وفي رواية: حتى يحتلم) "(1).
فنفي التفريط عن النوم وإِثباته في اليقظة له شأن عظيم، ولا ينبغي التسوية بين النائم والمستيقظ، ولا نجعل قوله صلى الله عليه وسلم:"ليس في النّوم تفريط" كقول الغافل: "ليس في اليقظة تفريط"! ولا سيما أنَّ ذلك جاء مُؤكَّداً في قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنّما التفريط في اليقظة".
فهذا يفيد التعيين. جاء في "مختار الصحاح": "وإِن زِدْتَ على إِنّ (ما) صارت للتعيين، كقوله تعالى: {إِنّما الصّدقات للفقراء} الآية، لأنّه يوجب إِثبات الحُكم للمذكور ونفيه عمّا عَداه".
وفسّر عليه الصلاة والسلام معنى التفريط في اليقظة فقال: "
…
إِنّما التفريط في اليقظة؛ أن تؤخّر صلاةً حتى يدخُل وقْت أُخرى".
والمراد من مقدّمات التفريط وعدمه؛ بيان من يجوز له أن يصلّي بعد الوقت المُقرَّر، فمن أخّر صلاة حتى يدخل وقت أخرى فقط فرّط، فضلاً عمّن أخّرها حتى تدخل صلوات كثيرة.
2 -
بيان جواز قضاء الفائتة لصنفٍ مُعيَّن ومحدّد وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "
…
من نسي صلاة أو نام عنها".
(1) أخرجه أبو داود وغيره، وصححه شيخنا في "الإِرواء"(297).
فبعد المقدّمات التي أشَرْت إليها؛ بيَّن النّبيّ صلى الله عليه وسلم من يسوغ له أن يصلّي الفائتة بقوله: "من نسي صلاةً أو نام عنها".
فالعُذر: نسيان أو نوم، فإِذا سويّنا بين المتعمّد، أو النّاسي والنائم والمعذور وغير المعذور، فما قيمة الحديث؟
3 -
ولا شكّ أن (مَن) شَرْطيَّة، فِعْلها (نسي) و (نام) معطوفة على (نَسي)، وجواب الشرط (ليُصلّها إِذا ذكَرها). واللام هنا لام الأمر، وهي ممّا يُؤكّد ما نحن فيه مِن قول.
فهذه الصلاة فقط لمن نام أو نسي، ولكن هل هذه الرخصة مطلقة؟ كلاّ لأنها جاءت مشروطةً موقوتة.
فقوله صلى الله عليه وسلم: "فليصلّها إِذا ذكَرها" يدّل على تقييد ذلك حين التذكر لا يتجاوزه، ولم يقُلِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"فليصلها متى شاء". وهذا للمعذور فكيف بغير المعذور!
ثمَّ يأتي قوله صلى الله عليه وسلم: "لا كفّارة لها إلَاّ ذلك". فهذه اللام نافية للجنس، أي: تنفي جنس الكفّارات، والمعنى: لا كفّارة إلَاّ أن يُصلّيها حين يذكرها، وماذا إِذا أجَّلها مرَّة أُخرى وأخَّرها، أنقول إِنَّ له كفارة؟! وهل يليق بنا أن نُثبت ما نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
والخلاصة المتقدمة من هذه النّصوص:
من أضاع صلاةً حتى خرَج وقتها وهو مستيقظ لغير عُذر نصّ عليه الشرع فهو مفرّط؛ ومن نام عن صلاة أو نسيها فليس بمفرِّط أو مقصِّر، فله أن يصلّي ما فات، إِذ هو معذورٌ بذلك، ولكن عليه أن يصلّي ما فاته حين يذكر الصلاة،
ولا كفّارة لما وقَع فيه من ترْك الصلاة سوى ذلك: أي: الصلاة حين يذكرها.
ولا بدّ من مراعاة معرفة المفرّط من غير المفرّط، لأنّه بها يتحدّد من يجوز له الصلاة بعد فوات وقتها (1) ممّن لا يجوز له ذلك.
ثانياً: وممّا يحسُن بنا أن نعلم أنّ أمر الكفَّارات توقيفيّ، فهناك أمور كفّارتها إِقامة الحدّ مِن جَلْد أو رجم أو إِطعام
…
وأمور كفّارتها الصيام، وأمور لا كفّارة لها سوى التوبة والإِنابة، فاليمين الغموس لا كفّارة لها مِن صيام ونحوه، ككفّارة مَن حلف وهو غير قادر على الإطعام، ولا يُقال للقاتل عمداً: لك أن تكفِّر كمن قتل خطأً
…
، بل إِنّه قد خطئ الحقّ من قال: إِنَّ مَن قتَل عمداً لهو أولى بصيام شهرين متتابعين ممّن قتَل خطأً.
فهذا أبلغ في الزجر والتعنيف، وبيان ما لهذه الأمور من حُرمة، وكذلك ليس مَن ترك الصلاة عمداً حتى يخرج وقتها؛ كمن نام عنها أو نَسيها.
ولو أنَّ رجلاً حلف فقال: والله لأطعمنّ زيداً قبل العصر، فإِنّه لا يجزئه أن يُطعم زيداً نفسه بعد العشاء، ولكن عليه أن يطعم عشرة أشخاص.
ولو أنَّ رجلاً جامع في نهار رمضان عامداً؛ فإِنّه لا يجزئه أن يصوم يوماً بعد رمضان، بل يجب عليه صيام شهرين متتابعين.
فليس لنا أن نقول لمن ضيّع صلاة وفرّط فيها: عليك أن تصلّي صلاةً واحدةً تكفِّر ما فَعَلْت!
ثالثاً: وفي الحديث: "أوّل ما يُحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإِنْ
(1) بل هو وقتها بالنسبة للمعذور، فالوقت وقتان: وقت اختيار ووقت عُذر، وسيأتي قريباً كلام ابن القيّم رحمه الله في ذلك.
كان أكملها كُتبت له كاملة، وإِن لم يكن أكمَلها، قال للملائكة: انظروا هل تجِدون لعبدي مِن تطوُّع؛ فأكمَلوا بها ما ضَيّع مِن فريضة، ثمَّ الزكاة، ثمَّ تُؤخذ الأعمال على حسب ذلك" (1).
ولم يقُل: " .. انظروا هل تجدون لعبدي من قضاء" فلنا من هذا الحديث أنْ نأمر من فاتته صلوات بغير ما سبق من أعذار، أن يكثر من التطوّع والتنفّل، وهو غير قضاء الفريضة، وخير الهدي هدي محمّد صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: قال شيخنا -حفظه الله تعالى- في "الصحيحة" -بحذف يسير- تحت الحديث (66) بلفظ: "إِذا أدرك أحدكم أوّل سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس؛ فليتمّ صلاته، وإذا أدرك أوّل سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس؛ فليتمّ صلاته".
"ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "فليتمّ صلاته"؛ أي: لأنّه أدركها في وقتها وصلاّها صحيحة، وبذلك برئت ذمّته، وأنّه إِذا لم يدرك الركعة؛ فلا يتمّها؛ لأنها ليست صحيحة بسبب خروج وقتها؛ فليست مبرئة للذمّة.
ولا يخفى أنّ مثله -وأولى منه- من لم يدرك من صلاته شيئاً قبل خروج الوقت؛ فإِنّه لا صلاة له، ولا هي مبرئة لذمّته؛ أي: أنّه إِذا كان الذي لم يدرك الركعة لا يؤمر بإِتمام الصلاة؛ فالذي لم يدركها إِطلاقاً أولى أن لا يؤمر بها، وليس ذلك إلَاّ من باب الزجر والردع له عن إِضاعة الصلاة، فلم يجعل الشارع الحكيم لمثله كفّارة كي لا يعود إِلى إِضاعتها مرّة أخرى؛ متعلّلاً بأنّه يمكنه
(1) أخرجه ابن ماجه وأحمد بسند صحيح، وانظر "تخريج الإِيمان" لابن أبي شيبة رقم (112).
أنْ يقضيها بعد وقتها، كلاّ فلا قضاء للمتعمّد؛ كما أفاد هذا الحديث الشريف وحديث أنس:"لا كفّارة لها إلَاّ ذلك".
ومن ذلك يتبيّن لكلّ من أوتي شيئاً من العلم والفقه في الدين؛ أنّ قول بعض المتأخّرين: "وإِذا كان النائم والناسي للصلاة -وهما معذوران- يقضيانها بعد خروج وقتها؛ كان المتعمد لتركها أولى"؛ أنه قياس خاطئ؛ بل لعله من أفسد قياس على وجه الأرض؛ لأنَّه من باب قياس النقيض على نقيضه، وهو فاسد بداهة، إِذ كيف يصحّ قياس غير المعذور على المعذور والمتعمد على الساهي؟! ومن لم يجعل الله له كفّارة على من جعل الله له كفّارة؟! وما سبب ذلك إلَاّ من الغفلة عن المعنى المراد من هذا الحديث الشريف، وقد وفّقنا الله تعالى لبيانه، والحمد لله تعالى على توفيقه.
وللعلامة ابن القيّم -رحمه الله تعالى- بحث هام مفصّل في هذه المسألة، أظنّ أنَّه لم يُسبَق إِلى مثله في الإِفادة والتحقيق، وأرى من تمام هذا البحث أن أنقل منه فصلين: أحدهما في إِبطال هذا القياس، والآخر في الردّ على من استدل بهذا الحديث على نقيض ما بيَّنَّا، قال رحمه الله بعد أن ذكر القول المتقدّم-: "فجوابه من وجوه:
أحدها: المعارضة بما هو أصحّ منه أو مِثله، وهو أن يقال: لا يلزم من صحة القضاء بعد الوقت من المعذور -المطيع لله ورسوله الذي لم يكن منه تفريط في فِعل ما أمر به وقبوله منه- صحته وقبوله من متعدٍّ لحدود الله، مضيِّع لأمره، تارك لحقّه عمداً وعدواناً؛ فقياس هذا في صحّة العبادة وقَبولها منه وبراءة الذمة بها من أفسد القياس.
الوجه الثاني: أن المعذور بنوم أو نسيان لم يصل الصلاة في غير وقتها، بل في نفس وقتهَا الذي وقّته الله له؛ فإِنّ الوقت في حقّ هذا حين يستيقظ ويذكر؛ فالوقت وقتان: وقت اختيار، ووقت عذر، فوقت المعذور بنوم أو سهو هو وقت ذِكْره واستيقاظه؛ فهذا لم يصلّ الصلاة إلَاّ في وقتها، فكيف يقاس عليه من صلاّها في غير وقتها عمداً وعدواناً؟!
الثالث: أن الشريعة قد فرَّقت في مواردها ومصادرها بين العامد والناسي، وبين المعذور وغيره، وهذا ممّا لا خفاء به؛ فإِلحاق أحد النوعين بالآخر غير جائز.
الرابع: أنّا لم نُسقِطها عن العامد المفرط ونأمر بها المعذور حتى يكون ما ذكرتم حجَّة علينا، بل ألزمْنا بها المفرِّط المتعدّي على وجه لا سبيل له إِلى استدراكها تغليظاً عليه، وجوزنا للمعذور غير المفرط.
وأمّا استدلالكم بقوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس؛ فقد أدرك"؛ فما أصحّه من حديث! وما أراه على مقتضى قولكم! فإِنكم تقولون: هو مُدرِكٌ للعصر، ولو لم يدرك من وقتها شيئاً البتة؛ بمعنى: أنّه مُدرِك لفعلها صحيحة منه مبرئة لذمته، فلو كانت تصح بعد خروج وقتها وُتقبل منه؛ لم يتعلّق إِدراكها بركعة، ومعلوم أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يُرِد أن من أدرك ركعة من العصر صحت صلاته بلا إِثم، بل هو آثم بتعمّد ذلك اتفاقاً؛ فإِنّه أُمِر أنّ يوقع جميعها في وقتها، فعُلم أن هذا الإِدراك لا يرفع الإِثم، بل هو مُدرِك آثم، فلو كانت تصح بعد الغروب؛ لم يكن فرق بين أن يدرك ركعة من الوقت؛ أو لا يدرك منها شيئاً". انتهى.
هذا وقد استدل القائلون بالقضاء بحديث الخثعمية إِذ قال لها النّبيّ صلى الله عليه وسلم فدَين الله أحقّ أن يُقضى وهو من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: "كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إِليها وتنظر إِليه، وجعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إِلى الشقِّ الآخر فقالت: يا رسول الله إِن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة؛ أفأحُجُّ عنه، قال: نعم، وذلك في حَجَّة الوداع"(1).
وفي رواية: "فإِنّ الله أحق بالوفاء"(2).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً أنَّ امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إِنَّ أمّي ماتت وعليها صوم شهرٍ. فقال: "أرأيتِ لو كان عليها دين، أكنتِ تقضينه؟ " قالت: نعم. قال: "فدين الله أحقّ بالقضاء"(3).
وردّ على ذلك بعض أهل العلم بقولهم: إِنّ قوله صلى الله عليه وسلم: "فدين الله أحقّ أن يقضى"، فهذا إِنّما قاله صلى الله عليه وسلم في حقِّ المعذور لا المفرّط، وقد قاله صلى الله عليه وسلم في النذر المطلق الذي ليس له وقت محدود الطَّرَفين [وتقدّم في حديث المرأة التي جاءت إِلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت:
…
إِنَّ أمّي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟
…
قال: فدين الله أحقّ أن يُقضى] ومثله الحجّ، ونحن نقول في مثل هذا الدين القابل للأداء: دين الله أحقّ أن يُقضى، فالقضاء المذكور
(1) أخرجه البخاري: 1513، ومسلم: 1334
(2)
انظر "الإِرواء"(790).
(3)
أخرجه البخاري: 1953، ومسلم: 1148، وغيرهما.
في هذه الأحاديث ليس بقضاء عبادة مؤقتة محدودة الطرفين وبالله التوفيق.
قال ابن حزم رحمه الله في "المحلّى"(2/ 319) مسألة (279): "وأمّا من تعمّد ترْك الصلاة حتى خرَج وقتها، فهذا لا يقدر على قضائها أبداً، فليكثر مِن فِعل الخير وصلاة التطوع؛ ليثقل ميزانه يوم القيامة وليستغفر الله عز وجل". وردّ على من يقول بالقضاء ردّاً قوياً فارجع إِليه -إِن شئت-.
وكذلك لابن القيّم كلام بديع جدير بالاهتمام في "مدارج السالكين"، ولشيخنا -شفاه الله- تعليق طيّب على الحديث (1257) من " الضعيفة"، والله تعالى أعلم.
إِذا صلاّها في غير وقتها لعُذر، فهل يُسمى قضاءً أو أداءً؟
قال شيخ الإِسلام رحمه الله في "الفتاوى"(22/ 37) -بحذف يسير-: فإِن قيل: هذا يسمّى قضاء أو أداء؟
قيل: الفرق بين اللفظين هو فرق اصطلاحي؛ لا أصل له في كلام الله ورسوله؛ فإِن الله تعالى سمّى فِعل العبادة في وقتها قضاءً، كما قال في الجمعة:{فإِذا قُضِيت الصلاةُ فانتشِروا في الأرض} ، وقال تعالى:{فإِذا قضيتم مناسِكَكم فاذكروا الله} ، مع أنّ هذين يُفعلان في الوقت.
و"القضاء" في لغة العرب: هو إِكمال الشيء وإتمامه، كما قال تعالى:{فقضاهنّ سبعَ سموات} ، أي: أكملهنّ وأتمّهن. فمَن فعَل العبادة كاملة فقد قضاها، وإنْ فعلها في وقتها.
وقد اتفق العلماء -فيما أعلم- على أنّه لو اعتقد بقاء وقت الصلاة فنواه أداء. ثمّ تبيّن أنّه صلّى بعد خروج الوقت صحت صلاته، ولو اعتقد خروجه
فنواها قضاء ثمَّ تبين له بقاء الوقت أجزأته صلاته. وكل من فعل العبادة في الوقت الذي أُمِر به أجزأته صلاته، سواءٌ نواها أداءً أو قضاءً، والنائم والناسي إِذا صلّيا وقت الذكر والانتباه فقد صلّيا في الوقت الذي أُمِرا بالصلاة فيه، وإِنْ كانا قد صليا بعد خروج الوقت المشروع لغيرهما. فمن سمّى ذلك قضاءً باعتبار هذا المعنى، وكان في لغته أنّ القضاء فِعل العبادة بعد خروج الوقت المقدر شرعاً للعموم، فهذه التسمية لا تضرّ ولا تنفع.