الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة الكسوف
(1)
اختلف العلماء في حُكم صلاة الكسوف ويرى الجمهور على أنَّها سنة مؤكّدة، وصَرَّح أبو عوانه في "صحيحه" بوجوبها، ونقل الزين ابن المنيّر عن أبي حنيفة أنَّه أوجبها، وكذا نقل بعض مصنّفي الحنفية أنَّها واجبة (2).
وقال شيخنا -حفظه الله تعالى-: "
…
وهو ظاهر صنيع ابن خزيمة في "صحيحه" فإِنَّه قال فيه (2/ 308) " باب الأمر بالصلاة عند كسوف الشمس والقمر
…
".
وذكَر أيضاً بعض الأحاديث في الأمر بها، ومن المعلوم من أسلوب ابن خزيمة في "صحيحه" أنَّه حين يكون الأمر عنده لغير الوجوب؛ يبيّن ذلك في أبواب كتابه فالمسألة فيها خلاف".
وقال -حفظه الله تعالى- في القول بالوجوب: "وهو الأرجح دليلاً لما يأتي: "إِن القول بالسنيّة فقط؛ فيه إِهدار للأوامر الكثيرة التي جاءت عنه صلى الله عليه وسلم في هذه الصلاة؛ دون أيّ صارف لها عن دلالتها الأصليّة ألا وهو الوجوب، ومال إِلى هذا الشوكاني في "السيل الجرار"(1/ 323) وأقرّه صدّيق خان في "الروضة الندية" وهو الحقّ إِن شاء الله تعالى". انتهى.
ويُنادى لها: "إِنّ الصلاة جامعة" لحديث عبد الله بن عمرو -رضي الله
(1) الكسوف لغةً: التغيير إِلى سواد، ومنه: كسف وجهه وحاله، وكسفت الشمس: اسودّت وذهب شعاعها. "فتح"(2/ 526).
(2)
انظر "الفتح"(2/ 527).
عنهما- قال: "لمّا كسَفَت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي: إِنَّ
الصلاة جامعة (1) " (2).
ثمَّ يصلّي بهم الإِمام ركعتين؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: خسَفَت الشمس في حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم فخرج إِلى المسجد فصفَّ الناس وراءهُ فكبَّر، فاقْترأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءةً طويلةً، ثمَّ كبَّر فركع ركوعاً طويلاً، ثمَّ قال سمع الله لمن حمده، فقام ولم يسجد، وقرأ قراءةً طويلة؛ هي أدنى من القراءة الأولى، ثمَّ كبَّر وركع ركوعاً طويلاً، وهو أدنى من الركوع الأوّل، ثمَّ قال سمع الله لمن حمده ربّنا ولك الحمد، ثمَّ سجد، ثمَّ قال في الركعة الآخرة مِثل ذلك، فاستكمل أربع ركعات في أربع سجداتٍ، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف، ثمَّ قام فأثنى على الله بما هو أهله، ثمَّ قال: هما آيتان من آيات الله لا يَخْسِفان لموت أحدٍ ولا لحياته. فإِذا رأيتموها فافزعوا إِلى الصلاة" (3).
ويكون ذلك جهراً كما تدّل على ذلك النصوص.
قال شيخنا -حفظه الله- في "تمام المنّة"(263): "أنَّ صلاة
(1) والمعنى: احضروا الصلاة في حال كونها جامعة، أو: إِنّ الصلاة جامعة فاحضروها وانظر "الفتح"(2/ 533).
(2)
أخرجه البخاري: 1045، ومسلم: 910
(3)
أخرجه البخاري: 1046، ومسلم: 901
الكسوف؛ إِنّما صلاّها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّة واحدة، وقد صحّ أنَّه جهر بها كما في "البخاري"، ولم يَثبُت ما يُعارضه
…
".
قلت: وقد بوّب لذلك البخاري بقوله (باب الجهر بالقراءة في الكسوف) وقال الحافظ: استدلّ به على الجهر فيها بالنّهار.
ويحسن إِطالة السجود والركوع في الصلاة، لحديث عائشة:"ما سجدْت سجوداً قطّ كان أطول منه"(1).
وفي "مسلم"(910): "قالت عائشة: ما ركعتُ ركوعاً قطّ، ولا سجدت سجوداً قطّ؛ كان أطول منه".
والركعة الأولى في الكسوف أطول؛ كما في حديث عائشة أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم "صلّى بهم في كسوف الشمس أربع ركعات في سجدتين الأوّل الأوّل أطول"(2). وصرّح البخاري بذلك في تبويبه.
وتصلّى جماعةً لِما دلّت عليه الأحاديث المتقدّمة، وبوّب لذلك أيضاً البخاري في "كتاب الكسوف" فقال:(باب صلاة الكسوف جماعة).
قال الحافظ (2/ 540): "أي: وإن لم يحضروا الإِمام الراتب، فيؤمّ لهم بعضهم وبه قال الجمهور، وعن الثوري إِن لم يحضر الإِمام صلَّوا فرادى". انتهى.
(1) أخرجه البخاري: 1051، وانظر "الفتح"(2/ 539) -إِن شئت- للمزيد من الفوائد الحديثية.
(2)
أخرجه البخاري: 1064، وانظر "الفتح"(2/ 548) إِن شئت للمزيد من الفائدة.