الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسجد فهو أحق به ما دام ثابتاً فيه، فإِذا زال عنه زال حقه، إِذ ليس أحد أحق به من أحد، قال الله عز وجل:{وأن المساجد لله} (1) الآية. وقال: {إِنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} (2).
المواضع المنهي عن الصلاة فيها:
1 - الصلاة في المقبرة:
عن أبي سعيد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "الأرض كلّها مسجد إلَاّ الحمّام والمقبرة"(3).
وعن عائشة رضي الله عنها عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي مات فيه: "لعن الله اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مسجداً، قالت: ولولا ذلك لأبرزوا قبره، غير أنّي أخشى (4) أن يُتَّخذ مسجداً"(5).
وعنها أيضاً أنَّ أمّ سلمة ذَكَرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة يُقال لها: مارية، فذكَرت له ما رأت فيها من الصّور، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولئك قومٌ إِذا مات فيهم العبد الصالح -أو الرجل الصالح- بنوا على قبره
(1) الجنّ: 18
(2)
التوبة: 18
(3)
أخرجه أبو داود والترمذي والدارمي وغيرهم وقال شيخنا: وهذا إِسناد صحيح على شرط الشيخين، وانظر "الإِرواء" تحت الحديث (287).
(4)
قال الحافظ ابن حجر: "وكأنه صلى الله عليه وسلم علم أنه مرتحِل من ذلك المرض، فخاف أن يُعظَّم قبره كما فعل من مضى، فلعن اليهود والنصارى إِشارة إِلى ذمّ من يفعل فِعلهم".
(5)
أخرجه البخاري: 1330، ومسلم: 531
مسجداً، وصوّروا فيه تلك الصُّور، أولئك شرار الخلق عند الله" (1).
قال شيخنا -حفظه الله-: "الذي يمكن أن يُفهَم من هذا الاتخاذ [أي: اتخاذ القبور مساجد]، إِنما هو ثلاث معان:
الأول: الصلاة على القبور، بمعنى السجود عليها.
الثاني: السجود إِليها واستقبالها بالصلاة والدعاء.
الثالث: بناء المساجد عليها، وقصْد الصلاة فيها" (2).
ولا فرق فيما قلنا بين المقبرة فيها قبر أو أكثر.
قال شيخنا -حفظه الله- في "تمام المنّة"(ص 298): قال: [أي: شيخ الإِسلام -رحمه الله تعالى-] في "الاختيارات العلمية": "ولا تصحّ الصلاة في المقبرة ولا إِليها، والنهي عن ذلك إِنّما هو سدّ لذريعة الشرك، وذكر طائفة من أصحابنا أن القبر والقبرين لا يمنع من الصلاة، لأنه لا يتناوله اسم المقبرة، وإنّما المقبرة ثلاثة قبور فصاعداً (3)، وليس في كلام أحمد وعامّة أصحابه هذا الفرق، بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور، وهو الصواب، والمقبرة كل ما قُبر فيه، لا أنه جمْع قبر، وقال أصحابنا: وكل ما دخل في اسم المقبرة ممّا حول القبور لا يصلى فيه، فهذا يعين أنّ المنع يكون متناولاً لحرمة القبر المنفرد وفنائه
(1) أخرجه البخاري: 434، ومسلم: 528
(2)
انظر للمزيد والتفصيل "تحذير الساجد"(ص 21).
(3)
ويردّ على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تصلوا إِلى قبر ولا تصلوا على قبر" أخرجه الطبراني في "الكبير" وغيره، وانظر "الصحيحة"(1016).