الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلمّا قضينا الصلاة؟ قال لي عمرو: الذي صنعتَ آنفاً ممّن سمعتَه؟ قلتُ: من مجاهد. قال: قد رأيتُ ابن الزّبير فعَله. أخرجه ابن أبي شيبة أيضاً، وسنده صحيح".
والخلاصة أنَّ ركوع المأموم قبل رفْع الإِمام رأسه ثمَّ دخوله في الصف من السنّة لعمل كبار الصحابة وخطبة ابن الزبير بحديثه على المنبر في أكبر جمْع يخطب عليهم في المسجد الحرام، وإعلانه أنَّ ذلك من السنّة؛ دون أن يعارضه أحد (1)، وأنَّ النهي في الحديث السابق إِنّما يتضمّن الإِسراع، وبه يقول الإِمام أحمد رحمه الله فقد قال أبو داود في "مسائله" (ص 35):"سمعت أحمد سئل عن رجل ركع دون الصف، ثمَّ مشى حتى دخل الصف، وقد رفع الإِمام قبل أن ينتهي إِلى الصف؟ قال: تجزئه ركعة، وإنْ صلّى خلف الصف وحده أعاد الصلاة"(2).
وبه يقول ابن خزيمة فقد قال في "صحيحه": (باب الرخصة في ركوع المأموم قبل اتصاله بالصف، ودبيبه راكعاً حتى يتصل بالصفّ في ركوعه). والله تعالى أعلم.
صلاة المنفرد خلف الصف:
وما تقدّم من دبيب المأموم راكعاً، ثمَّ دخوله في الصف؛ أمرٌ غير صلاة المنفرد خلف الصف، فقد نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يصلّي الرجل خلف الصفّ وحده.
(1) انظر "الصحيحة"(1/ 459) -إِن شئت للمزيد من التفصيل-.
(2)
عن "تمام المنّة"(ص 285).
فعن وابصة " أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلّي خلف الصفّ وحده، فأمَره أن يعيد الصلاة"(1).
وعن علي بن شيبان -وكان من الوفد- قال: "خرجنا حتى قدمنا على النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فبايعناه. وصلّينا خلفه. ثمَّ صلينا وراءه صلاة أخرى، فقضى الصلاة، فرأى رجلاً فرداً يصلّي خلف الصف، قال: فوقف عليه نبيّ الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف قال: "اسْتَقْبِلْ صلاتك؛ لا صلاة للذي خلف الصفّ""(2).
قال شيخنا -حفظه الله تعالى- في "الإِرواء"(2/ 329): "وجملة القول أن أمْره صلى الله عليه وسلم الرجل بإِعادة الصلاة، وأنَه لا صلاة لمن يصلّي خلف الصف وحده، صحيح ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من طُرُق.
وأمّا أمْره صلى الله عليه وسلم الرجل بأن يجرّ رجلاً من الصف لينضمّ إِليه؛ فلا يصحّ عنه صلى الله عليه وسلم
…
".
وقال شيخنا -حفظه الله-: "إِذا لم يستطع الرجل أن ينضمّ إِلى الصفّ، فصلّى وحده، فهل تصحّ صلاته، الأرجح الصحة، والأمر بالإِعادة محمول على من لم يستطع القيام بواجب الانضمام.
وبهذا قال شيخ الإِسلام ابن تيمية كما بيّنته في "الأحاديث الضعيفة" المائة العاشرة".
(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(633) والترمذي والطحاوي وغيرهم، وانظر "الإرواء"(541).
(2)
أخرجه أحمد وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(822) والطحاوى وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم، وانظر "الإِرواء" تحت الحديث (541).