الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التطوع قبل الجمعة وبعدها:
عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل، ثمَّ أتى الجمعة، فصلّى ما قُدِّر له، ثمَّ أنصت حتى يفرغ من خطبته. ثمَّ يُصلّي معه، غُفِر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام"(1).
فقوله صلى الله عليه وسلم: "فصلّى ما قُدِّر له" يُفهم جواز التنفّل من غير حصر، حتى يحضر الإِمام. أمّا ما يسمّى بسنّة الجمعة القبلية فلا أصل له ألبته.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: "أمّا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فإِنَّه لم يكن يصلّي قبل الجمعة بعد الأذان شيئاً، ولا نقَل هذا عنه أحد، فإِنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان لا يُؤذَّن على عهده إلَاّ إِذا قعد على المنبر، ويؤذِّن بلال، ثمَّ يخطب النّبيّ صلى الله عليه وسلم الخطبتين، ثمَّ يقيم بلال فيصلّي النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالناس، فما كان يمكن أن يصلّي بعد الأذان، لا هو ولا أحد من المسلمين الذين يصلّون معه صلى الله عليه وسلم، ولا نقَل عنه أحد أنَّه صلى في بيته قبل الخروج يوم الجمعة، ولا وقَّتَ بقوله: صلاة مقدّرة قبل الجمعة، بل ألفاظه صلى الله عليه وسلم فيها الترغيب في الصلاة إِذا قدم الرجل المسجد يوم الجمعة؛ من غير توقيت. كقوله: "من بكّر وابتكر ومشى ولم يركب، وصلّى ما كُتب له" (2).
وهذا هو المأثور عن الصحابة، كانوا إِذا أتوا المسجد يوم الجمعة، يُصلّون من حين يدخلون ما تيسر، فمنهم من يصلّي عشر ركعات، ومنهم من يصلّي اثنتي عشر ركعة، ومنهم من يصلّي ثمان ركعات، ومنهم من يصلّي
(1) أخرجه مسلم: 857، وتقدّم.
(2)
انظر "صحيح الترغيب والترهيب"(687 و685)، بلفظ:"فيركع ما بدا له".
أقل من ذلك. ولهذا كان جماهير الأئمة متّفقين على أنّه ليس قبل الجمعة سنّة مؤقتة بوقت، مقدرة بعدد، لأنَّ ذلك إِنّما يثبت بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو فِعله. وهو لم يسنّ في ذلك شيئاً لا بقوله ولا فعله، وهذا مذهب مالك، ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه، وهو المشهور في مذهب أحمد.
وذهب طائفة من العلماء إِلى أنّ قبلها سنّة، فمنهم من جعلها ركعتين، كما قاله طائفة من أصحاب الشافعي، وأحمد ومنهم من جعلها أربعاً، كما نقل عن أصحاب أبي حنيفة، وطائفة من أصحاب أحمد وقد نُقِل عن الإمام أحمد ما استدلّ به على ذلك، وهؤلاء منهم من يحتجّ بحديث ضعيف
…
ثمَّ أجاب على ذلك
…
" (1).
وقال ابن القيّم في "زاد المعاد"(1/ 432): "
…
فإِنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يخرج من بيته، فإِذا رَقِي المنبر، أخذ بلال في أذان الجمعة، فإِذا أكمله، أخذ النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الخطبة من غير فصل، وهذا كان رأي عين، فمتى كانوا يُصلّون السُّنّة؟! ومن ظن أنهم كانوا إِذا فرغ بلال رضي الله عنه من الأذان، قاموا كلُّهم، فركعوا ركعتين، فهو أجهلُ الناس بالسنّة".
وأمّا بعدها فله أن يصلّي أربعاً أو اثنتين؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان منكم مصليّاً بعد الجمعة فليصلِّ
(1)"الفتاوى"(24/ 188) ونقلَه السيد سابق في "فقه السنّة"(1/ 315 - 316).