الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سمع الله لمن حمده ربّنا ولك الحمد، وانظر "صحيح البخاري"(735).
كيف يهوي إِلى السجود
كيفية الهوي إِلى السجود من المسائل الخلافية عند العلماء، فمِن قائل بوضْع الركبتين قبل اليدين، ومِن قائل بوضع اليدين قبل الركبتين.
واستدلّ أهل العلم على الأوّل بحديث شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه.
وقد بيَّن شيخنا في "تمام المِنّة"(ص 194) وجْه تضعيف الحديث من الناحية الحديثية والفقهية:
أمّا الحديثية: فإِنَّ شريكاً وهو -ابن عبد الله القاضي- ضعيف سيء الحفظ فلا يُحتجّ به إِذا انفرد، فكيف إِذا خالف؟
وذكَر قول الحافظ في "بلوغ المرام": "إِنَّ حديث أبي هريرة [الذي ينص على وضْع اليدين قبل الركبتين] أقوى من حديث وائل وقال: وذَكر نحوه عبد الحقّ الإِشبيلي".
ويرى ابن القيّم رحمه الله أنَّ الحديث انقلب على الراوي وأنَّ أصله "وليضع ركبتيه قبل يديه".
قال شيخنا في "تمام المنة"(ص194 - 195): "وإنّما حمَله على هذا، زعْم آخر له، وهو قوله: "إِنَّ البعير يضع يديه قبل ركبتيه"، قال: "فمقتضى النهي عن البروك كبروك البعير؛ أن يضع المصلّي ركبتيه قبل
يديه! ".
وسبب هذا كله أنَّه خفي عليه ما ذكَره علماء اللغة كالفيروزآبادي وغيره: "أنّ ركبتي البعير في يديه الأماميّتين".
ولذلك قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 150): "إِنّ البعير ركبتاه في يديه، وكذلك في سائر البهائم، وبنو آدم ليسو كذلك، فقال: لا يبرك على ركبتيه اللتين في رجليه كما يبرك البعير على ركبتيه اللتين في يديه، ولكن يبدأ فيضع أولاً يديه اللتين ليس فيهما ركبتاه، ثمَّ يضع ركبتيه، فيكون ما يفعل في ذلك بخلاف ما يفعل البعير"(1).
واستدلَّ أهل العلم على القول الثاني بما ثبت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه "كان يضع يديه على الأرض قبل ركبتيه"(2).
واستدلوا أيضاً بأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك وقوله: "إِذا سجَد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه"(3). وهذا قول أصحاب الحديث.
وجاء في "صحيح البخاري""كتاب الأذان" (باب يهوي بالتكبير حين
(1) قلت: وهذا هو تحرير المقام وفصْل الخِطاب وبالله التوفيق.
(2)
أخرجه ابن خزيمة والدارقطني، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وما عارضه من الحديث لا يصح، وقد قال به مالك، وعن أحمد نحوه كما في "التحقيق" لابن الجوزي، وقد روى المروزي في "مسائله" بسند صحيح عن الإمام الأوزاعي قال:"أدركْتُ الناس يضعون أيديهم قبل رُكَبهم".
(3)
أخرجه البخاري في "التاريخ" وأبو داود "صحيح سنن أبي داود"(746)، وانظر "الإرواء"(2/ 78)، و"صفة الصلاة"(ص 140).