الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
ولا يجافي مرفقه عن جنبه فقد "كان صلى الله عليه وسلم يضع حدّ (1) مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى".
4 -
ولا يعتمد على اليد اليسرى، فإِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى رجلاً وهو جالس معتمد على يده اليسرى في الصلاة فقال:"إِنها صلاة اليهود"(2).
5 -
ويقبض أصابع الكف اليمنى كلّها، ويشير بإِصبعه التي تلي الإِبهام إِلى القبله ويرمي ببصره إِليها، ويضع إِبهامه على إِصبعه الوسطى. فقد "كان صلى الله عليه وسلم يبسط كفه اليسرى على ركبته اليسرى، ويقبض أصابع كفّه اليمنى كلها، ويشير بإِصبعه التي تلي الإِبهام إِلى القبلة، ويرمي ببصره إِليها"(3).
6 -
ويرفع إِصبعه ويحركها ويدعو بها؛ لحديث وائل بن حجر وفيه: "ثمَّ رفع أصبعه، فرأيته يحرّكها يدعو بها"(4).
قال شيخنا: ففيه دليل على أن السنّة أن يستمرّ في الإِشارة وفي تحريكها إِلى السلام. وسئل الإِمام أحمد: هل يشير الرجل بإِصبعه في الصلاة؛ قال: نعم شديداً. ذكره ابن هاني في "مسائله عن الإِمام أحمد"(ص 80).
19 - التشهد الأوّل:
اختلف العلماء في حُكمه فمن قائل بسنّيته، ومن قائل بوجوبه.
(1) أي: نهاية، وقال شيخنا:"وكأنّ المراد أنّه كان لا يجافي مرفقه عن جنبه، وقد صرّح بذلك ابن القيّم في "الزاد"".
(2)
أخرجه البيهقي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.
(3)
أخرجه مسلم: 580 وأبو عوانة وابن خزيمة.
(4)
أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم، وهو حديث صحيح خرجه شيخنا في "الإرواء" تحت الحديث (352).
ففي "صحيح البخاري"(1) تحت (باب من لم يرَ التشهّد الأوّل واجباً لأنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قام من الركعتين ولم يرجع)، ثمَّ ذكر حديث عبد الله بن بُحيْنَةَ:"أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين لم يجلس، فقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاة وانتظَر الناس تسليمه كبَّر وهو جالس، فسجد سجدتين قبل أن يُسلِّم، ثمَّ سلّم".
قال الحافظ: "ووجه الدلالة من حديث الباب، أنَّه لو كان واجباً لرجع إِليه لمّا سبّحوا به؛ بعد أن قام، ويُعرَف منه أنّ قول ناصر الدين بن المنيِّر في الحاشية: لو كان واجباً لسبّحوا به ولم يسارعوا إِلى الموافقة على الترك، غفلة عن الرواية المنصوص فيها على أنهم سبّحوا به.
وقال ابن بطال: والدليل على أنَّ سجود السهو لا ينوب عن الواجب؛ أنَّه لو نسي تكبيرة الإِحرام لم تُجبَر فكذلك التشهد، ولأنَّه ذِكر لا يجهر به بحال، فلم يجب كدعاء الافتتاح، واحتجّ غيره بتقريره صلى الله عليه وسلم الناس على متابعته بعد أن علم أنهم تعمدوا تركه، وفيه نظر.
وممن قال بوجوبه الليث وإسحاق وأحمد في المشهور وهو قول للشافعي، وفي رواية عند الحنفية، واحتج الطبري لوجوبه بأن الصلاة فرضت أولاً ركعتين، وكان التشهد فيها واجباً، فلمّا زيدت لم تكن الزيادة مزيلة لذلك الواجب، وأجيب بأن الزيادة لم تتعيّن في الأخيرتين، بل يُحتمل أن يكونا هما الفرض الأول، والمزيد هما الركعتان الأولتان بتشهدها، ويؤيده استمرار السلام بعد التشهد الأخير كما كان، واحتج أيضاً بأنّ من تعمّد ترك
(1) رقم (829).
الجلوس الأوّل بطلت صلاته، وهذا لا يرد لأنَّ من لا يوجبه لا يبطل الصلاة بتركه".
وتقدّم قول النووي -بغير هذه المناسبة- "ولأنَّ الصلاة مبنيّة على أن لا يفتر عن الذكر في شيء منها
…
".
قال ابن حزم رحمه الله في "المحلّى" بعد أن ذكر جلسة التشهد: وفرْضٌ عليه أن يتشهّد في كلّ جلسة من الجلستين اللتين ذَكرنا.
وقال تحت المسألة (372) رادّاً على من يقول: الجلوس مقدار التشهّد فرض وليس التشهّد فرضاً: "
…
وكل هذه الأقوال خطأ، لأنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمَر بالتشهد في القعود في الصلاة، فصار التشهد فرضاً، وصار القعود الذي لا يكون التشهد إلَاّ فيه فرضاً، إِذ لا يجوز أن يكون غير فرض ما لا يتم الفرض إِلا فيه أو به!
ثمَّ روى بإِسناده إِلى عمر أنَّه قال: "لا صلاة إلَاّ بتشهد، وعن نافع مولى ابن عمر: من لم يتكلم بالتشهد فلا صلاة له؟ وهو قول الشافعي، وأبي سليمان! ".
وقال رادّاً على من يقول: لو كان الجلوس الأوّل فرضاً لما أجزأت الصلاة بتركه إِذا نسيه المرء: "هذا ليس بشيء لأنَّ السنّة التي جاءت بوجوبه هي التي جاءت بأنَّ الصلاة تجزئ بنسيانه [وهذا قويّ وقياس المتعمّد على النّاسي لا يصحّ] وهم يقولون: إِنَّ الجلوس عمداً في موضع القيام في الصلاة حرام؛ تبطل الصلاة بتعمده، ولا تبطل بنسيانه، وكذلك السلام قبل تمام الصلاة ولا فرق".