الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإِنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدْي هدْي محمّد صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور مُحدثاتها، وكلَّ مُحدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالة في النَّار" (1).
قال شيخنا في "تمام المنّة"(ص 335): "وكان أحياناً لا يذكر هذه الآيات الثلاث".
صفة الخطبة وما يُعلّم فيها
(2):
اعلم أنَّ الخطبة المشروعة هي ما كان يعتاده صلى الله عليه وسلم من ترغيب الناس وترهيبهم، فهذا في الحقيقة هو روح الخطبة الذي لأجله شُرِعت.
وأما اشتراط الحمد لله، أو الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قراءة شيء من القرآن فجميعه خارج عن معظم المقصود، من شرعية الخطبة، واتفاق مِثل ذلك في خُطبه صلى الله عليه وسلم، لا يدلّ على أنّه مقصود متحتم، وشرط لازم، ولا يشكّ منصف أنّ معظم المقصود هو الوعظ دون ما يقع قبله من الحمد والصلاة
(1) أخرجه مسلم: 867، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(1331)، وانظر "تمام المنّة"(ص 335)، و"خطبة الحاجة" لشيخنا (ص 10)، وقال شيخنا تعليقاً عليها في "الصحيحة" في مقدّمته النافعة: وهذه الخطبة تُسمّى عند العلماء بخطبة الحاجة، وهي تشرع بين يدي كل خطبة، سواء كانت خطبة جمعة أو عيد أو نكاح أو درس أو محاضرة، ولي رسالة خاصة جمعتُ فيها الأحاديث الواردة فيها وطرقها".
(2)
هذا الموضوع وما يتضمّنه من كتاب "الموعظة الحسنة". ذكَره شيخنا -حفظه الله- مع تعليقاته الطيبة في كتاب "الأجوبة النافعة"(ص 53) وما بعدها -بتصرف يسير-.
عليه صلى الله عليه وسلم. وقد كان عرف العرب المستمر أنّ أحدهم إِذا أراد أن يقوم مقاماً ويقول مقالاً، شرع بالثناء على الله والصلاة على رسوله، وما أحسن هذا وأولاه! ولكن ليس هو المقصود، بل المقصود ما بعده.
والوعظ في خطبة الجمعة هو الذي إِليه يُساق الحديث، فإِذا فَعَله الخطيب فقد فَعل الفِعل المشروع، إِلا أنّه إِذا قدّم الثناء على الله، [والصلاة] على رسوله، أو استطرد في وعظه القوارع القرآنية كان أتمّ وأحسن، وأمّا قصر الوجوب بل الشرطية على الحمد والصلاة، وجعْل الوعظ من الأمور المندوبة فقط، فمِن قلْب الكلام، وإِخراجِه عن الأسلوب الذي تقبّله الأعلام.
والحاصل: أن روح الخطبة هو الموعظة الحسنة، من قرآن أو غيره، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي في خطبته بالحمد لله تعالى (1)، وبالشهادتين، وبسورة كاملة، فعن أمّ هشام بنت حارثة بن النعمان قالت:"ما أخذْتُ {ق والقرآن المجيد} إلَاّ عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يقرؤها كلّ يوم جمعة على المنبر إِذا خطب الناس"(2). والمقصود الموعظة بالقرآن، وإيراد ما يمكن من زواجره؛ وذلك لا يختصّ بسورةٍ كاملة.
فعن يعلى بن أميّة رضي الله عنه قال: "سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ على
(1) قال شيخنا -حفظه الله- في التعليق: "المعروف أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يذكر اسمه الشريف في الشهادة في الخطبة، وأما أنَه كان يأتي بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فمما لا أعرفه في حديث".
(2)
أخرجه مسلم: 872، 873. وتقدّم.
المنبر {ونادوا يا مالك} " (1).
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنّه منذر جيش يقول: صبّحكم ومسّاكم، ويقول: أمّا بعد، فإِنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي (2) هدي محمّد صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة"(3). وفي رواية له: "كانت خطبة النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه، ثمَّ يقول على إِثر ذلك وقد علا صوته".
وفيه دليل على أنّه يستحب للخطيب أن يرفع بالخطبة صوته، ويجزل كلامه، ويأتي بجوامع الكلم من الترغيب والترهيب. ويأتي بقول:(أمّا بعد).
وظاهره أنَّه كان صلى الله عليه وسلم يلازمها في جميع خُطَبه. وذلك بعد الحمد والثناء والتشهد
…
".
وثبت أنّه صلى الله عليه وسلم قال: "كل خطبة ليس فيها تشهُّد (4) فهي كاليد
(1) أخرجه البخاري: 3230، ومسلم: 871
(2)
بضمّ الهاء وفتح الدال فيهما، وبفتح الهاء وإسكان الدال أيضاً
…
قاله النووي (6/ 154).
(3)
أخرجه مسلم: 867
(4)
هي خطبة الحاجة، انظر للمزيد من الفائدة تفصيل شيخنا -عافاه الله وشفاه- في "الصحيحة"(169).