الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما أن الأصولي يتمكن بواسطتها من الردِّ على المخالفين، وأن يقيم منهاج الاستدلال وإقامة الحجة على المعاندين.
وهذه القواعد تمس إليها حاجة المفسِّر لكتاب الله، والشارح لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يعتني بها الباحث في أصول العقيدة والدين؛ لكونها تنمي ملكة الفهم الصحيح، وتولِّد الرشاد في التفكير والاستنباط.
وهي تعين على المقارنة يين المذاهب، وتمد الباحث بمعين لا ينضب في أصول الترجيح ولا بد.
ولا شك أن علم أصول الفقه واستنباط الأحكام هو من أجلِّ علوم أئمة المسلمين، وهو كما قال أبو حامد الغزالي رحمه الله العلم الذي:"ازدوج فيه العقل والسمع، واصطحب فيه الرأي والشرع. . . فإنه يأخذ من صفو الرأي والشرع سواء السبيل"(1).
المطلب الثاني: تعريف القواعد المقاصدية، وبيان أهميتها وصلتها بالقواعد الأصولية:
الفرع الأول: تعريف القواعد المقاصدية:
المقاصد لغةً:
المقاصد: جمع مقصَد -بفتح ما قبل الآخر- إذا أريد المصدر بمعنى القصد.
أما إذا أريد المكان بمعنى جهة القصد، فيكسر ما قبل الآخر، مقصِد.
وقصد لها عدة معانٍ فهي تدل على استقامة الطريق، كما قال تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} [النحل:9].
أي: بيان الطريق المستقيم.
كما تدل على العدل والتوسط، ومنه قوله تعالى:{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} [لقمان: 19].
(1) المستصفى، للغزالي، (ص 4).
وهناك معانٍ أخرى (1).
والأقرب للمراد أن القصد بمعنى: الأَمِّ والتوجه وإتيان الشيء والعزم والنهود والنهوض.
قال صاحب القاموس المحيط (2): القصدُ: الأَمُّ (3).
وقال ابن جني (4) في سر الصناعة: "أصل (ق ص د) ومواقعها في كلام العرب: الاعتزام والتوجه والنهود والنهوض نحو الشيء على اعتدال كان ذلك أو جور"(5).
تعريف المقاصد اصطلاحًا:
المراد بمقاصد الشريعة: الغاية منها، والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها (6).
ومقاصد الشريعة هي ما يقصد الشارع بشرع الحكم، أو هي مراد الحق سبحانه وتعالى من الخلق.
وهو الذي تجليه العقول من نصوص الشرع، فيتداخل مع العلل والأسباب والحكم، مع اختلاف في بعض الشيات، وبخاصة عند من يرى -كالرازي- العللَ مجردَ أمارات وعلامات، وليست حِكَمًا وغاياتٍ (7).
(1) منها: الكسر والانكسار، والاكتناز والكثرة، معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، (5/ 95).
(2)
أبو الطاهر، مجد الدين، محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عمر الفيروز آبادي، اللغوي، الشافعي، العلامة، ولد سنة 729 هـ، وتوفي سنة 817 هـ. بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، والقاموس المحيط، وتنوير المقباس في تفسير ابن عباس، وغير ذلك، بغية الوعاة، للسيوطي، (1/ 273)، شذرات الذهب، لابن العماد، (9/ 186).
(3)
القاموس المحيط، للفيروز آبادي، (1/ 324).
(4)
أبو الفتح، عثمان بن جني النحوي، من أحذق أهل الأدب وأعلمهم بالنحو والتصريف، الموصلي، صاحب التصانيف، من تصانيفه: اللمع والخصائص في النحو، والمذكر والمؤنث، وغير ذلك، توفي سنة 392 هـ. بغية الوعاة، للسيوطي، (2/ 132)، وشذرات الذهب، لابن العماد، (4/ 494).
(5)
تاج العروس، للزبيدي، (9/ 36).
(6)
مقاصد الشريعة، لعلال الفاسي، (ص 7).
(7)
علاقة مقاصد الشريعة بأصول الفقه، د. عبد الله بن بيه، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن، ط 2، 1427 هـ - 2006 م، (ص 14).