الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79].
وجه الدلالة:
لا شك أن إعطابَ السفينة أو إلحاقَ ضررٍ بها ينبغي منعه ودفعه؛ لكونه مضرَّةً ومفسدةً، لكن لما لُوحظ مآلُ هذا الفعلِ من نجاةِ السفينةِ من الملِكِ الظالم كان هذا الإضرارُ محمودًا من جهةِ مآله، ومشروعًا من جهة نتيجته.
4 -
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4].
وجه الدلالة:
قد يجلد من رأى الزنا بعيني رأسه فشهد به من غير أن يأتي عليه بأربعة شهداء، وهذا في ذاته ضررٌ ومفسدةٌ إلَّا أنها لمَّا حفظتِ الأعراضَ ومنعت من إشاعة الفاحشة أو تشويه الشرفاء، فقد جاء هذا الاحتياطُ في عدد الشهود، وإقامة حدِّ القذف على من قذف؛ للمآلِ المرجو من حفظ المجتمع المسلم أن تُستعلَنَ فيه الفاحشةُ، أو تُنتهكَ فيه أعراضُ المؤمنين بالبهتان.
5 -
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [المائدة: 101].
وجه الدلالة:
السؤال وسيلة العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم خيرُ من يُسأل؛ ليبين أحكام الله تعالى، فإذا ترتب على هذا السؤال تشديدٌ على المسلمين بتشريع يوجب أو يمنع فإن السؤال لا يكون مآله محمودًا؛ إذ أعظم المسلمين في المسلمين جُرْمًا من سأل عن شيء فَحُرِّمَ لأجل مسألته، أو وجب لأجل مراجعته، والأصل أن ما سكت عنه الشارعُ الحكيمُ فهو عفوٌ ورحمة منه بعباده.
وقد ذُمَّ السابقون بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم.
ثانيًا: السنة المطهرة:
الأحاديث التي سبقت في قواعد تعارض المصالح والمفاسد وتدافعها، مثل:
1 -
حديث بول الأعرابي في المسجد، ونهيه صلى الله عليه وسلم عن قطع بوله (1)؛ لما يؤول من انتشار النجاسة وحصول النفرة.
2 -
وحديث امتناعه صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين؛ لئلَّا يتحدث الناسُ أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه! (2)، ونحو ذلك.
3 -
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "خيار أئمتكم الذين تُحبونهم ويُحبونكم، وتُصَلُّون عليهم ويُصَلُّون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تُبغضونهم ويُبغضونكم، وتَلعنونهم ويَلعنونكم". قالوا: قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: "لا ما أقاموا فيكمُ الصلاةَ، لا ما أقاموا فيكمُ الصلاةَ، ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية الله، فَلْيَكْرَهْ ما يأتي من معصية الله، ولا يَنْزِعَنْ يدًا من طاعة"(3).
وجه الدلالة:
في الخروج على الظالم مصلحةُ عزله وتوليةُ العدلِ، وإشاعةُ الصلاحِ، وإزالةُ الفسادِ، إلَّا أنه لما يؤول إليه ويفضي من استباحة دماء أهل الإسلام، وحصول الفتن في مجتمعات المسلمين، وغيرِ ذلك من أسبابٍ- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الأئمة، وعدمِ منابذتِهم أو الخروجِ عليهم.
4 -
عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "ليس الكذاب الذي يُصلح بين الناس، ويقول خيرًا وينمي خيرًا". وقالت: لم أسمعْهُ
(1) سبق تخريجه.
(2)
أخرجه: البخاري، كتاب المناقب، باب: ما ينهى من دعوة الجاهلية، (3518)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب: نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا (2584)، من حديث جابر رضي الله عنه، وفيه قصة.
(3)
أخرجه: مسلم، كتاب الإمارة، باب: خيار الأئمة وشرارهم، (1855).