المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: علاقة الحكم الشرعي بمحال ثبوته: - فقه النوازل للأقليات المسلمة - جـ ١

[محمد يسري إبراهيم]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةوَزَارَةُ الأَوْقَافِ والشُؤُوْن الإِسلَامِيَّةِ

- ‌المقَدّمَة

- ‌البَابُ الأَوّلُمفهوم نوازل الأقليات المسلمة

- ‌الفْصَلُ الْأَوَّلُفقه النوازل للأقليات المسلمة وأهميته

- ‌المبحث الأول تعريف فقه النوازل

- ‌المطلب الأول: تعريف مفرداته ولقبه العلمي والألفاظ ذات الصلة:

- ‌الفرع الأول: تعريف الفقه لغة واصطلاحًا:

- ‌الفرع الثانى: تعريف النوازل لغةً واصطلاحًا:

- ‌الفرع الثالث: الألفاظ القريبة وذات الصلة بلفظ النوازل:

- ‌1 - الحوادث:

- ‌2 - الواقعات أو الوقائع:

- ‌3 - الأقضية والأحكام:

- ‌4 - الفتاوي:

- ‌5 - الأسئلة والسؤالات والمسائل:

- ‌6 - المستجدات (المستحدثات):

- ‌المطلب الثاني: نشأته والدراسات السابقة:

- ‌أولًا: كتب النوازل باعتبار المذاهب الفقهية:

- ‌المذهب الحنفي:

- ‌المذهب المالكي:

- ‌المذهب الشافعي:

- ‌المذهب الحنبلي:

- ‌الفتاوي الجماعية:

- ‌ثانيًا: كتب النوازل باعتبار منهج الجمع والتصنيف:

- ‌كتب الفتاوي العامة:

- ‌كتب الفتاوي الخاصة:

- ‌كتب الفتاوي الشخصية:

- ‌المبحث الثانيثمرة دراسة فقه النوازل وأهميته

- ‌المطلب الأول: ثمرته بالنسبة للشريعة والفقه الإسلامي:

- ‌المطلب الثاني: ثمرته بالنسبة للمجتمع الإسلامي:

- ‌المطلب الثالث: ثمرته بالنسبة للفقيه المجتهد:

- ‌المبحث الثالثمفهوم نوازل الأقليات

- ‌المطلب الأول: تعريف الأقليات المسلمة:

- ‌الأقليات شرعًا:

- ‌الأقليات اصطلاحًا:

- ‌وقد وردت عدة تعريفات لهذا المصطلح، منها:

- ‌الخلفية التاريخية لهذا المصطلح:

- ‌المطلب الثاني: مفهوم نوازل الأقليات المسلمة:

- ‌الفْصَلُ الثَانِيواقع الأقليات المسلمة

- ‌المبحث الأولنشأة الأقليات المسلمة وتاريخها

- ‌1 - الأقليات المسلمة المستضعفة:

- ‌2 - الأقليات المكافحة:

- ‌3 - الأقليات الممكَّنة:

- ‌المبحث الثانيالواقع الإحصائي للأقليات المسلمة

- ‌المطلب الأول: الاختلاف في تقدير أعداد الأقليات:

- ‌المطلب الثاني: تقديرات عن أعداد الأقليات المسلمة في العالم:

- ‌المبحث الثالثخصائص الأقليات المسلمة

- ‌المبحث الرابعمشكلات الأقليات المسلمة

- ‌المطلب الأول: المشكلات الدينية:

- ‌الفرع الأول: الأقليات المسلمة تحت حكم صليبي:

- ‌الفرع الثاني: الأقليات المسلمة تحت حكم الوثنيين:

- ‌الفرع الثالث: الأقليات المسلمة تحت الحكم الشيوعي:

- ‌المطلب الثاني: المشكلات الاجتماعية ومسائل الأحوال الشخصية:

- ‌الفرع الأول: المشكلات الاجتماعية:

- ‌الفرع الثاني: مشكلات الأحوال الشخصية:

- ‌المطلب الثالث: المشكلات اللغوية والتعليمية:

- ‌المطلب الرابع: المشكلات السياسية:

- ‌المطلب الخامس: المشكلات الاقتصادية والمالية:

- ‌البَابُ الثَانِيالتأصيل الفقهي لنوازل الأقليات المسلمة

- ‌الفْصَل الْأَوَّلُالأحكام الشرعيةبين الثبات والتغير

- ‌المبحث الأولخصائص الشريعة الإسلامية

- ‌المطلب الأول: الربانية:

- ‌المطلب الثاني: الثبات والديمومة مع المرونة:

- ‌المطلب الثالث: شمولها لجميع شئون الحياة:

- ‌المطلب الرابع: اتزانها من كل وجه:

- ‌المطلب الخامس: حفظها بحفظ الله:

- ‌المطلب السادس: صلاحيتها لكل زمان ومكان:

- ‌المبحث الثانيالثبات والتغير في الأحكام الشرعية

- ‌المطلب الأول: علاقة الحكم الشرعي بمحالِّ ثبوته:

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على اعتبار الثبات في الأحكام الشرعية:

- ‌المطلب الثالث: أنواع الأحكام الشرعية من حيث الثبات والتغير:

- ‌المطلب الرابع: تعريف تغير الفُتيا والاجتهاد والفرق بينه وبين النسخ:

- ‌المبحث الثالثأسباب تغير الفُتيا والأحكامالفقهية الاجتهادية

- ‌المطلب الأول: الأسباب الذاتية لتغير الفتيا والأحكام الفقهية الاجتهادية:

- ‌المطلب الثاني: الأسباب الخارجية لتغير الفتيا والأحكام الاجتهادية في الشريعة الإسلامية:

- ‌الفرع الأول: فساد الزمان وتغيره:

- ‌النوع الأول: ما يتعلق بالولاية العامة من أحكام:

- ‌النوع الثاني: تحديد الحريات للمصلحة:

- ‌النوع الثالث: قبول شهادة الأمثل فالأمثل:

- ‌النوع الرابع: تكثير العقوبات وتغليظها أو تخفيفها:

- ‌النوع الخامس: تبدل الفتيا وتغيرها تغليظًا وتخفيفًا:

- ‌النوع السادس: ترجيح واعتماد آراء بعض المذاهب:

- ‌الفرع الثاني: اختلاف المكان:

- ‌النوع الأول: رعاية حرمة المكان:

- ‌النوع الثاني: أثر البيئة الجغرافية في تغير الأحكام:

- ‌النوع الثالث: أثر اختلاف الديار في الأحكام:

- ‌الفرع الثالث: اختلاف أحوال المكلفين ومقاصدهم:

- ‌الفرع الرابع: العلوم والتقنية المعاصرة:

- ‌الفرع الخامس: تغير الأعيان واستحالتها:

- ‌الفَصلُ الثَانِيأهمية التأصيل لفقه النوازل للأقليات وخصائصه ومقاصده

- ‌المبحث الأولأهمية التأصيل لفقه نوازل الأقليات وحكمه

- ‌المطلب الأول: أهمية التأصيل لفقه نوازل الأقليات المسلمة:

- ‌أولًا: حفظ كيان الأقليات المسلمة:

- ‌ثانيًا: إقامة الدين بين الأقليات المسلمة:

- ‌ثالثًا: وقوع الاضطراب في كثير من المواقف والأحكام المتعلقة بالأقليات:

- ‌رابعًا: تجديد الدين بعامة:

- ‌المطلب الثاني: حكم الاشتغال بنوازل الأقليات المسلمة:

- ‌الفرع الأول: معنى الاجتهاد:

- ‌الفرع الثاني: حكم الاجتهاد ومجالاته:

- ‌الفرع الثالث: حكم الاجتهاد في نوازل الأقليات:

- ‌المبحث الثانيأسباب وخصائص نوازل الأقليات المسلمة

- ‌أولًا: الإقامة في غير ديار الإسلام:

- ‌ثانيًا: التقدم العلمي والتقني:

- ‌ثالثًا: الحرب الفكرية والثقافية والعسكرية ضد الإسلام وأهله:

- ‌رابعًا: ضعف أوضاع الأقليات المسلمة:

- ‌المبحث الثالثالمقاصد الشرعية لفقه نوازل الأقليات المسلمة

- ‌أولًا: إقامة الدين بين الأقليات المسلمة:

- ‌ثانيًا: تبليغ رسالة الإسلام والدعوة إلى الله:

- ‌ثالثًا: التيسير ورفع الحرج:

- ‌رابعًا: التأصيل لفقه الجماعة في حياة الأقلية:

- ‌خامسًا: تجاوز فقه الترخيص إلى فقه العزائم:

- ‌الفَصل الثَالِثُالأصول والقواعد الحاكمة لفقه نوازل الأقليات

- ‌المبحث الأولالقواعد الأصولية والمقاصدية والفقهية والفرق بينهما

- ‌المطلب الأول: تعريف القواعد الأصولية وبيان أهميتها:

- ‌تعريف القواعد لغة واصطلاحًا:

- ‌القاعدة اصطلاحًا:

- ‌تعريف الأصول لغة واصطلاحًا:

- ‌أهمية القواعد الأصولية:

- ‌المطلب الثاني: تعريف القواعد المقاصدية، وبيان أهميتها وصلتها بالقواعد الأصولية:

- ‌الفرع الأول: تعريف القواعد المقاصدية:

- ‌الفرع الثاني: أهمية القواعد المقاصدية:

- ‌الفرع الثالث: صلة القواعد المقاصدية يالقواعد الأصولية:

- ‌أولًا: من حيث العموم والخصوص:

- ‌ثانيًا: من حيث مصدرها ودليلها:

- ‌المطلب الثالث: تعريف القواعد الفقهية وبيان أهميتها:

- ‌المطلب الرابع: بين القاعدة الأصولية والقاعدة الفقهية:

- ‌المبحث الثانيالقواعد المتعلقة بالاجتهاد

- ‌المطلب الأول: تعريف الاجتهاد وبيان صلته بالإفتاء:

- ‌الفرع الأول: معنى الاجتهاد لغة واصطلاحًا:

- ‌المسلك الأول: من حيث تكييف الاجتهاد، وهذا يتفرع إلى منحيين:

- ‌المنحى الأول: اعتبار الاجتهاد فعل المجتهد:

- ‌المنحى الثاني: اعتبار الاجتهاد صفة للمجتهد:

- ‌المسلك الثاني: وفيه بني التعريف على قيود مذكورة:

- ‌الفرع الثاني: العلاقة بين الفُتيا والاجتهاد:

- ‌المطلب الثاني: القواعد الأصولية والمقاصدية المتعلقة بالاجتهاد:

- ‌القاعدة الأولى: الشريعة بحسب المكلفين كلية عامة

- ‌القاعدة الثانية: الاجتهاد المحقق لشروطه معتبر شرعًا:

- ‌القاعدة الثالثة: ليس على المجتهد التقيد بالمذاهب الفقهية الأربعة أو قول الجمهور:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌دليل القاعدة:

- ‌الترجيح:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الرابعة: على المجتهد الجمع بيّن فقه النص والواقع:

- ‌المعنى العام للقاعدة وأدلتها:

- ‌أولًا: العلم بالنص الشرعي:

- ‌1 - النصوص وحي الله تعالى:

- ‌2 - النصوص محفوظة بحفظ الله:

- ‌3 - النصوص حجة الله على خلقه:

- ‌4 - النصوص طريق العلم ومعرفة الحكم:

- ‌5 - النصوص واجبة الاتباع:

- ‌6 - النصوص واجبة التسليم:

- ‌7 - النصوص تقدم على الرأي وكل فتيا مخالفة:

- ‌8 - النصوص وافية وشاملة لجميع الدين أصوله وفروعه:

- ‌9 - النصوص واضحة المعاني ظاهرة المراد:

- ‌10 - النصوص إذا وجدت سقط الاجتهاد:

- ‌ثانيًا: العلم بالحال الواقعي:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المطلب الثالث: القواعد الفقهية المتعلقة بالاجتهاد:

- ‌قاعدة: لا مساغ للاجتهاد فى موارد النص

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: أقوال الصحابة:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌رابعًا: الإجماع:

- ‌خامسًا: المعقول:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المبحث الثالثالقواعد المتعلقة بالرخص والمشقات

- ‌المطلب الأول: القواعد الأصولية والمقاصدية:

- ‌القاعدة الأولى: الشريعة مبناها على رفع الحرج:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌رابعًا: المعقول:

- ‌شروط القاعدة:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الثانية: الرخصُ فيما لا يُصْبَرُ عليه من المشاق مطلوبة، وفي المقدور عليه عزيمة أو مباح

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الثالثة: طلب التخفيف بوجه غير شرعي باطل

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌رابعًا: المعقول:

- ‌صور من طلب التخفيف بوجه غير شرعي:

- ‌أولًا: إتباع الحيل المحرمة:

- ‌معنى الحيل:

- ‌الحيل المشروعة:

- ‌ثانيًا: تَتَبُّعُ الرُّخص:

- ‌أولًا: المانعون مطلقًا:

- ‌ثانيًا: المجيزون بشروط:

- ‌ثالثًا: المجيزون مطلقًا:

- ‌الترجيح:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المطلب الثاني: القواعد الفقهية:

- ‌القاعدة الأولى: المشقة تجلب التيسير

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌الأدلة على القاعدة:

- ‌أولاً: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌الإجماع:

- ‌الأدلة العقلية:

- ‌ضوابط التيسير:

- ‌الضابط الرابع: استناد التيسير إلى دليل:

- ‌الضابط الخامس: ترك تتبع الرخص والزلات:

- ‌الضابط السادس: عدم ترتب مفسدة على التيسير عاجلاً أو آجلاً:

- ‌الضابط السابع: مراعاة حال المستفتي:

- ‌القواعد الأصولية المرتبطة بقاعدة المشقة تجلب التيسير:

- ‌القاعدة الأولى: المصلحة المرسلة:

- ‌القاعدة الثانية: الاستحسان:

- ‌القاعدة الثالثة: الترجيح بدفع المشقة:

- ‌القاعدة الرابعة: عموم البلوى:

- ‌معنى القاعدة:

- ‌أسباب عموم البلوى، وأمثلة على كل سبب:

- ‌صلة عموم البلوى بقاعدة المشقة تجلب التيسير:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: السنة المطهرة:

- ‌ثانيًا: المأثور عن الصحابة والتابعين:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الثانية: الإسلام يَجُبُّ ما قبله:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الثالثة: التوبة النصوح تجب ما قبلها:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة: دل على هذه القاعدة القرآن الكريم، والسنة المطهرة

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌تطبيقات في حياة الأقليات:

- ‌المبحث الرابعالقواعد المتعلقة بالضرورات والحاجات

- ‌المطلب الأول: القواعد الأصولية والمقاصدية المتعلقة بالضرورات والحاجات:

- ‌القاعدة الأولى: الشريعة مبنية على المحافظة على الضرورات الخمس

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثاً: الإجماع:

- ‌الضوابط الفارقة بين الضروريات والحاجيات والتحسينيات:

- ‌ضوابط الضرورة الشرعية وتطبيقات في حياة الأقليات:

- ‌الضابط الأول: رجحان وقوع الضرر الفادح حالًا أو مآلًا:

- ‌الضابط الثاني: تحقق فقد الوسائل المشروعة في دفع الضرورة:

- ‌الضابط الثالث: الاقتصار في ارتكاب المحظور على أدنى قدر لرفع الضرورة:

- ‌الضابط الرابع: الاقتصار في ارتكاب المحظور على زمن بقاء الضرورة:

- ‌الضابط الخامس: ألا يترتب على ارتكاب المحظور وقوع مثله أو أكبر:

- ‌القاعدة الثانية: الإباحة المنسوبة للضرورة، الأصل في معناها: رفع الحرج، لا التخيير:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: المعقول:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المطلب الثاني: القواعد الفقهية المتعلقة بالضرورة والحاجة:

- ‌قاعدة: الحاجة تنزل منزل الضرورة:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌بين الحاجة الأصولية والضرورة:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المبحث الخامسالقواعد المتعلقة بالمقاصد

- ‌المطلب الأولى: القواعد الأصولية والمقاصدية المتعلقة بالمقاصد:

- ‌القاعدة الأولى: وضع الشريعة إنما هو لحفظ مقاصدها بإقامة مصالح العباد في العاجل والآجل

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌تعريف العلماء المعاصرين للمقاصد:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌رابعًا: الاستقراء:

- ‌خامسًا: شواهد العقل والحس:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الثانية: المقصدُ الشرعي من وضع الشريعة إخراجُ المكلف عن داعية هواه

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: المعقول:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المطلب الثاني: القواعد الفقهية المتعلقة بالمقاصد:

- ‌قاعدة: الأمور بمقاصدها:

- ‌معنى القاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: السنة المطهرة:

- ‌القواعد المندرجة تحت القاعدة:

- ‌ومن القواعد المستثناة من قاعدة الأمور بمقاصدها:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المبحث السادسالقواعد المتعلقة بالتعارض والترجيح بين المصالح والمفاسد

- ‌المطلب الأول: القواعد الأصولية والمقاصدية

- ‌القاعدة الأولى: عند تعارض المصالح تُقَدَّمُ أولاها وأرجحها:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: القواعد الشرعية:

- ‌القاعدة الثانية: عند تعارض المفاسد تدفع أعظمها فسادًا:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌القاعدة الثالثة: المصلحة إذا كانت هي الغالبة عند مناظرتها مع المفسدة في حكم الاعتياد فهي المقصودة شرعًا، ولتحصيلها وقع الطلب على العباد

- ‌معنى القاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: المعقول:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الرابعة: الذريعة إلى الفساد يجب سدها إذا لم تعارضها مصلحة راجحة

- ‌القاعدة الخامسة: ما حرم سدًّا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة

- ‌المعنى العام للقاعدتين:

- ‌أدلة القاعدتين:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: من السنة المطهرة:

- ‌التطبيقات في حياة الأقليات:

- ‌القاعدة السادسة: إذا تعارض الواجب والمحظور أيهما يقدم

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المطلب الثاني: القواعد الفقهية:

- ‌القاعدة الأولى: إذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع

- ‌القاعدة الثانية: درء المفاسد أولى من جلب المصالح

- ‌المعنى العام للقاعدتين:

- ‌أدلة القاعدتين:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌القواعد من الثالثة إلى السابعة:

- ‌المعنى العام للقواعد:

- ‌أدلة القواعد:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌المبحث السابع القواعد المتعلقة بالمآلات

- ‌المطلب الأول: القواعد الأصولية والمقاصدية

- ‌القاعدة الأولى: النظير في المآلات معتبر مقصود شرعًا:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: أقوال الصحابة وفتاويهم:

- ‌رابعًا: المعقول:

- ‌ضوابط الاجتهاد بالنظر في المآلات:

- ‌تعلق قاعدة المآلات بالقواعد الأصولية والمقاصدية:

- ‌تعلق قاعدة المآلات بالقواعد الفقهية:

- ‌القاعدة الأولى: من استعجل شيئًا قبل أوانه عُوقب بحرمانه

- ‌فمن القرآن الكريم:

- ‌ومن السنة النبوية:

- ‌القاعدة الثانية: ما قارب الشيءَ يُعطَى حُكْمَه:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المبحث الثامن القواعد المتعلقة بالعرف

- ‌القاعدة الأولى: العرف معتبر في التشريع، أو: العادة محكمة

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌شروط اعتبار العرف:

- ‌1 - أن يكون العرف مطَّردًا أو غالبًا:

- ‌2 - أن يكون العرف مقارِنًا أو سابقًا:

- ‌3 - ألَّا يترتب على العمل بالعرف تعطيل نصٍّ ثابت أو معارضة أصلٍ قطعي:

- ‌4 - ألَّا يُعَاَرضَ العرف بتصريحٍ بخلافه:

- ‌5 - أن يكون العرف عامًّا:

- ‌6 - التكرار والشيوع:

- ‌القاعدة الثانية: لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان

- ‌معنى القاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌الضابط الأول: ألَّا يكون تغير العرف مصادمًا للنصوص الشرعية:

- ‌الضابط الثاني: أن يكون التغير موافقًا لمقاصد الشريعة:

- ‌الضابط الثالث: أن يكون التغير معتبرًا شرعًا:

- ‌الضابط الرابع: أن يكون الناظر في التغير من المجتهدين:

- ‌المبحث التاسع القواعد المتعلقة بالولاية والسياسة الشرعية

- ‌القاعدة الأولى: التصرف على الرعية منوط بالمصلحة:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌القاعدة الثانية: يقوم أهل الحل والعقد عند الاقتضاء مقام الإمام ونائبه:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: القواعد الشرعية العامة، وبعض القواعد الفقهية الخاصة:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

الفصل: ‌المطلب الأول: علاقة الحكم الشرعي بمحال ثبوته:

‌المبحث الثاني

الثبات والتغير في الأحكام الشرعية

من بين ما وجهه أعداء الشريعة في العصر الحديث إليها من تهم باطلة أنها جامدة غير متطورة، وهذا الافتراء إنما هو ترديد جاهل لما كتبه غربيون مغرضون، أو تأثر ظاهر بنمط الحياة العلمانية الغربية، التي تفصل بين الدين والدنيا (1).

وبغض النظر عن تلك الافتراءات فإن قضية ثبات أو تغير الأحكام الشرعية تعد واحدة من أخطر القضايا الأصولية وأشدها التباسًا، فتارة يكون الخلاف فيها خلافًا معنويًا ذا دلالات خطيرة، وتطبيقات تنحرف عن الجادة، وتارة يكون الخلاف لفظيًّا لا تترتب عليه ثمرة عملية، وإنما هو خلاف عبارات لاختلاف الاعتبارات؛ الأمر الذي يتأكد معه تحرير النزاع، وفيما يأتي بيان يُعْنَى بدفع الالتباس قبل الترجيح، كما يظهر من المطالب التالية:

‌المطلب الأول: علاقة الحكم الشرعي بمحالِّ ثبوته:

يتعلق الحكم الشرعي بأفعال وتصرفات العباد وما يرتبط بها كما هو ظاهر من تعريفاته المختلفة، مثل قول بعض الأصوليين هو:"خطاب الشرع إذا تعلق بأفعال المكلفين"(2) أو

(1) يراجع في هذه المعنى: نحو ثورة في الفكر الديني، د. محمد النويهي، دار الآداب، بيروت، ط 2، 1983 م، (ص 151)، مجلة المحاماة الشرعية، العدد الأول، (ص 8)، الإسلام وأصول الحكم، لعلي عبد الرازق، وممن تولى الرد عليه د. ضياء الدين الريس في كتاب الإسلام والخلافة، (ص 270) وما بعدها، ومن قبله شيخ الأزهر في زمنه الشيخ محمد الخضر حسين في كتابه نقض الإسلام وأصول الحكم.

(2)

المستصفى، لمحمد بن محمد أبي حامد الغزالي، تحقيق محمد عبد السلام عبد الشافي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1، 1413 هـ (1/ 55)، واعتمده أبو الوليد محمد بن رشد الحفيد في كتابه الضروري =

ص: 173

هو: "خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث هو مكلف"(1)، أو هو:"خطاب الله المتعلق بفعل المكلفين بالاقتضاء أو التخيير"(2)، وقد زاد ابن الحاجب (3)، "أو الوضع" ليدخل الأحكام الوضعية مع التكليفية (4).

فإذا وصف فعل معين أو عين معينة بحِلٍّ أو حرمةٍ فهل هذا الوصف الشرعي (الحكم) كان لخصائص ذاتية من النفع أو الضر ومن المصلحة أو المفسدة، اقتضت هذا التوصيف الشرعي، فيكون الحكم الشرعي عندئذٍ وصفًا ذاتيًّا بالنسبة لمحالِّ ثبوته، أم إنه لا صلة بين التوصيف الشرعي (الحكم) ومحل ثبوته إلا ما يجعله الشرع بينهما من صلة؟

وقد اختلف الأصوليون في هذه المسألة النظرية على قولين يتخرجان على الخلاف في مسألة التحسين والتقبيح العقليين (5)، وقد وقف كلٌّ من الأشاعرة والمعتزلة على طرفي نقيض، وهدَى الله تعالى من شاء إلى الوسط الذي لا غلو فيه ولا تفريط، وفيما يلي بيان المذهبين والترجيح:

= في أصول الفقه، تحقيق: جمال الدين العلوي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1994 م، (ص 41).

(1)

شرح العضد على مختصر ابن الحاجب للإيجي، (2/ 110)، حاشية البناني على شرح جمع الجوامع، (1/ 47 - 49).

(2)

المحصول في علم الأصول، لأبي عبد الله محمد بن عمر، فخر الدين الرازي، تحقيق: د. طه جابر فياض العلواني، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ط 1، 1400 هـ (1/ 107)، ونسبه التفتازاني في التلويح على التوضيح، (1/ 22) لأبي الحسن الأشعري.

(3)

أبو عمرو، جمال الدين، عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس ابن الحاجب، الشيخ الإمام العلامة المقرئ الأصولي الفقيه النحوي، تفقه على مذهب الإمام مالك، من مصنفاته: مقدمة وجيزة في النحو، ومنتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل، ولد سنة 570 هـ، وتوفي سنة 646 هـ. سير أعلام النبلاء، للذهبي، (23/ 565)، وفيات الأعيان، لابن خلكان، (3/ 248).

(4)

مختصر المنتهى، لابن الحاجب، (1/ 282 - 283).

(5)

وقد أفردت رسائل علمية قيمة في هذه المسألة في القديم والحديث، فمن ذلك: كتاب نجم الدين الطوفي الحنبلي "درء القول القبيح بالتحسين والتقبيح"، ومن الحديث رسالة دكتوراه بعنوان "التحسين والتقبيح العقليان وأثرهما في مسائل أصول الفقه"، د. عايض الشهراني، نوقشت في قسم أصول الفقه، بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود، بالسعودية، وقد طبعت بدار كنوز إشبيليا، ط 1، 1429 هـ.

ص: 174

المذهب الأول:

التحليل والتحريم صفات عَرَضِيَّة تعرض لمتعلَّقاتها من الأعيان، أو الأفعال بدلالة خطاب الشرع فحسب، ولا ارتباط بين الحكم والصفات الذاتية في متعلَّقه الذي يقوم به، إلا أن الخطاب الشرعي ربط بينهما ابتداءً لغير معنى يعقل، فلا يعتبر في تحريم الخمر ما يتعلق بذاتها من صفة الخمرية وإحداث السكر؛ إذ الحكم لا يتعلق بالأعيان لخصائصها الذاتية أو الملازمة، بل معنى هذا التحريم نسبة الخمر إلى اجتناب الشرب وعدم التناول فحسب.

ويعتبرون أن قولنا: الخمر محرمة تجوُّز؛ لأنها جماد لا يتعلق بها خطاب، وإنما المحرم تناولها، أو المقول فيه: لا تفعلوا، كما أن الواجب المقول فيه: لا تتركوا (1).

وهذا مذهب جمهور المتكلمين من الأصوليين (2) وبعض أصوليي الحنفية (3).

المذهب الثاني:

التحليل والتحريم قد يتعلقان بالأفعال والأعيان لخصائص ذاتية، أو ملازمة تناسب الحكم وتصلح له، فإن كانت الأعيان والتصرفات بها من الفساد أو الضرر اقتضت حكمته تعالى ورحمته بعباده التحريم، وإن كانت تتضمن خصائص النفع والصلاح اقتضت رحمته تعالى الإباحة، ولا يمنع أن تكون صفات عرضية إضافية تقتضي الأحكام الشرعية، ولا سبيل لإدراكها من غير طريق النصوص الشرعية، بل ولا يثبت الحكم الشرعي في هذه الأعيان أو

(1) المنخول من تعليقات الأصول، لأبي حامد الغزالي، تحقيق: محمد حسن هيتو، دار الفكر دمشق، ط 2، 1400 هـ - 1980 م، (ص 7).

(2)

البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني، تحقيق: عبد العظيم محمود الديب، دار الوفاء، المنصورة، مصر، ط 4، 1418 هـ (1/ 79)، المستصفى، للغزالي، (ص 58).

(3)

أصول السرخسي، لأبي بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، تحقيق: أبي الوفاء الأفغاني، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1414 هـ - 1993 م، (1/ 195)، كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي، لعلاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري، تحقيق: عبد الله محمود محمد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1418 هـ - 1997 م، (1/ 391).

ص: 175

الذوات إلا من جهة النصوص.

وهذا مذهب أكثر أصوليي الحنفية وبعض الحنابلة (1).

ويلاحظ أن المعتزلة بالغوا في وظيفة العقل حتى جعلوه مصدرًا للتشريع، متقدمًا على النقل، وقد جانبوا الصواب حين قصروا الأوصاف المقتضية للأحكام على الأوصاف الذاتية فقط (2).

وأما الأشاعرة فكان مذهبهم بمثابة رد فعلٍ لمذهب المعتزلة، وذلك حين نفوا العلاقة بين الحكم الشرعي والخصائص الذاتية والملازمة.

ثم إنهم عادوا فتناقضوا حين قالوا: إن الأحكام الشرعية معلَّلة، وذكروا الحِكَم المرتبطة بها عند الدخول في مسائل الفقه (3).

وقد وقع هذا الاضطراب عند الرازي (4)، والعز ابن عبد السلام وغيرهما.

يقول العز ابن عبد السلام رحمه الله-معتمدًا مذهب جمهور الأصوليين-: "وليس

(1) المعتمد في أصول الفقه، لأبي الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري، تحقيق: خليل الميس، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1 (1403)، (2/ 201)، وآراء المعتزلة الأصولية، لعلي بن سعد الضويحي، مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1415 هـ، (ص 190) وما بعدها، ميزان الأصول، للسمرقندي، (ص 290)، تيسير التحرير، لأمير باد شاه، (1/ 172)، المغني في أصول الفقه، لجلال الدين أبي محمد عمر بن محمد بن عمر الخبازي، تحقيق: محمد مظهر بقا، مركز البحث العلمي وإحياء التراث بجامعة أم القرى، ط 1 (1403)، (ص 60)، وسلم الوصول للمطيعي، (1/ 85).

(2)

مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (11/ 354)، إعلام الموقعين، لابن القيم، (2/ 12).

(3)

الإبهاج في شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول، لعلي بن عبد الكافي السبكي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1404 هـ، (3/ 40 - 41).

(4)

أبو عبد الله، فخر الدين، محمد عمر بن الحسين بن الحسن الرازي الطبرستاني، ولد سنة (544 هـ)، قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء: العلامة الكبير ذو الفنون، الأصولي المفسر، كبير الأذكياء والحكماء والمصنفين، له مصنفات كثيرة منها: التفسير الكبير، المحصول في علم الأصول، المطالب في الحكمة، ولد سنة 544 هـ، وتوفي 606 هـ. سير أعلام النبلاء، (21/ 500)، وفيات الأعيان، لابن خلكان، (4/ 248).

ص: 176

وصف الأفعال بالتحليل والتحريم والكراهة والندب والإيجاب وصفًا حقيقيًّا قائمًا بالأفعال؛ إذ لا يقوم عَرَض بعَرَض، ولا يقع التكليف إلا بالأعراض، وإنما هو عبارة عن تعلق خطاب الشرع بالأفعال" (1)، ثم يعود فيقرر مذهب الحنفية الأصولي فيقول: "أسباب التحريم والتحليل ضربان: أحدهما: قائم بالمحل الذي يتعلق به فعل المكلف، والثاني: خارج عن المحل، فأما القائم بالمحل من أسباب التحريم فهو كل صفة قائمة في المحل موجبة للتحريم، كصفة الخمر فإنها محرمة لما قام بشربها من الشدة المطربة المفسدة للعقول، وكالميتة حرمت لا قام بها من الاستقذار" (2).

الترجيح:

إن كان من ترجيح بين هذين المذهبين اللذين توسع الأصوليون في عرضهما وبيان أدلتهما والإيرادات وما تندفع به ونحو ذلك، فإنه يترجح مذهب القائلين بتعلق الحكم الشرعي بالأعيان والتصرفات لخصائص ذاتية أو ملازمة، تناسب الحكم وتصلح له؛ ذلك أن الأدلَّة مصرحة بهذا أتم تصريح، ومبينة له أوضح بيان، فإن الله تعالى ما حرم الزنا لحسنه، ولا لانعدام صفة القبح فيه، بل رتب الله تحريمه على تحقق معنى الفاحشة فيه، وسوء سبيله وسبيل من سلكه.

قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32].

والله تعالى يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فيأمر بالعدل والإحسان، ولا يأمر بالفحشاء، والعدل والإحسان والفحشاء خصائص ذاتية في الأفعال تقتضي أمرًا بها أو نهيًا عنها، فلا يجوز أن يأمر تعالى بالفحشاء، أو أن ينهى عن العدل والإحسان، قال تعالى:{قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 28].

(1) قواعد الأحكام، للعز ابن عبد السلام، (2/ 187).

(2)

المرجع السابق، (2/ 190).

ص: 177

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].

سئل أعرابي دخل في الإسلام فقيل له: عن أي شيء أسلمت؟ وما رأيت منه -أي النبي صلى الله عليه وسلم- مما دلَّك على أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما أمر بشيء، فقال العقل: ليته نهى عنه، ولا نهى عن شيء، فقال العقل: ليته أمر به، ولا أحلَّ شيئًا، فقال العقل: ليته حرمه، ولا حرَّم شيئًا، فقال العقل: ليته أباحه (1).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومن أنكر أن يكون للفعل صفات ذاتية لم يُحسِّن إلا لتعلق الأمر به (2) وأن الأحكام بمجرد الخطاب إلى الفعل فقط، فقد أنكر ما جاءت به الشريعة من المصالح والمفاسد والمعروف والمنكر، وما في الشريعة من المناسبات بين الأحكام وعللها، وأنكر خاصة الفقه في الدين الذي هو معرفة حكمة الشريعة ومقاصدها ومحاسنها"(3).

ومن غير شك فإن المتتبع لأحكام الشريعة ليقوم في نفسه العرفان بأنها ما شرعت إلا تحصيلًا لمعانٍ وحكم متغياة من قبل الشارع؛ لذا كان إغفال المقاصد في فهم الأوامر والنواهي بعيدًا عن مقصود الشارع (4).

يقول الدهلوي رحمه الله (5): "قد يظن أن الأحكام الشرعية غير متضمنة لشيء من

(1) مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن القيم، تحقيق: علي حسن عبد الحميد الحلبي، دار ابن عفان، ط 1، 1416 هـ - 1996 م، (2/ 459).

(2)

الضمير يعود إلى الفعل.

(3)

مجموع الفتاوي، لابن تيمية (11/ 354).

(4)

الحكم الشرعي بين أصالة الثبات والصلاحية، د. عبد الجليل زهير ضمرة، دار النفائس، الأردن، ط 1، 1426 هـ - 2006 م، (ص 51).

(5)

أبو عبد العزيز، أحمد بن عبد الرحيم الفاروقي الدهلوي الهندي المشهور بشاه ولي الله، فقيه حنفي من المحدثين من أهل دلهي بالهند، أحيا الله به وبتلاميذه الحديث والسنة في الهند، وعلى كتبه وأسانيده المدار =

ص: 178

المصالح، وأنه ليس بين الأعمال وبين ما جعل الله جزاء لها مناسبة، وهذا ظن فاسد تكذبه السنة وإجماع القرون المشهود لها بالخير" (1).

ولا يمنع هذا من أن الله تعالى قد يأمر بفعل أو ينهى عنه لغاية متعلقة بذات الأمر أو النهي لا لخصيصة قائمة في المأمور به أو المنهي عنه، كأن يتعبد عباده بالامتثال ويقيم عليهم الحجة بالاختيار، وإلا لِمَ أمر الله الخليل بأن يذبح ولده إسماعيل؟!

قال تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات: 103 - 106].

وقد يأمر الشارع الحكيم وينهى لإظهار عبوديته في الخلق وطلب تعظيمه بالاستجابة والطاعة، وإفراده بالتأليه، كما يكون في العبادات المقدَّرة والمؤقتة، والتي لا سبيل لأن يدرك العقل فيها علة لخصوص التقدير أو التأقيت، غير القيام بواجب العبودية لله تعالى، ومن ذلك: تحديد أوقات وعدد ركعات الصلوات ومقادير الزكوات، وأوقات الصيام، ونحو ذلك.

ويذهب القرافي رحمه الله (2) إلى أن مثل هذه العبادات المحضة تعلل أيضًا بمصالح العباد، فيقول: "تخصيص صاحب الشرع بعض الأوقات بأفعال معينة دون بقية الأوقات يقتضي اختصاص ذلك الوقت المعين بمصلحة لا توجد في غير ذلك الوقت، ولولا ذلك

= في تلك الديار، وله مصنفات كثيرة، منها: حجة الله البالغة، والإنصاف في مسائل الخلاف، وعقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد، ولد سنة 1110 هـ، وتوفي 1176 هـ. أكبر العلوم، (ص 912)، والأعلام للزركلي، (1/ 149)، معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة، (1/ 272).

(1)

حجة الله البالغة، لشاه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي، تحقيق: السيد سابق، دار الجيل، بيروت، ط 1، 1426 هـ - 2005 م، (1/ 27).

(2)

أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي المالكي القاهري، الفقيه الأصولي المتكلم النحوي، صاحب المؤلفات التي سارت بها الركبان وتداولها العلماء، منها: الذخيرة، والفروق، والقواعد، والتنقيح في أصول الفقه توفي سنة 684 هـ. شجرة النور الزكية، لمحمد بن محمد مخلوف، (ص 188)، والأعلام، للزركلي، (1/ 94).

ص: 179

لكان الفعل عامًّا في جميع الأوقات، ولا بد لما بعد الزوال من معنى لاحظه صاحب الشرع لم يكن موجودًا قبل الزوال، طردًا لقاعدة صاحب الشرع في رعاية المصالح، وهكذا كل أمر تعبدي، معناه أن فيه معنًى لم نعلمه، لا أنه ليس فيه معنى" (1).

ويرد على هذا أنه لا يلزم من كل أمر أو نهي تحصيل مصلحة للعباد؛ بل قد يقصد الشارع الحكيم الزجر والعقوبة لقيام مقتضاها من جهة المكلفين، قال تعالى:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 160 - 161].

فلا يمتنع أنه قد يحرِّم الرب ما لا مفسدة فيه؛ عقوبة لمخالفة أو حرمانًا للمخالفين (2).

وأخيرًا فإن المبالغة في التنقيب عن حِكَم المشروعيات بما لم تظهر دلالته من النصوص والأدلة الشرعية، لا سيما ما يظهر فيه وجه التعبد المحض، قد لا يخلو من تكلف.

يقول المقَّري رحمه الله (3): "التدقيق في تحقيق حِكَم المشروعية من مُلَح العلم لا متينه عند المحققين، بخلاف استنباط علل الأحكام وضبط أماراتها، فلا ينبغي المبالغة في التنقيب عن الحِكَمِ لا سيما فيما ظاهره التعبد"(4).

(1) أنوار البروق في أنواء الفروق، لأحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي، تحقيق: د. على جمعة محمد، د. محمد أحمد سراج، دار السلام، القاهرة، ط 1، 1421 هـ - 2001 م، (2/ 584).

(2)

قواعد الأحكام، للعز ابن عبد السلام، (1/ 59).

(3)

أبو عبد الله، محمد بن محمد بن أحمد القرشي التلمساني الفاسي المالكي، الشهير بالمَقَّري، جد المؤرخ الأديب أحمد المَقَّري صاحب نفح الطيب، وكان فقيهًا ضليعًا بفقه مذهبه وأديبًا شاعرًا، وكان جريء الجنان لا تأخذه في الله لومة لائم، أخذ عنه الشاطبي صاحب الموافقات وابن خلدون، من مصنفاته: القواعد، الطرف والتحف، والمحاضرات، توفي 758 هـ. نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، لأحمد بن محمد المقري التلمساني، تحقيق: د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1408 هـ - 1988 م، (5/ 203)، شجرة النور الزكية، لمحمد بن محمد بن مخلوف، (ص 232).

(4)

القواعد، لأبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد المقري، تحقيق: أحمد بن عبد الله بن حميد، جامعة أم القرى، مكة، (2/ 406 - 407).

ص: 180