الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاضطرار بعد ذكر تحريم الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أُهِلَّ لغير الله به (1).
ثم إن جميع أدلة نفي الحرج والتيسير ورفع المشقات دالة على المراد، وقد تقدمت.
ثانيًا: السنة المطهرة:
1 -
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"(2).
2 -
وقوله صلى الله عليه وسلم: "وأعوذ بك من ضراءَ مضرةٍ، وفتنةٍ مضلةٍ"(3).
3 -
وقوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قلت: يا نبي الله؛ إنَّا بأرض قومٍ أهل الكتاب، أفنأكل في آنيتهم، وبأرض صيد: أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلَّم وبكلبي المعلَّم؛ فما يصلح لي؟ قال: "أما ما ذكرت من أهل الكتاب: فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها. وما صدتَ بقوسك فذكرتَ اسم الله فكُلْ، وما صدتَ بكلبك المعلَّم فذكرتَ اسم الله فكُلْ، وما صدتَ بكلبك غير معلَّم فأدركتَ ذكاته فكُلْ"(4).
وجه الدالة:
دلت هذه الأحاديث بجملتها على نفي الضرر والاضطرار في دين الله تعالى، وأفاد
(1) تفسير البحر المحيط، لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي، تحقيق: مجموعة من الباحثين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1413 هـ - 1993 م، (1/ 664).
(2)
أخرجه: ابن ماجه: كتاب الأحكام، باب: من بني في حقه ما يضر جاره، (2340)، والإمام أحمد في "مسنده"(5/ 326)، وغيرهما، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه. ورُوي من أحاديث: ابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وجابر، وغيرهم رضي الله عنهم. وصححه الألباني في "إرواء الغليل"، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1405 هـ - 1985 م، (896).
(3)
أخرجه: النسائي، كتاب السهو، باب: نوع آخر من الدعاء، (1306)، والإمام أحمد في "مسنده"(4/ 264)، من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما، وهو قطعة من دعاء كان يقوله عمار في صلاته سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم. وصححه ابن حبان (5/ 304)، والحاكم (1/ 523).
(4)
أخرجه: البخاري، كتاب الذبائح، باب: صيد القوس، (5478)، ومسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب: الصيد بالكلاب المعلمة، (1930).
الحديث الثالث حلَّ ما كان مكروهًا، أو ممنوعًا منه؛ للحاجة إليه.
4 -
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن أهل بيت كانوا بالحرة محتاجين فماتت عندهم ناقة لهم، أو بعيرهم، فرخَّص لهم النبي صلى الله عليه وسلم في أكلها، فعصمتهم بقية شتائهم أو سنتهم.
وفي رواية: أن رسول الله قال لصاحبها: "أما لك ما يغنيك عنها؟ " قال: لا، قال:"اذهب فكُلْها"(1).
وجه الدلالة:
دلّ الحديث على أنه يجوز للمضطر أن يأكل من الميتة ما يكفيه ما دامت المجاعة باقية، والمخمصة قائمة (2).
5 -
وعن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، إنا بأرض تصيبنا بها مخمصة، فما يحل لنا من الميتة؟ فقال:"إذا لم تصطبحوا، ولم تغتبقوا، ولم تحتفئوا بقلًا، فشأنكم بها"(3).
وجه الدلالة:
أفاد الحديث أنهم إذا لم يجدوا لبنًا يصطبحون به أول النهار، أو يغتبقون به آخر النهار، ولم يكن لديهم تمر يأكلونه، فقد حلت لهم الميتة (4).
وقد وردت أحاديث في إباحة مال الغير عند الاضطرار، وأخرى في الدفع عن النفس والعرض والمال، ومن ذلك:
6 -
عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قُتل دون ماله فهو شهيد،
(1) أخرجه: أبو داود، كتاب الأطعمة، باب: في المضطر إلى الميتة، (3816)، والإمام أحمد في "مسنده"(5/ 87، 89، 104)، وابنه عبد الله في زوائده على "المسند"(5/ 96، 97). وحسَّن إسنادَه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(3816).
(2)
نيل الأوطار، للشوكاني، (8/ 150).
(3)
أخرجه: الإمام أحمد في "مسنده"(5/ 218)، والبيهقي في "السنن الكبرى"، كتاب الضحايا، باب: ما يحل من الميتة بالضرورة، (9/ 356)، والطبراني في "المعجم الكبير"(3/ 251). وصححه الحاكم (4/ 125).
(4)
نظرية الضرورة الشرعية، د. وهبة الزحيلي، (ص 57).