الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نصيبه على خلاف بينهم في مقدار ذلك النصيب، ويوقف الباقي حتى تتبين حاله (1).
ولقد بينت التقنية الطبية الحديثة جنس الخنثى حديث الولادة من خلال عمل بعض الفحوصات المخبرية التي يحتكم إليها في تبيين جنسه بيقين.
ومن ذلك: ما منعه الفقهاء قديمًا من إجراء القصاص في العظام خوف التلف أو خشية السراية وعدم تحقق المساواة والمماثلة (2)، وفي العصر الحديث فإن التقنية الحديثة تؤكد إمكان المماثلة في غير العظام المخوفة كعظام الرقبة أو الرأس أو الظهر، وسواء كان القطع من مفصل أو لم يكن من مفصل.
الفرع الخامس: تغير الأعيان واستحالتها:
إذا ارتبط الحكم الشرعي بعين ما فإنه يتغير إذا لم تعد العين قائمة أو تحولت من عين إلى أخرى، وهذا مألوف في الفقه ومعروف، فإن الطعام الطاهر يأكله الإنسان، ثم يستحيل في بطنه إلى فضلات تخرج نجسة، والخمر نجسة محرم شربها، فإذا تخللت بنفسها أو خُلِّلت صارت طاهرة في الحالة الأولى باتفاق، وفي الحالة الثانية عند بعض الفقهاء (3).
والاستحالة بمعناها السابق تختلف عن تغير الوصف الذي لا يترتب عليه ذلك الحكم كصيرورة اللبن جبنًا، والبرُّ طحينًا، والطحين خبزًا، ونحو ذلك.
وباصطلاح علماء العصر الحديث فإن الاستحالة وانقلاب العين هو ما يطلق عليه
(1) المجموع، التكملة، للمطيعي، (16/ 103) المغني، لابن قدامة، (9/ 110 - 111).
(2)
المبسوط، للسرخسي، (26/ 80)، الاستذكار، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر، تحقيق: سالم محمد عطا، ومحمد علي معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1421 هـ - 2000 م، (8/ 183 - 84).
(3)
حاشية ابن عابدين، (1/ 518)، حاشية الدسوقي، (1/ 52)، المجموع، للنووي، (2/ 576)، كشاف القناع، للبهوتي، (1/ 187)، المحلى، لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، تحقيق: أحمد محمد شاكر، الطباعة المنيرية، 1352 هـ، (7/ 433 - 434).
اسم التفاعل الكيميائي، الذي يحوِّل المواد ويغيِّر من صفاتها الطبيعية والكيميائية، وكذا يعرَّفه العلماء المتخصصون بقولهم:"كل تفاعل كيميائي يحول المادة إلى مركب آخر، كتحويل الزيوت والشحوم على اختلاف مصادرها إلى صابون"(1).
وقد تناول ابن حزم هذا الموضوع باسم: "تبدل الأحكام بتبدل الأسماء" وقال: "وأما إذا تبدل الاسم فقد تبدل الحكم بلا شك، كالخمر يتخلل أو يُخلل؛ لأنه إنما حرمت الخمر، والخل ليس خمرًا. وكالعذرة تصير ترابًا فقد سقط حكمها، وكلبن الخنزيرة والحمر والميتات يأكلها الدجاج ويرتضعه الجدي، فقد بطل التحريم؛ إذ انتقل اسم الميتة واللبن والخمر"(2) وكذلك إذا دخل الخمر في مواد وطبخت هذه المواد خرجت عن كونها خمرًا مسكرة وطهرت على القول بأنها كانت نجسة (3).
وأرجح القولين أن نجس العين يطهر بالاستحالة، وهو قول الطرفين من الحنفية وإليه ذهب جمهورهم، وعليه الفتوى في المذهب؛ لعموم البلوى به (4)، وهو مذهب جمهور المالكية (5)، وقول شيخ الإسلام ابن تيمية (6)، وقولٌ مخُرَّج في مذهب أحمد، قياسًا على الخمر إذا انقلبت، وجلود الميتة إذا دُبغت، والجلَّالة إذا حُبست (7)، وهو كما تقدم
(1) استحالة النجاسات، د. محمد محمود الهواري، أعمال الندوة الفقهية الطبية المنعقدة بالكويت في الفترة من (22 - 24/ 5/ 1995 م).
(2)
الإحكام، لابن حزم، (5/ 6).
(3)
الفتاوي، لرشيد رضا، دار الكتاب الجديد، بيروت، 1390 هـ - 1970 م، (4/ 1604).
(4)
البحر الرائق شرح كنز الرقائق، لزين الدين بن إبراهيم بن نجيم، دار المعرفة، بيروت، (1/ 239)، حاشية ابن عابدين، (1/ 534)، والطرفان هما: أبو حنيفة، ومحمد بن الحسن.
(5)
مواهب الجليل، للحطاب، (1/ 138)، الذخيرة، للقرافي، (1/ 189)، حاشية الدسوقي، (1/ 52).
(6)
مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (20/ 522).
(7)
المغني، لابن قدامة، (1/ 97)، الشرح الكبير، لشمس الدين عبد الرحمن بن محمد بن قدامة المعروف بابن أبي عمر، دار الكتاب العربي، (1/ 293 - 294).
مذهب الظاهرية (1).
وقد صدرت توصية عن الندوة الفقهية الطبية الثامنة للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية المنعقدة بالكويت في الفترة من (22 - 24/ 5/ 1995 م)، تفيد أن "الاستحالة التي تعني انقلاب العين إلى عين أخرى تغايرها في صفاتها تحول المواد النجسة أو المتنجسة إلى مواد طاهرة، وتحول المواد المحرمة إلى مواد مباحة شرعًا".
(1) المحلى، لابن حزم، (1/ 128).