المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات: - فقه النوازل للأقليات المسلمة - جـ ١

[محمد يسري إبراهيم]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةوَزَارَةُ الأَوْقَافِ والشُؤُوْن الإِسلَامِيَّةِ

- ‌المقَدّمَة

- ‌البَابُ الأَوّلُمفهوم نوازل الأقليات المسلمة

- ‌الفْصَلُ الْأَوَّلُفقه النوازل للأقليات المسلمة وأهميته

- ‌المبحث الأول تعريف فقه النوازل

- ‌المطلب الأول: تعريف مفرداته ولقبه العلمي والألفاظ ذات الصلة:

- ‌الفرع الأول: تعريف الفقه لغة واصطلاحًا:

- ‌الفرع الثانى: تعريف النوازل لغةً واصطلاحًا:

- ‌الفرع الثالث: الألفاظ القريبة وذات الصلة بلفظ النوازل:

- ‌1 - الحوادث:

- ‌2 - الواقعات أو الوقائع:

- ‌3 - الأقضية والأحكام:

- ‌4 - الفتاوي:

- ‌5 - الأسئلة والسؤالات والمسائل:

- ‌6 - المستجدات (المستحدثات):

- ‌المطلب الثاني: نشأته والدراسات السابقة:

- ‌أولًا: كتب النوازل باعتبار المذاهب الفقهية:

- ‌المذهب الحنفي:

- ‌المذهب المالكي:

- ‌المذهب الشافعي:

- ‌المذهب الحنبلي:

- ‌الفتاوي الجماعية:

- ‌ثانيًا: كتب النوازل باعتبار منهج الجمع والتصنيف:

- ‌كتب الفتاوي العامة:

- ‌كتب الفتاوي الخاصة:

- ‌كتب الفتاوي الشخصية:

- ‌المبحث الثانيثمرة دراسة فقه النوازل وأهميته

- ‌المطلب الأول: ثمرته بالنسبة للشريعة والفقه الإسلامي:

- ‌المطلب الثاني: ثمرته بالنسبة للمجتمع الإسلامي:

- ‌المطلب الثالث: ثمرته بالنسبة للفقيه المجتهد:

- ‌المبحث الثالثمفهوم نوازل الأقليات

- ‌المطلب الأول: تعريف الأقليات المسلمة:

- ‌الأقليات شرعًا:

- ‌الأقليات اصطلاحًا:

- ‌وقد وردت عدة تعريفات لهذا المصطلح، منها:

- ‌الخلفية التاريخية لهذا المصطلح:

- ‌المطلب الثاني: مفهوم نوازل الأقليات المسلمة:

- ‌الفْصَلُ الثَانِيواقع الأقليات المسلمة

- ‌المبحث الأولنشأة الأقليات المسلمة وتاريخها

- ‌1 - الأقليات المسلمة المستضعفة:

- ‌2 - الأقليات المكافحة:

- ‌3 - الأقليات الممكَّنة:

- ‌المبحث الثانيالواقع الإحصائي للأقليات المسلمة

- ‌المطلب الأول: الاختلاف في تقدير أعداد الأقليات:

- ‌المطلب الثاني: تقديرات عن أعداد الأقليات المسلمة في العالم:

- ‌المبحث الثالثخصائص الأقليات المسلمة

- ‌المبحث الرابعمشكلات الأقليات المسلمة

- ‌المطلب الأول: المشكلات الدينية:

- ‌الفرع الأول: الأقليات المسلمة تحت حكم صليبي:

- ‌الفرع الثاني: الأقليات المسلمة تحت حكم الوثنيين:

- ‌الفرع الثالث: الأقليات المسلمة تحت الحكم الشيوعي:

- ‌المطلب الثاني: المشكلات الاجتماعية ومسائل الأحوال الشخصية:

- ‌الفرع الأول: المشكلات الاجتماعية:

- ‌الفرع الثاني: مشكلات الأحوال الشخصية:

- ‌المطلب الثالث: المشكلات اللغوية والتعليمية:

- ‌المطلب الرابع: المشكلات السياسية:

- ‌المطلب الخامس: المشكلات الاقتصادية والمالية:

- ‌البَابُ الثَانِيالتأصيل الفقهي لنوازل الأقليات المسلمة

- ‌الفْصَل الْأَوَّلُالأحكام الشرعيةبين الثبات والتغير

- ‌المبحث الأولخصائص الشريعة الإسلامية

- ‌المطلب الأول: الربانية:

- ‌المطلب الثاني: الثبات والديمومة مع المرونة:

- ‌المطلب الثالث: شمولها لجميع شئون الحياة:

- ‌المطلب الرابع: اتزانها من كل وجه:

- ‌المطلب الخامس: حفظها بحفظ الله:

- ‌المطلب السادس: صلاحيتها لكل زمان ومكان:

- ‌المبحث الثانيالثبات والتغير في الأحكام الشرعية

- ‌المطلب الأول: علاقة الحكم الشرعي بمحالِّ ثبوته:

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على اعتبار الثبات في الأحكام الشرعية:

- ‌المطلب الثالث: أنواع الأحكام الشرعية من حيث الثبات والتغير:

- ‌المطلب الرابع: تعريف تغير الفُتيا والاجتهاد والفرق بينه وبين النسخ:

- ‌المبحث الثالثأسباب تغير الفُتيا والأحكامالفقهية الاجتهادية

- ‌المطلب الأول: الأسباب الذاتية لتغير الفتيا والأحكام الفقهية الاجتهادية:

- ‌المطلب الثاني: الأسباب الخارجية لتغير الفتيا والأحكام الاجتهادية في الشريعة الإسلامية:

- ‌الفرع الأول: فساد الزمان وتغيره:

- ‌النوع الأول: ما يتعلق بالولاية العامة من أحكام:

- ‌النوع الثاني: تحديد الحريات للمصلحة:

- ‌النوع الثالث: قبول شهادة الأمثل فالأمثل:

- ‌النوع الرابع: تكثير العقوبات وتغليظها أو تخفيفها:

- ‌النوع الخامس: تبدل الفتيا وتغيرها تغليظًا وتخفيفًا:

- ‌النوع السادس: ترجيح واعتماد آراء بعض المذاهب:

- ‌الفرع الثاني: اختلاف المكان:

- ‌النوع الأول: رعاية حرمة المكان:

- ‌النوع الثاني: أثر البيئة الجغرافية في تغير الأحكام:

- ‌النوع الثالث: أثر اختلاف الديار في الأحكام:

- ‌الفرع الثالث: اختلاف أحوال المكلفين ومقاصدهم:

- ‌الفرع الرابع: العلوم والتقنية المعاصرة:

- ‌الفرع الخامس: تغير الأعيان واستحالتها:

- ‌الفَصلُ الثَانِيأهمية التأصيل لفقه النوازل للأقليات وخصائصه ومقاصده

- ‌المبحث الأولأهمية التأصيل لفقه نوازل الأقليات وحكمه

- ‌المطلب الأول: أهمية التأصيل لفقه نوازل الأقليات المسلمة:

- ‌أولًا: حفظ كيان الأقليات المسلمة:

- ‌ثانيًا: إقامة الدين بين الأقليات المسلمة:

- ‌ثالثًا: وقوع الاضطراب في كثير من المواقف والأحكام المتعلقة بالأقليات:

- ‌رابعًا: تجديد الدين بعامة:

- ‌المطلب الثاني: حكم الاشتغال بنوازل الأقليات المسلمة:

- ‌الفرع الأول: معنى الاجتهاد:

- ‌الفرع الثاني: حكم الاجتهاد ومجالاته:

- ‌الفرع الثالث: حكم الاجتهاد في نوازل الأقليات:

- ‌المبحث الثانيأسباب وخصائص نوازل الأقليات المسلمة

- ‌أولًا: الإقامة في غير ديار الإسلام:

- ‌ثانيًا: التقدم العلمي والتقني:

- ‌ثالثًا: الحرب الفكرية والثقافية والعسكرية ضد الإسلام وأهله:

- ‌رابعًا: ضعف أوضاع الأقليات المسلمة:

- ‌المبحث الثالثالمقاصد الشرعية لفقه نوازل الأقليات المسلمة

- ‌أولًا: إقامة الدين بين الأقليات المسلمة:

- ‌ثانيًا: تبليغ رسالة الإسلام والدعوة إلى الله:

- ‌ثالثًا: التيسير ورفع الحرج:

- ‌رابعًا: التأصيل لفقه الجماعة في حياة الأقلية:

- ‌خامسًا: تجاوز فقه الترخيص إلى فقه العزائم:

- ‌الفَصل الثَالِثُالأصول والقواعد الحاكمة لفقه نوازل الأقليات

- ‌المبحث الأولالقواعد الأصولية والمقاصدية والفقهية والفرق بينهما

- ‌المطلب الأول: تعريف القواعد الأصولية وبيان أهميتها:

- ‌تعريف القواعد لغة واصطلاحًا:

- ‌القاعدة اصطلاحًا:

- ‌تعريف الأصول لغة واصطلاحًا:

- ‌أهمية القواعد الأصولية:

- ‌المطلب الثاني: تعريف القواعد المقاصدية، وبيان أهميتها وصلتها بالقواعد الأصولية:

- ‌الفرع الأول: تعريف القواعد المقاصدية:

- ‌الفرع الثاني: أهمية القواعد المقاصدية:

- ‌الفرع الثالث: صلة القواعد المقاصدية يالقواعد الأصولية:

- ‌أولًا: من حيث العموم والخصوص:

- ‌ثانيًا: من حيث مصدرها ودليلها:

- ‌المطلب الثالث: تعريف القواعد الفقهية وبيان أهميتها:

- ‌المطلب الرابع: بين القاعدة الأصولية والقاعدة الفقهية:

- ‌المبحث الثانيالقواعد المتعلقة بالاجتهاد

- ‌المطلب الأول: تعريف الاجتهاد وبيان صلته بالإفتاء:

- ‌الفرع الأول: معنى الاجتهاد لغة واصطلاحًا:

- ‌المسلك الأول: من حيث تكييف الاجتهاد، وهذا يتفرع إلى منحيين:

- ‌المنحى الأول: اعتبار الاجتهاد فعل المجتهد:

- ‌المنحى الثاني: اعتبار الاجتهاد صفة للمجتهد:

- ‌المسلك الثاني: وفيه بني التعريف على قيود مذكورة:

- ‌الفرع الثاني: العلاقة بين الفُتيا والاجتهاد:

- ‌المطلب الثاني: القواعد الأصولية والمقاصدية المتعلقة بالاجتهاد:

- ‌القاعدة الأولى: الشريعة بحسب المكلفين كلية عامة

- ‌القاعدة الثانية: الاجتهاد المحقق لشروطه معتبر شرعًا:

- ‌القاعدة الثالثة: ليس على المجتهد التقيد بالمذاهب الفقهية الأربعة أو قول الجمهور:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌دليل القاعدة:

- ‌الترجيح:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الرابعة: على المجتهد الجمع بيّن فقه النص والواقع:

- ‌المعنى العام للقاعدة وأدلتها:

- ‌أولًا: العلم بالنص الشرعي:

- ‌1 - النصوص وحي الله تعالى:

- ‌2 - النصوص محفوظة بحفظ الله:

- ‌3 - النصوص حجة الله على خلقه:

- ‌4 - النصوص طريق العلم ومعرفة الحكم:

- ‌5 - النصوص واجبة الاتباع:

- ‌6 - النصوص واجبة التسليم:

- ‌7 - النصوص تقدم على الرأي وكل فتيا مخالفة:

- ‌8 - النصوص وافية وشاملة لجميع الدين أصوله وفروعه:

- ‌9 - النصوص واضحة المعاني ظاهرة المراد:

- ‌10 - النصوص إذا وجدت سقط الاجتهاد:

- ‌ثانيًا: العلم بالحال الواقعي:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المطلب الثالث: القواعد الفقهية المتعلقة بالاجتهاد:

- ‌قاعدة: لا مساغ للاجتهاد فى موارد النص

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: أقوال الصحابة:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌رابعًا: الإجماع:

- ‌خامسًا: المعقول:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المبحث الثالثالقواعد المتعلقة بالرخص والمشقات

- ‌المطلب الأول: القواعد الأصولية والمقاصدية:

- ‌القاعدة الأولى: الشريعة مبناها على رفع الحرج:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌رابعًا: المعقول:

- ‌شروط القاعدة:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الثانية: الرخصُ فيما لا يُصْبَرُ عليه من المشاق مطلوبة، وفي المقدور عليه عزيمة أو مباح

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الثالثة: طلب التخفيف بوجه غير شرعي باطل

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌رابعًا: المعقول:

- ‌صور من طلب التخفيف بوجه غير شرعي:

- ‌أولًا: إتباع الحيل المحرمة:

- ‌معنى الحيل:

- ‌الحيل المشروعة:

- ‌ثانيًا: تَتَبُّعُ الرُّخص:

- ‌أولًا: المانعون مطلقًا:

- ‌ثانيًا: المجيزون بشروط:

- ‌ثالثًا: المجيزون مطلقًا:

- ‌الترجيح:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المطلب الثاني: القواعد الفقهية:

- ‌القاعدة الأولى: المشقة تجلب التيسير

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌الأدلة على القاعدة:

- ‌أولاً: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌الإجماع:

- ‌الأدلة العقلية:

- ‌ضوابط التيسير:

- ‌الضابط الرابع: استناد التيسير إلى دليل:

- ‌الضابط الخامس: ترك تتبع الرخص والزلات:

- ‌الضابط السادس: عدم ترتب مفسدة على التيسير عاجلاً أو آجلاً:

- ‌الضابط السابع: مراعاة حال المستفتي:

- ‌القواعد الأصولية المرتبطة بقاعدة المشقة تجلب التيسير:

- ‌القاعدة الأولى: المصلحة المرسلة:

- ‌القاعدة الثانية: الاستحسان:

- ‌القاعدة الثالثة: الترجيح بدفع المشقة:

- ‌القاعدة الرابعة: عموم البلوى:

- ‌معنى القاعدة:

- ‌أسباب عموم البلوى، وأمثلة على كل سبب:

- ‌صلة عموم البلوى بقاعدة المشقة تجلب التيسير:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: السنة المطهرة:

- ‌ثانيًا: المأثور عن الصحابة والتابعين:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الثانية: الإسلام يَجُبُّ ما قبله:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الثالثة: التوبة النصوح تجب ما قبلها:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة: دل على هذه القاعدة القرآن الكريم، والسنة المطهرة

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌تطبيقات في حياة الأقليات:

- ‌المبحث الرابعالقواعد المتعلقة بالضرورات والحاجات

- ‌المطلب الأول: القواعد الأصولية والمقاصدية المتعلقة بالضرورات والحاجات:

- ‌القاعدة الأولى: الشريعة مبنية على المحافظة على الضرورات الخمس

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثاً: الإجماع:

- ‌الضوابط الفارقة بين الضروريات والحاجيات والتحسينيات:

- ‌ضوابط الضرورة الشرعية وتطبيقات في حياة الأقليات:

- ‌الضابط الأول: رجحان وقوع الضرر الفادح حالًا أو مآلًا:

- ‌الضابط الثاني: تحقق فقد الوسائل المشروعة في دفع الضرورة:

- ‌الضابط الثالث: الاقتصار في ارتكاب المحظور على أدنى قدر لرفع الضرورة:

- ‌الضابط الرابع: الاقتصار في ارتكاب المحظور على زمن بقاء الضرورة:

- ‌الضابط الخامس: ألا يترتب على ارتكاب المحظور وقوع مثله أو أكبر:

- ‌القاعدة الثانية: الإباحة المنسوبة للضرورة، الأصل في معناها: رفع الحرج، لا التخيير:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: المعقول:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المطلب الثاني: القواعد الفقهية المتعلقة بالضرورة والحاجة:

- ‌قاعدة: الحاجة تنزل منزل الضرورة:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌بين الحاجة الأصولية والضرورة:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المبحث الخامسالقواعد المتعلقة بالمقاصد

- ‌المطلب الأولى: القواعد الأصولية والمقاصدية المتعلقة بالمقاصد:

- ‌القاعدة الأولى: وضع الشريعة إنما هو لحفظ مقاصدها بإقامة مصالح العباد في العاجل والآجل

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌تعريف العلماء المعاصرين للمقاصد:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌رابعًا: الاستقراء:

- ‌خامسًا: شواهد العقل والحس:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الثانية: المقصدُ الشرعي من وضع الشريعة إخراجُ المكلف عن داعية هواه

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: المعقول:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المطلب الثاني: القواعد الفقهية المتعلقة بالمقاصد:

- ‌قاعدة: الأمور بمقاصدها:

- ‌معنى القاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: السنة المطهرة:

- ‌القواعد المندرجة تحت القاعدة:

- ‌ومن القواعد المستثناة من قاعدة الأمور بمقاصدها:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المبحث السادسالقواعد المتعلقة بالتعارض والترجيح بين المصالح والمفاسد

- ‌المطلب الأول: القواعد الأصولية والمقاصدية

- ‌القاعدة الأولى: عند تعارض المصالح تُقَدَّمُ أولاها وأرجحها:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: القواعد الشرعية:

- ‌القاعدة الثانية: عند تعارض المفاسد تدفع أعظمها فسادًا:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌القاعدة الثالثة: المصلحة إذا كانت هي الغالبة عند مناظرتها مع المفسدة في حكم الاعتياد فهي المقصودة شرعًا، ولتحصيلها وقع الطلب على العباد

- ‌معنى القاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: المعقول:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌القاعدة الرابعة: الذريعة إلى الفساد يجب سدها إذا لم تعارضها مصلحة راجحة

- ‌القاعدة الخامسة: ما حرم سدًّا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة

- ‌المعنى العام للقاعدتين:

- ‌أدلة القاعدتين:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: من السنة المطهرة:

- ‌التطبيقات في حياة الأقليات:

- ‌القاعدة السادسة: إذا تعارض الواجب والمحظور أيهما يقدم

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المطلب الثاني: القواعد الفقهية:

- ‌القاعدة الأولى: إذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع

- ‌القاعدة الثانية: درء المفاسد أولى من جلب المصالح

- ‌المعنى العام للقاعدتين:

- ‌أدلة القاعدتين:

- ‌وجه الدلالة:

- ‌القواعد من الثالثة إلى السابعة:

- ‌المعنى العام للقواعد:

- ‌أدلة القواعد:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌المبحث السابع القواعد المتعلقة بالمآلات

- ‌المطلب الأول: القواعد الأصولية والمقاصدية

- ‌القاعدة الأولى: النظير في المآلات معتبر مقصود شرعًا:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: أقوال الصحابة وفتاويهم:

- ‌رابعًا: المعقول:

- ‌ضوابط الاجتهاد بالنظر في المآلات:

- ‌تعلق قاعدة المآلات بالقواعد الأصولية والمقاصدية:

- ‌تعلق قاعدة المآلات بالقواعد الفقهية:

- ‌القاعدة الأولى: من استعجل شيئًا قبل أوانه عُوقب بحرمانه

- ‌فمن القرآن الكريم:

- ‌ومن السنة النبوية:

- ‌القاعدة الثانية: ما قارب الشيءَ يُعطَى حُكْمَه:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

- ‌المبحث الثامن القواعد المتعلقة بالعرف

- ‌القاعدة الأولى: العرف معتبر في التشريع، أو: العادة محكمة

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: الإجماع:

- ‌شروط اعتبار العرف:

- ‌1 - أن يكون العرف مطَّردًا أو غالبًا:

- ‌2 - أن يكون العرف مقارِنًا أو سابقًا:

- ‌3 - ألَّا يترتب على العمل بالعرف تعطيل نصٍّ ثابت أو معارضة أصلٍ قطعي:

- ‌4 - ألَّا يُعَاَرضَ العرف بتصريحٍ بخلافه:

- ‌5 - أن يكون العرف عامًّا:

- ‌6 - التكرار والشيوع:

- ‌القاعدة الثانية: لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان

- ‌معنى القاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌الضابط الأول: ألَّا يكون تغير العرف مصادمًا للنصوص الشرعية:

- ‌الضابط الثاني: أن يكون التغير موافقًا لمقاصد الشريعة:

- ‌الضابط الثالث: أن يكون التغير معتبرًا شرعًا:

- ‌الضابط الرابع: أن يكون الناظر في التغير من المجتهدين:

- ‌المبحث التاسع القواعد المتعلقة بالولاية والسياسة الشرعية

- ‌القاعدة الأولى: التصرف على الرعية منوط بالمصلحة:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌القاعدة الثانية: يقوم أهل الحل والعقد عند الاقتضاء مقام الإمام ونائبه:

- ‌المعنى العام للقاعدة:

- ‌أدلة القاعدة:

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: السنة المطهرة:

- ‌ثالثًا: القواعد الشرعية العامة، وبعض القواعد الفقهية الخاصة:

- ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

الفصل: ‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

الحياة -كل ذلك من ثمرات التقوى التي بها يسعد الإنسان في الدنيا، وحصول النجاة، ودخول الجنات، ومجاورة الأنبياء، ورؤية وجه رب الأرض والسموات- كل ذلك من ثمرات التقوى التي بها يسعد الإنسان في الآخرة.

‌تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات:

كما تقدم فإن تطبيق هذه القاعدة في حياة الناس كافة، سواء أكانوا في ديار الإسلام أم خارجها -من شأنه أن يقيم الحياة ويحفظها، ويرعى ضروراتها، ويضبط مسيرتها.

وانطلاقًا مما تشهده تلك الديار من تطور مذهل وتقدم هائل في كافة المجالات، بل اعتدادًا بما يغشى عالم السياسة والاجتماع والاقتصاد والتربية في تلك الديار من تغيرات حثيثة، وتنظيمات متلاحقة، وتطورات متعاقبة؛ لذلك فإن توجيه مسائل الأقليات وتسديدها بتعاليم الدين ينبغي أن يقوم على اعتصام رشيد بالأصول الكلية، والقواعد العامة، والمقاصد الشرعية (1).

وإذا تحقق أن الشريعة تحفظ مقاصدها في الخلق بإقامة المصالح، ودفع المفاسد في كل زمان ومكان، فلا بد إذن من إعمال هذه القاعدة في حياة الأقليات، وهذا الإعمال يحتاج إلى استيعاب ما كتبه الأقدمون في المقاصد والمصالح، وتفهُّم ما قيده المعاصرون، ورتبوه وطبقوه على قواعد الأقدمين.

وفي أمثال ما كتبه القفال الكبير في محاسن الشريعة، والباقلاني في الأحكام والعلل، وما كتبه الجويني في البرهان، والغياثي، والغزالي في شفاء العليل، والعز ابن عبد السلام في قواعد الأحكام، والقرافي في الفروق، وابن تيمية في كثير من مصنفاته، وابن القيم في إعلام الموقعين، والطرق الحكمية، وبدائع الفوائد، والشاطبي في الموافقات،

(1) نحو منهجية رشيدة للتعامل مع مسائل الأقليات المسلمة، د. قطب سانو، (ص 4).

ص: 512

والاعتصام، وابن عاشور في مقاصد الشريعة، وعلال الفاسي في المقاصد الشرعية، ويوسف حامد العالم، ومحمد البلتاجي وغيرهم من المعاصرين -في ذلك كله ثروة فقهية أصولية عظمى لمن كملت آلته واستعدت قريحته للتصدي لحفظ حياة الأقليات، ورعاية المقاصد الشرعية في ظروفهم العادية والاستثنائية، على حدٍّ سواء، وبما لا يفضي إلى تعطيل النصوص الشرعية الجزئية، أو إهمالها، مع ما قد يقع من تجاذب، أو تنازع بين المصالح والمقاصد والنصوص.

يقول العلامة ابن بيه:

عُقُودُ الْمُسْلِمِيْنَ بِدَارِ غَربٍ

تَجَاذَبُهَا الْمَقَاصِدُ وَالْفُرُوْعُ

وَمِيْزانُ الْفَقِيْهِ يَجُوْرُ طَوْرًا

إِلَى طَرَفٍ فَيُفْرِطُ أَوْ يَضِيْعُ

فَفِي الْجُزْئِيِّ ضِيْقٌ وَانْحِسَارٌ

وَفِي الْكُلِّيِّ مُنْفَسَحٌ وَسِيْعٌ

وَنُوْرُ الْحَقِّ مَصْلَحَةٌ تُوَازَى

بِجُزْئِيِّ النُّصُوْصِ لَهُ سُطُوْعُ

والمتصدرون لمثل هذه المسائل الشائكة في بلاد الأقليات المسلمة حين يعملون هذه القاعدة وغيرها قد يخرجون بأحكام أو بفتاوي قد تستنكر في بادي الرأي، لكنها قد تثبت عند المناقشة والموازنة والترجيح، كما انتهى إليه نظر عمر رضي الله عنه في إيقاف سهم المؤلفة قلوبهم، وقطع يد السارق، ومنع الزواج بالكتابية، والإلزام بالطلقات الثلاث، والزيادة في حد الشرب إلى ثمانين. . . وغير ذلك من التصرفات العمرية التي تعتبر اجتهادًا مقاصديًّا مع أنه رضي الله عنه هو الذي أعمل النص الجزئي عند تقبيل الحجر الأسود، والاضطباع، والرَّمَل. . . وغير ذلك.

ومن قبل اجتهد مقاصديًّا بعض الصحابة فراعوا المقاصد فصلوا العصر في الطريق إلى بني قريظة، واجتهد غيرهم فلم يصلها إلا بعد العشاء في بني قريظة، فكان الأولون

ص: 513

مع المقصد والمعنى، وكان الآخرون مع النص والمبنى، ولم يكن أحد الفريقين ينقصه

الهدى أو التقى، ولكنه الاجتهاد البشري الذي قد يراعي جانبًا أكثر من جانب،

والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خطَّأ أحد الفريقين، ولا ثرَّب على أحد من المجتهدين.

وينبغي لمن يتصدى لبحث مسائل الأقليات أن ينظر إلى اجتهادات النبي صلى الله عليه وسلم المكية

زمن القلة والضعف، كما قال الله تعالى:{وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ} [الأنفال: 26]، وكيف اعتمد صلى الله عليه وسلم سياسة الصبر والكف، ولم

يستجب لاستفزاز أو استعداء خارجي، كما قال له -تعالى شأنه-:{وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60]؛ وذلك لحفظ شأن هذه الأقلية، ورعاية أمر هذه الدعوة الإسلامية، فلما قويت الشوكة وبُنيت الدولة كانت الاجتهادات على وفق ذلك، فلئن صبر النبي صلى الله عليه وسلم وكفَّ هو وأصحابه أيديهم لما قُتلت سمية وياسر رضي الله عنهما في مكة تحت التعذيب، فإنه لم يصبر على مجرَّد كشف عورة مسلمة في سوق بني قينقاع، فجرَّد لذلك الأمرِ حربًا على يهود، حتى أجلى بني قينقاع عن المدينة.

وهو أمرٌ يؤكد على رعاية الأولويات في فقه الأقليات، والنظر إلى المقاصد والمصالح والمآلات (1).

وإعمال تلك القواعد والأصول الحاكمة يكون باعتمادها إطارًا لمعالجة الوقائع والنوازل التي يحتاج في معالجتها إلى ورع دقيق، وفقه عميق، وفطنة وملكة صحيحة.

ونوازل الأقليات المسلمة وما تواجَهُ به من تأصيل لأحكامها وتقعيد لمسائلها ينبغي أن يُراعَى فيه الفروق بين الضرورة الفردية، والضرورة الجماعية العامة، فالأولى مؤقتة، والثانية دائمة.

والأولى قد تَتحقق بسهولة، ويُتَعَرَّفُ على وجودها بيسر، والثانية لا تتحقق إلا بعد

(1) الضوابط المنهجية لفقه الأقليات المسلمة، د. صلاح سلطان، (ص 33 - 36).

ص: 514

طول نظر، وفحص وبحث.

ولهذا رأينا الشارع الحكيم يراعي ضرورة المضطر إلى الميتة فيبيح له الأكل منها، ثم يراعي الحاجة العامة فيبيح -مثلًا- بيعَ السَّلَم والعرايا. . . ونحو ذلك، والأكل من الميتة أمرٌ شخصي مؤقت، والتعامل في السَّلَم أمرٌ عام في المجتمع ودائم.

فالشارع الحكيم له قصد في أن تتعدى إباحة الفعل إلى غير محتاج إليه؛ لما له من الأثر النافع للعموم، كما هو في سائر الرخص في المعاملات؛ لما يترتب عليه من رواج الأسواق وتحصيل الأقوات، وتوفير الأعمال والأشغال.

ومن الخطأ البين: الخلطُ بين الحاجات، والضرورات لدى الأفراد والمجتمعات، ومن المعلوم أن الحاجة في حق الكافة تنزل منزلة الضرورة في حق الفرد، يقول الجويني -وهو يتناول موضوع الكسب الحرام فيما لو عمَّ الزمانَ وأهلَه، فلم يوجد إلى طلب الحلال سبيل-:

"فلهم أن يأخذوا منه -أي: الحرام- قدر الحاجة، ولا يشترط الضرورة التي ترعاها في إحلال الميتة في حقوق آحاد الناس، بل الحاجة في حق الناس كافة تنزل منزلة الضرورة في حق الواحد المضطر، فإن الواحد المضطر لو صَابَرَ ضرورتَهُ ولم يتعاطَ الميتة لهلك، ولو صابر الناس حاجاتهم وتعدوها إلى الضرورة لهلك الناس قاطبةً، ففي تعدي الكافة الحاجة من خوف الهلاك ما في تعدي الضرورة في حق الآحاد"(1)؛ إذ لا يراعى فيما يعمُّ الكافة الضرورة، بل يُكْتَفَى بحاجة ظاهرة.

كما تنبغي مراعاة الفروق بين أحكام يعود تفويتها بالضرر على المجتمع في مجمله، وبين الأحكام التي يعود تفويتها بالضرر على شخص المسلم في خاصة نفسه، ودينه

(1) غياث الأمم، للجويني، (ص 345).

ص: 515

ومروءته؛ فإنه يُسْتَخَفُّ في الأولى، ما لا يُسْتَخَفُّ في الثانية.

والنوع الأول هو لحفظ مصالحَ جماعيةٍ تتحقق بامتثال الأمة في مجملها، والثاني لحفظ مصالحَ تتعلق بامتثال آحاد الناس.

ومثال الأول: النهي عن بيع الطعام قبل قبضه على تعليل الرهون لذلك برواج السلع في الأسواق.

ومثال الثاني: وجوب الصلاة، والزكاة، والصوم، وسائر العبادات، والنهي عن السرقة، والغش، وسائر المحرمات، التي تناقض ما يلزم للنفس من التزكية، والاستقامة.

وكلا النوعين مطلوب امتثالًا؛ لكن النظام العام للمجتمعات الأوروبية رُسمت قوانينه على نظر آخر للصلاح والفساد؛ ولذلك فتفويت المسلم للنوع الأول في هذه المجتمعات، هو أقلُّ ضررًا من تفويت النوع الثاني؛ ولذلك ينبغي أن تكون درجات المصالح بإزاء الترخص متفاوتة (1).

"ومما يُسهم في ترشيد فقه الأقليات: التركيزُ على الأقلية باعتبارهم جماعةً متميزةً، لها هويتها وأهدافها ومشخصاتها، ولا يمكنها أن يُتغافل عنها، وينبغي لأهل الفقه أن ينظروا إلى هذا الكيان الجماعي، وما يتطلبه من مقومات، وما له من ضرورات وحاجات، وكيف تستطيع الجماعة أن تعيش بإسلامها في مجتمع غير مسلم، قويةً متماسكةً، مؤمنةً بالتنوع في إطار الوحدة.

وقد لاحظتُ أن أهل الفقه -عادةً- حينما يتحدثون عن الضرورات التي تبيح المحظورات، وعن الحاجة التي قد تُنَزَّل منزلةَ الضرورة، إنما يُركزون على ضرورة الفرد المسلم وحاجته، غيرَ معنيين كثيرًا بضرورات الجماعة المسلمة وحاجاتها.

وأعتقد أن من المهم واللازم للفقيه -لتكون فتواه عن بينة- أن يهتم بالجماعة وضروراتها وحاجاتها المادية والمعنوية، الآنية والمستقبلة، وألا يُغْفِلَ تأثيرَ هذه

(1) منطلقات لفقه الأقليات، أ. العربي البشري، (ص 241).

ص: 516

الضرورات والحاجات في سَيْرِ الجماعة وقوتها الاقتصادية، وتماسكها الاجتماعي، وسلوكها الأخلاقي، وتقدمها العلمي والثقافي، وقبل ذلك: هويتها الإيمانية.

لقد عُني القرآن والسنة بالجماعة؛ ولهذا كان الخطاب القرآني بأحكام الله تعالى خطابًا للجماعة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ، سواء تعلَّق التكليف بالتعبد:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183]، أم تعلَّق بالمعاملات:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]، أم تعلَّق بشئون الأسرة:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: 231]، أم تعلَّق بالعقوبات والتشريع الجنائي:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178].

بل يخاطب القرآن الجماعة أو الأمة كلها بما ينفذه الولاة والأمراء، مثل: إبرام المعاهدات مع الأعداء، ومثل: إقامة الحدود على الجناة، كقوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 4].

وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: 38].

وهذه النصوص وغيرها تؤكد أهمية الجماعة، ومسئوليتها التضامنية في إقامة شرع الله، وتطبيق أحكامه في الأرض.

والأحاديث النبوية تؤيد هذا الاتجاه وتقويه، كقوله صلى الله عليه وسلم:"يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار"(1).

(1) أخرجه: الترمذي، كتاب الفتن، باب: لزوم الجماعة، (2167)، والحاكم في "مستدركه"(1/ 115، 116)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. ولأوله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وغيره.

ص: 517

والفقه الإسلامي يبارك هذه النزعة الجماعية بأحكام كثيرة، بعضها يتعلق بالجانب الاجتماعي، وبعضها يتعلق بالجانب الاقتصادي، وبعضها بالجانب السياسي.

وحسبنا أنه يُقدم حق الجماعة على حقوق الأفراد الخاصة، فعندما يغزو العدو أرضًا، تنفر الجماعة كلها للمقاومة، فيخرج الابن بغير إذن أبويه، وتخرج المرأة بغير إذن زوجها، والمرءوس بغير إذن رئيسه؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا حق لفرد أمام حرمات الأمة.

ويذكر الإمام الغزالي هنا مسألة (التترس) وهو أن يَتَّخِذَ العدوُّ المحاربُ بعضَ المسلمين تروسًا بشرية يَحتمي بهم، ويضعهم في مواجهة الخطر، ويجيز الإمام الغزالي وغيرُهُ من الفقهاء التضحيةَ بهؤلاء المُتَتَرَّسِ بهم، إذا كان في الإبقاء عليهم خطرٌ على الجماعة كلِّها؛ لأنَّ الإبقاء على الكل أهم من الإبقاء على الجزء.

ومن ثَمَّ كان لا بد للفقه المطلوب هنا: أن يراعي مصالح الجماعة المسلمة، ولا يجعل كلَّ همه الاقتصارَ على حفظ مصالح الأفراد، فالفرد قليل بنفسه كثير بجماعته.

ومن حقِّ الجماعة المسلمة في ديار الغرب ونحوها: أن تكون جماعة قوية متعلمة متماسكة قادرة على أن تؤدي دورها، وتتمسك بدينها، وتحافظ على هويتها، وتُنَشِّئَ أبناءَها وبناتها تنشئةً إسلامية حقَّةً، وتبلغ رسالتها من حولها بلسان عصرها" (1).

ومما يلتحق برعاية الضرورات والحاجات في بلاد الأقليات المسلمة: الاعترافُ بحالات استثنائية، وظروف طارئة وبلوى عامة، والتعامل مع كلٍّ بما يناسبه، فيحقق المصلحة ويدرأ المفسدة.

فإذا خلت تلك الديار عن ولاية شرعية تُرَدُّ إليها المنازعاتُ، وتفصل في الخصومات، ولم يوجد من تتحقق أهليته الشرعية لذلك، فلا حرج أن يُعتبر الأمثل

(1) في فقه الأقليات المسلمة، د. يوسف القرضاوي، (ص 46 - 48).

ص: 518

فالأمثل من أهل تلك الديار، أو المقيمين بها.

وقد قال ابن القيم رحمه الله: "إذا لم يجد السلطان من يوليه إلَّا قاضيًا عاريًا عن شروط القضاء، لم يعطل البلد عن قاضٍ، وولَّى الأمثلَ فالأمثلَ.

ونظيرها لو غلب الحرامُ المحض أو الشبهة حتى لم يجد الحلالَ المحض فإنه يتناول الأمثلَ فالأمثلَ.

ونظيرُ هذا لو كان الفسق هو الغالب على أهل تلك البلد، وإن لم تقبل شهادة بعضهم على بعض وشهادته له لتعطلت الحقوق وضاعت، قُبِلَ شهادةُ الأمثلِ فالأمثلِ.

ونظيرُ هذا لو شهد بعض النساء على بعض بحق في بدن أو عرض، أو مال، وهن منفردات، بحيث لا رجلَ معهن، كالحمَّامات، والأعراس، قبلت شهادةُ الأمثلِ منهن" (1).

"ولا يضع الله ورسوله حقَّ المظلوم، ويعطل إقامة دينه في مثل هذه الصور أبدًا، بل نبه الله على قبول شهادة الكفار على المسلمين في السفر في الوصية في آخر سورة نزلت ولم ينسخها شيء ألبتة، ولا نسخ هذا الحكم كتاب ولا سنة، ولا اجتمعت الأمة على خلافه، ولا يليق بالشريعة سواه، فإن الشريعة شُرِعَتْ لتحصيل مصالح العباد بحسب الإمكان، وأي مصلحة لهم في تعطيل حقوقهم إذا لم يحضر أثناء تلك العقود شاهدان حُرَّان ذكران عدلان؟ بل إذا قلتم: نقبل شهادة النساء حيث لا رجلَ، وينفذ حكم الفاسق إذا خلا الزمان عن قاضٍ عادل عالم، فكيف لا تقبل شهادة الكفار بعضهم على بعضهم إذا خلا جمعهم عن مسلم"(2).

(1) إعلام الموقعين، لابن القيم، (4/ 197).

(2)

الفواكه العديدة في المسائل المفيدة، لأحمد بن محمد بن منقور، تحقيق: زهير الشاويش، شركة الطباعة العربية السعودية، ط 5، 1407 هـ - 1987 م، (2/ 182 - 183)، مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، د. يوسف القرضاوي، مكتبة وهبة، القاهرة، ط 1، 1411 هـ - 1991 م، (ص 123 - 125)، في فقه الأقليات المسلمة، د. يوسف القرضاوي، (ص 55 - 56).

ص: 519

وأخيرًا فإن التأكيد على رعاية هذه المصالح يجب أن يكون بميزان الحق، لا الهوى، والعدل، لا الجور، فمن المصالح ما هو غير معتبر، فلا يصلح إذن أن يُنادَى في غرب ولا شرق ولا في أقلية ولا أكثرية بمساواة الأنثى للذكر مثلًا في الإرث؛ نظرًا لتساويهم في الأخوة؛ وذلك لقوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11].

كما لا يصلح لمسلمة أن تنزع حجابها في دار غير المسلمين؛ لتعمل في وظيفة، أو تتلقى تعليمًا، فضلًا عن أن تفعل هذا مسايرةً أو تقليدًا، والله تعالى يقول:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31].

ولا يحلُّ لمسلم أن يُنشئ مصنعًا لبيع الخمور، أو أن يفتح محلًّا للتجارة فيها، لا في ديار المسلمين؛ بحجة تشجيع السياحة، وتنمية الاقتصاد، وزيادة الدخل القومي، ولا في ديار غير المسلمين؛ بحجة الحاجة، أو ضيق ذات اليد، والله تعالى يقول:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90].

ولا يحلُّ لمسلم أن يعمل ببلاد الغرب، أو الشرق في بيع أوراق اليانصيب (القمار)، ولا الخنزير، ولو تَوَهَّمَ أن في ذلك مصلحةً.

إن المصلحة راجعة إلى خطاب الشارع الحكيم، والفرق واضح بين المصلحة القائمة على أوامر الشرع المطهر، والمتوهمة الراجعة إلى داعية الهوى والتشهي، قال تعالى:{وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26].

ص: 520