الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقد تنامت حدة المواجهات للمد الإسلامي بسبب انتشاره بشكل ملحوظ حتى غدا المسلمون الأقلية (1) الأكبر عددًا وقبل اليهود، حيث يبلغ عددهم -في بعض التقديرات- حوالي عشرة ملايين مسلم كما استغل اللوبي اليهودي أحداث سبتمبر (2001 م) ليشنوا حملة ضارية ضد المسلمين.
ولا شك أن إقامة المسلمين في البلاد غير الإسلامية تكتنفها إشكالات كثيرة، وتتعلق بالهجرة إلى تلك البلاد واللجوء السياسي إليها أحكام متعددة، كما تثور تساؤلات كثيرة حول تجنس المسلم بجنسية الدول غير المسلمة وتولي الوظائف العامة في تلك الدول، وإقامة الأحزاب السياسية، ودخول المجالس النيابية، وما يحيط بذلك كله من أحكام.
المطلب الخامس: المشكلات الاقتصادية والمالية:
في قارة كإفريقيا يبدو البعد الاقتصادي مؤثرًا بشكل واضح وفعال، وإذا كانت عامة الدول الإفريقية تعاني فقرًا وضعفًا ناشئًا عن الجهل تارة وعن الاستعمار تارة أخرى؛ فإن الأقلية المسلمة هي الأشد بؤسًا في هذا المجال في أغلب المناطق والبلدان، وقد استهدفت تلك الأقليات المسلمة من حركات التنصير الناشطة في طول أفريقيا وعرضها؛ فهي تقدم الصليب مع الغذاء والدواء والكساء لتلك الأقليات المطحونة.
وحتى في القارة الغنية أمريكا؛ فإن الأقلية المسلمة تعاني من تمييز في الأجور والوظائف بين المسلمين وغيرهم؛ حيث يبلغ متوسط دخل الفرد المسلم في كندا عام (1980 م)20.220 دولار كندي ليقل عن نظيره غير المسلم بما يصل أحيانًا إلى 22 % (2)
(1) فقه الجاليات الإسلامية في المعاملات المالية والمعاملات الاجتماعية، رسالة دكتوراة في الجامعة الأمريكية المفتوحة، د. شريفة سالم السعيد، بإشراف د. محمد أحمد القضاة، نوقشت 2001 م (ص 14 - 16).
(2)
التمييز في الأجور والوظائف وآفاق المستقبل للشباب المسلم في كندا، داود حسن حمداني، ضمن بحوث الأقليات المسلمة في العالم ظروفها المعاصرة، آلامها، وآمالها، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر، 1420 هـ - 1999 م، (3/ 1187 - 1189).
ولا شك أن لهذا التفاوت أسبابه السياسية والقانونية والاجتماعية، إلا أن المحصلة تصب في ضعف القوى الاقتصادية للمسلمين.
وفي بلد كاليونان يُحرم المسلمون في تراقيا الغربية من إنشاء وتعمير المباني الخاصة بهم كما يُحرمون من استخراج تصاريح قيادة السيارات، كما منعت الحكومة اليونانية بيع المسلم أملاكه إلى مسلم آخر! وفي حالة قبول البيع فلا بد أن يكون إلى الروم المسيحيين فقط، وفي الأشهر الأخيرة من (1994 م) فرضت على أرباب المهن من المسلمين غرامات كبيرة بدون أي سبب يذكر (1).
وما حدث في اليونان حدث مثله في روسيا والفلبين وتايلاند والبوسنة وغيرها، حيث صودرت آلاف الأفدنة من أراضي الأوقاف الإسلامية، ووزِّعت على غير المسلمين.
ولقد كان لهذا أكبر الأثر في إضعاف الدعوة والدعاة في تلك البلاد.
ثم يبقى المال عصب الحياة وأساس التغيير، وكل تحسن لأوضاع الأقليات المسلمة يرتبط بالإمكانات المادية بوجه من الوجوه، فإنشاء مدرسة أو مسجد أو مركز إسلامي يرتبط رأسًا بالحالة الاقتصادية للأقلية المسلمة.
وتبقى لدى هذه الأقليات مسائلها ومشكلاتها الاقتصادية المتعلقة بتمييز ما يحل ويحرم من معاملات مالية، أو تعاملات مصرفية، أو أعمال ضمن مؤسسات يكثر فيها الحرام، أو يختلط فيها الحلال بالحرام، أو مستجدات ونوازل ترتبط بواقع تلك البلاد، الأمر الذي يستوجب نظرًا فقهيًّا يعالج هذه المسائل بتؤدة وحكمة.
(1) المسلمون في تراقيا الغربية -اليونان، للأستاذ. خالد أرن، ضمن بحوث: الأقليات المسلمة في العالم ظروفها المعاصرة، آلامها، وآمالها، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر، 1420 هـ - 1999 م، (3/ 1086 - 1087).