الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الدلالة:
لمَّا قصدا بهذا النكاح التحليل، واحتالا على استباحة الحرام وتحليله استحقّا اللعنةَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أفتى العلماء -وفقًا لهذه القاعدة- بما يسدُّ باب الحيل المحرمة.
وقد ذُكِرَ للإمام أحمد رحمه الله أن امرأة كانت تريد أن تفارق زوجها فيأبى عليها، فقال لها بعض أرباب الحيل: لو ارْتَدَدْتِ عن الإسلام بِنْتِ؛ ففعلتْ.
فغضب أحمد رحمه الله وقال: "من أفتى بهذا أو علَّمه أو رضي به فهو كافر" ووجهُهُ أنه أمر باستحلال الكفر، وذلك كفر (1).
وذهب بعض الحنفية إلى عدم وقوع الفرقة أصلًا بهذا زجراً لها، ومن أفتى منهم بوقوع الفرقة قال: وليس لها بعد توبتها أن تتزوج بغير زوجها، وتُجْبَر على تجديد عقدها بمهر يسير مع زوجها الأول، وبه يُفْتَى. (2)
القاعدة الثانية: ما قارب الشيءَ يُعطَى حُكْمَه:
وقد تنوعت عبارة الفقهاء في التعبير عن هذه القاعدة، فقالوا: ما قارب الشيء هل يُعْطَى حكمَه؟ (3)
وقالوا: المشرف على الزوال هل يُعْطَى حكمَ الزائل؟ (4)
وقالوا: المتوقَّعُ هل يُجْعَلُ كالواقع؟ (5)
(1) إغاثة اللهفان، لابن القيم، (1/ 356).
(2)
شرح القواعد الفقهية، للزرقا، (ص 471 - 472).
(3)
الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص 178)، المنثور، للزركشي، (3/ 144).
(4)
الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص 178)، الأشباه والنظائر، لابن السبكي، (1/ 98).
(5)
الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص 178)، الأشباه والنظائر، لابن السبكي، (1/ 98).
وألحقوا بها ما هو أخص منها، كقولهم:
هل العبرة بالحال أو المآل؟ (1)
الطارئ هل يُنَزَّلُ منزلةَ المقارِن؟ (2)
وألحقوا بها ما هو قريب منها، كقولهم:
تنزيل الاكتساب منزلة المال الحاضر. (3)
وهذه القواعد بجملتها تؤكد على معنى اعتبار المآل وأثره القوي في بناء الأحكام والفتاوي عليه؛ حيث تدلُّ القاعدة المذكورة أن ما لاح منه الإفضاء إلى مآل ما إلى حدِّ القرب؛ فإنه يُعْطَى حكمَ مآلِهِ الذي يُؤذن بقرب الإفضاء إليه.
وقد صِيغتْ أكثر هذه القواعد بصيغة الاستفهام؛ للإفصاح عن الخلاف فيها، واختلاف الترجيح في الفروع تبعاً لذلك.
والفقهاء ذكروا القاعدة وصيغها كثيرًا في ثنايا تعليل الأحكام.
ولقد ذهب بعض الحنفية والمالكية، وهو أحد القولين للشافعية والحنابلة إلى أن العبرة بالمآل وثاني الحال، أي: بما يؤول إليه الشيء في المستقبل، فَيُسْنَدُ الحكم إليه في الحال. (4)
قال ابن رجب: ومن عجَّل عبادة قبل وقت الوجوب، ثم جاء وقت الوجوب وقد تغير الحال، بحيث لو فعل المعجَّل في وقت الوجوب لم يجزئه، فهل تجزئه أو لا؟ (5)
وقد قال أصحاب هذا الرأي: إن العبرة بالمآل بحسب ما يطرأ في المستقبل؛ لأن ما يحدث في المستقبل لو كان موجودًا في الحال لأثَّر في الحكم فيعتدُّ بالمآل ويُعْطَى حكمَ الحال.
(1) الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص 178)، الأشباه والنظائر، لابن السبكي، (1/ 98).
(2)
المنثور، للزركشي، (2/ 347).
(3)
الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص 180)، إيضاح القواعد الفقهية، للحجي، (ص 99).
(4)
الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص 180)، المقاصد الشرعية في القواعد الفقهية، د. عبد العزيز عزام، (ص 494).
(5)
القواعد، لابن رجب، (ص 6).