الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حقوق الإنسان ما جرى لأهل الإسلام في تلك البلاد (1).
وما تزال دعاوى الهندوس ومنظماتهم الدينية تطالب بتحويل 170 مليون مسلم إلى الديانة الهندوسية (2).
وفي تايلاند كثيرًا ما تتهم الحكومة المسلمين بأنهم شيوعيون؛ لتبرير القبض عليهم أو قتلهم، كما تفرض الدولة على المسلمين هناك الثقافة البوذية، ولقد قام البوذيون هناك بتزييف طبعات محرفة للقرآن الكريم، ومن العجب أن تسمح تلك الدولة بالإرساليات النصرانية في بلادها في أوساط المسلمين (3).
الفرع الثالث: الأقليات المسلمة تحت الحكم الشيوعي:
لا يتوقع من حكومة بَنَتْ إيديولوجيتها على الإلحاد ومحاربة الدين أن تعامل أهل الأديان السماوية عامة، وأهل الإسلام على وجه أخص؛ إلا بالظلم والحيف!
والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى؛ فقد فرض الشيوعيون على جميع المواطنين الولاء للمذهب الماركسي اللينيني؛ ففي الاتحاد السوفيتي السابق نصَّت المادة 130 من الدستور: "على كل مواطن في الاتحاد السوفيتي أن يأخذ بيد جميع المواطنين طوعًا أو كرهًا ليبلغوا درجة الإيمان بالمذهب الماركسي اللينيني!! وكل مواطن في الاتحاد السوفيتي يلتزم بأن يراعي الدستور، ويطبق أحكامه، ويحافظ على نظام العمل، ويؤدي أمانة واجبه الاجتماعي، ويحترم الأسس التي يقوم عليها المجتمع الاشتراكي".
ويقسم المواطنون حسب ولائهم للمذهب إلى ثلاثة أصناف (4):
(1) أوضاع الأقليات والجاليات الإسلامية في العالم، د. مجدي الداغر، (ص 176 - 179).
(2)
الجغرافيا السياسية المعاصرة، عبد الغني سعودي، (ص 172).
(3)
أوضاع الأقليات والجاليات الإسلامية في العالم، د. مجدي الداغر، (ص 288 - 289).
(4)
فقه الجنسيات، د. أحمد محمد، (ص 241).
1 -
من يؤمن بالمذهب الماركسي والنظام اللينيني، وهم الطبقة الأولى التي تحمل جنسية الاتحاد السوفيتي، بصرف النظر عن مكان ولادتهم وأصل نسلهم.
2 -
من يؤمنون بالمذهب الماركسي دون النظام اللينيني، وهذا الصنف ينظر إليهم نظرة أدنى، وبالتالي يكون مركزهم في الجنسية أضعف.
3 -
من لا يؤمنون بهذا ولا ذاك، وهذا الصنف لا يستحق على الإطلاق أن يحمل الجنسية السوفيتية، بل لا يستحق أن يبقى على قيد الحياة.
والأقليات المسلمة في مثل هذه الدول من الصعب أن تجد انفراجًا لمجرد المحافظة على دينهما وممارسة شعائرهما إلا في الخفاء والحدود الضيقة، ففي كل من الاتحاد السوفيتي السابق والصين الشعبية اتخذت الحكومة الشيوعية عدة أساليب للتعامل مع المواطنين المسلمين منها (1):
إغلاق المدارس الإسلامية، والمساجد وهدمها وتحويلها إلى أماكن سياحية، بل وإلى مزابل، ومصادرة الكتب الإسلامية وإحراقها، ومنع الصلاة والصوم والحج وذبح الأضاحي بحجة الإضرار باقتصاد البلاد، وأمام هذا التضييق اضطر بعض علماء السلطان في روسيا إلى إصدار الفتوى التي أباحت جمع الصلاة مرة واحدة في اليوم، وأداء الصوم يومًا واحدًا في شهر رمضان انسجامًا مع أهداف السوفيت، ومورست سياسة التهجير الإجباري لتفريق تجمع المسلمين واستيطان غير المسلمين في مناطق المسلمين.
وفي سبيل محاربة الدين الإسلامي عمدت الحكومة إلى تعبئة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والتعاليم المدرسية لتشويه صورة الدين والمتدينين والسخرية منهم، وذلك إلى جانب أسلوب القبض على زعماء المسلمين وقتل الكثير منهم بحجة عدم الولاء
(1) محنة الأقليات المسلمة في العالم، الأستاذ محمد عبد الله السَّمان، (ص 138 - 144).
للنظام، وإبادة المسنين من المسلمين في المزارع الجماعية لاستغناء الدولة عنهم.
ولا شك أنه بعد سقوط الدب الروسي وتفكك إمبراطورية الإلحاد العالمية، وتحرر كثير من الجمهوريات الإسلامية، قد تغيرت أحوال المسلمين إلى الأفضل، وإن بقيت مشكلات بشكل أو بآخر في الجانب الديني.
فأحيانًا تكمن المشكلة أو لعلها تبدأ بعدم وجود مسجد أو مصلى، وفي حال وجوده تظهر مشكلة توافر العالِمِ أو الموجه، وفي حال توفر الشيخ قد لا يكون على المستوى المطلوب.
وسواء وجد المسجد أو المصلى أو العالِم أو الشيخ أو فُقِدَ هؤلاء؛ فإن طبيعة الأنظمة العامة في دوام العمل الوظيفي أو المهني قد تَحُول دون تمكين المسلمين من تأدية الصلوات في وقتها أو قد تضطرهم إلى التغيب عن الجمعة والجماعة.
وبقدر إحساس الأقليات أو الجاليات بأهمية المسجد وتأثيره على حياتهم ومسارها الإسلامي يرفعون عن أنفسهم الإثم فيعملون لإنشاء المسجد الذي غدا في أكثر الدول مركزًا إسلاميًّا تلحق به قاعة للمحاضرات وبيت للإمام ومكتبة.
ولا ريب أن مثل هذه المراكز مكلفة أرضًا وبناءً، خاصة إذا ما كان المكان في وسطٍ سكانيٍّ، ويعجز عن تلك التكلفة -بوجه عام- مسلمو تلك البلدان؛ وهنا تنشأ المشكلة، فتتراوح بين الإصرار على الإنشاء والاتصال بالعالم الإسلامي لتغطية معظم التكاليف، وبين الإبقاء على وضع متردٍ لا يليق بجالية أو أقلية (1).
ولا تفوت الإشارة إلى مأساة تركستان الشرقية الخاضعة لحكم الصين الشيوعية منذ عام (1949 م)، وتركستان الغربية الخاضعة لحكم روسيا الشيوعية منذ عام (1923 م)،
(1) الأقليات الإسلامية في العالم، د. محمد علي ضناوي، (ص 42، 43).
حيث أباد قطبا الشيوعية أكثر من خمسة ملايين مسلم، في حين اضطر نحو أربعة ملايين آخرين إلى الهجرة والنزول إلى البلاد الإسلامية والأوروبية إبقاءً على مُهَجِهم.
وقد ألغى الصينيون الملكية الفردية واعتبروا الإسلام خروجًا عن القانون، وأنه دين أجنبي لا صلة له بأصول وجذور الصين، فألغوا المؤسسات الدينية، وأغلقوا المساجد الرئيسة وحولوها إلى محلات ونوادٍ ومقاهٍ للخمور والفجور، وحين حاول المسلمون تأدية صلاة عيد الأضحى في تلك المساجد وقعت مصادمات عنيفة أسفرت عن مقتل وإصابة حوالي خمسة وسبعين ألفًا من أهالي تركستان وحدها، وذلك عام (1966 م)(1).
كما أوقفت بعثات الحج الرسمية بعد عام (1964 م)، وتم إغلاق المعهد الديني الوحيد في البلاد، ليحاول المسلمون المحافظة على عقيدتهم بالتدريس في البيوت، ولم يطرأ تحسن على هذه الأوضاع إلا بعد هلاك "ماوتسي"(1976 م)، إلا أن الأمر لم يدم طويلًا حيث ألقت القوات الصينية القبض على زعماء الحزب الإسلامي في رمضان من عام (1990 م) وأعدمتهم جميعًا، ومنعت من إقامة المساجد ومدارس تعليم القرآن الكريم، وتجدد الأمر في عام (1996 م)، حيث اصطدمت الأقلية المسلمة بجحافل الإلحاد؛ الأمر الذي ترتب عليه مأساة إعدام 1000 طفل تركستاني شرقي مسلم، واعتقال 18.000 مسلم، وإعدام 43 شخصية دينية، وتسريح 5 آلاف موظف حكومي من عمله (2).
وبعد هذا كله يصرح وزير خارجية الصين فيقول: "إننا نأمل أن تكون معركتنا ضد قوات تركستان الشرقية جزءًا من الحملة العالمية لمكافحة الإرهاب في العالم"!! (3)
(1) المسلمون في الصين، د. محمد حرب، (ص 12).
(2)
المسلمون ومؤامرات الإبادة، ممدوح الشيخ، (ص 74).
(3)
تداعيات أحداث (11 سبتمبر) على النظام العالمي جميل مطر، معهد البحوث والدراسات العربية، جامعة الدول العربية، عدد (أكتوبر 2002)، (ص 99 - 101).