الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
99 - الجاهلية
*
الجاهلية في اللغة: مصدر صناعي، مأخوذ من الجاهلي، نسبة إلى الجاهل المشتق من الجَهْل
(1)
.
والجَهْل خلاف العلم ونقيضه.
قال الليث: "الجهل نقيض العلم والجهالة: أن يفعل فعلًا بغير علم"
(2)
.
وقال ابن خالويه: "إن هذا الاسم حدث في الإسلام للزمن الذي كان قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم "
(3)
.
وقال النووي رحمه الله: "المراد بالجاهلية، ما كان في الفترة قبل الإسلام"
(4)
.
وقال ابن الأثير وتبعه ابن منظور: "هي الحال التي كانت عليها العرب قبل الإسلام، من الجهل بالله - سبحانه - ورسوله، وشرائع الدين، والمفاخرة بالأنساب، والكبر، والتجبر، وغير ذلك"
(5)
.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز: "ونعني بالجاهلية كل ما ليس من أتباع الرسل عليهم السلام كالفلاسفة والكهان والمنجمين ودهرية العرب الذين كانوا قبل
* أحكام القرآن القرطبي 18/ 74. اقتضاء الصراط المستقيم 1/ 205، 215، 216، 227. مجموع فتاوى ابن باز ص 503. شرح مسائل الجاهلية للسعيد 1/ 54. مجموع الفتاوى لابن عثيمين 7/ 174 في تاريخ الأدب الجاهلي د. علي الجندي ص 7، 8.
(1)
في تاريخ الأدّب الجاهلي علي الجندي ص 7، 8، وانظر للاستزادة شرح مسائل الجاهلية للسعيد 1/ 54.
(2)
تهذيب اللغة للأزهري 6/ 56.
(3)
بلوغ الأرب 1/ 16.
(4)
شرح صحيح مسلم للنووي 2/ 110.
(5)
النهاية في غريب الحديث، لسان العرب مادة (ج هـ ل).
مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذه علوم لقوم ليس لهم علم بما جاءت به الرسل صلى الله عليه وسلم "
(1)
.
* الدليل من الكتاب: ورد لفظ الجاهلية في القرآن الكريم في عدة مواضع فمن ذلك قول الله تعالى {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة: 50] وقال عز وجل: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، وقال تعالى:{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26].
الدليل من السنة: ورد في السنة لفظ الجاهلية كثيرًا فمن ذلك أن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَوْفِ نَذْرَكَ فَاعْتكَفَ لَيْلَةً"
(2)
.
وقول عائشة رضي الله عنها: "النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء"
(3)
.
وقول حذيفة رضي الله عنه: "يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر"
(4)
.
وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "إذا سرك أن تعلم جهل العرب، فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة في سورة الأنعام {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)} [الأنعام: 140] "
(5)
.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية"
(6)
.
(1)
مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز ص 501، 502.
(2)
أخرجه البخاري (2032)، ومسلم (1656).
(3)
أخرجه البخاري (5127).
(4)
أخرجه البخاري (3606)، ومسلم (1847).
(5)
أخرجه البخاري (3524).
(6)
أخرجه البخاري (1294)، ومسلم (103).
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية حديث أبي ذر حين سابَّ رجلًا فعيَّره بأمه، فأتى الرجلُ النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"إنك امرؤ فيك جاهلية". فقال رحمه الله: "ففي هذا الحديث أن كل ما كان من أمر الجاهلية فهو مذموم؛ لأن قوله "فيك جاهلية" ذم لتلك الخصلة، فلولا أن هذا الوصف يقتضي ذم ما اشتمل عليه لما حصل به المقصود.
وفيه: أن التعيير بالأنساب من أخلاق الجاهلية.
وفيه: أن الرجل - مع فضله وعلمه ودينه - قد يكون فيه بعض هذه الخصال المسماة بجاهلية، ويهودية، ونصرانية، ولا يوجب ذلك كفره ولا فسقه"
(1)
.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فقوله صلى الله عليه وسلم: "كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع" يدخل فيه كل ما كانوا عليه من العبادات والعادات، ولا يدخل فيه ما كانوا عليه من الجاهلية وأقره الله تعالى في الإسلام كالمناسك والدية والقسامة، لأن أمر الجاهلية معناه المفهوم منه ما كانوا عليه مما لا يقره الإسلام فيدخل في ذلك كل ما كانوا عليه وإن لم ينه في الإسلام عنه بعينه"
(2)
.
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أبغض الناس إلى الله ثلاثة: مُلحِد في الحرم، ومُبتَغٍ في الإسلام سنة جاهلية، ومُطَّلِب دمَ امرئ بغير حق ليهريق دمه"
(3)
.
وقال ابن تيمية رحمه الله: "والسنة الجاهلية: كل عادة كانوا عليها. فإن السنة: هي العادة، وهي الطريق التي تتكرر، لتتسع لأنواع الناس مما يعدونه عبادة أو لا يعدونه عبادة قال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} [آل عمران: 137]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم" والاتباع هو الاقتفاء والاستنان. فمن
(1)
الاقتضاء 1/ 220.
(2)
مختارات من اقتضاء الصراط المستقيم ضمن مجموع فتاوى ابن عثيمين 7/ 174.
(3)
أخرجه البخاري (6882).