الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام وفوائد:
1 - حكم الحلف بغير الله:
الحلف بالمخلوقات حرام عند جمهور العلماء.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "وممن حكى الإجماع في تحريم الحلف بغير الله الإمام أبو عمر بن عبد البر النمري رحمه الله. وقد أطلق بعض أهل العلم الكراهة، فيجب أن تحمل على كراهة التحريم عملا بالنصوص وإحسانا للظن بأهل العلم"
(1)
. وقد تقدم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك".
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله: "أخذ به طائفة من العلماء فقالوا: يكفر من حلف بغير الله كفر شرك، قالوا: ولهذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم بتجديد إسلامه بقول: لا إله إلا الله. فلولا أنه كفر ينقل عن الملة لم يؤمر بذلك. وقال الجمهور: لا يكفر كفرا ينقله عن الملة، ولكنه من الشرك الأصغر كما نص على ذلك ابن عباس وغيره، وأما كونه أمر من حلف باللات والعزى أن يقول: لا إله إلا الله، فلأن هذا كفارة له مع استغفاره كما قال في الحديث الصحيح: "ومن حلف فقال في حلفه واللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله" وفي رواية: "فليستغفر" فهذا كفارة له في كونه تعاطى صورة تعظيم الصنم، حيث حلف به لا أنه لتجديد إسلامه، ولو قدر ذلك فهو تجديد لإسلامه لنقصه بذلك لا لكفره لكن الذي يفعله عباد القبور إذا طلبت من أحدهم اليمين بالله، أعطاك ما شئت من الأيمان صادقًا أو كاذبًا. فإذا طلبت منه اليمين بالشيخ أو تربته أو حياته، ونحو ذلك، لم يقدم على اليمين به إن كان كاذبا فهذا شرك أكبر بلا ريب، لأن المحلوف به عنده أخوف وأجل وأعظم من الله. وهذا ما بلغ إليه شرك عباد الأصنام، لأن جهد اليمين عندهم هو الحلف
(1)
مجموع فتاوى ابن باز 725.
بالله كما قال تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} [النحل:38]. فمن كان جهد يمينه الحلف بالشيخ أو بحياته، أو تربته فهو أكبر شركًا منهم، فهذا هو تفصيل القول في هذه المسألة"
(1)
.
وقال ابن باز رحمه الله: "والحلف بغير الله من الشرك الأصغر، وقد يُفضي إلى الشرك الأكبر إذا اعتقد تعظيمه مثل تعظيم الله، أو أنه ينفع ويضر دون الله، أو أنه يصلح لأن يُدعى أو يستغاث به"
(2)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والحلف بغير الله شرك أكبر إن اعتقد أن المحلوف به مساوٍ لله تعالى في التعظيم والعظمة، وإلا فهو شرك صغر"
(3)
.
وقال ابن تيمية رحمه الله: "والحلف بالمخلوقات حرام عند الجمهور، وهو مذهب أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد، وقد حُكِيَ إجماع الصحابة على ذلك"
(4)
.
ويدل على حرمته قول عبد الله بن مسعود: "لأنِ أحلف بالله كاذبا أحب إليّ من أن أحلف بغير الله صادقًا"
(5)
؛ لأن الشرك أعظم من الكذب.
قال ابن قدامة المقدسي من الحنابلة: "ولا تنعقد اليمين بالحلف بمخلوق كالكعبة والأنبياء وسائر المخلوقات ولا تجب الكفارة بالحنث فيها، وقال أصحابنا الحلف بالرسول صلى الله عليه وسلم يمين موجبة الكفارة، وروي ذلك عن أحمد"
(6)
، ثم
(1)
تيسير العزيز الحميد ص 599، 600.
(2)
مجموع فتاوى ابن باز ص 561.
(3)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 10/ 797.
(4)
مجموع الفتاوى لابن تيمية 1/ 204.
(5)
سبق تخريجه.
(6)
انظر: المغني لابن قدامة 11/ 209.
رجح ابن قدامة المنع لأنه ليس بمنصوص ولا يصح قياس اسم غير الله على اسمه.
وقال ابن تيمية: "والصواب ما عليه الجمهور من أنه لا تنعقد اليمين بمخلوق لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره"
(1)
.
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله: "قال بعض المتأخرين: تجب الكفارة بالحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، وهذا قول باطل ما أنزل الله به من سلطان، فلا يلتفت إليه وجوابه المنع"
(2)
.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "وقد روي خلاف شاذ في جوازه بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول لا وجه له بل هو باطل وخلاف لما سبقه من إجماع أهل العلم، وخلاف للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك"
(3)
.
وقال القدوري من الحنفية: "ومن حلف بغير الله لم يكن حالفا كالنبي والقرآن والكعبة"
(4)
.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والصواب الذي عليه عامة علماء المسلمين سلفهم وخلفهم، أنه لا يحلف بمخلوق لا نبي ولا غير نبي، ولا ملَك من الملائكة، ولا ملِك من الملوك، ولا شيخ من الشيوخ، والنهي عن ذلك نهي تحريم عند أكثرهم كمذهب أبي حنيفة وغيره وهو أحد القولين في مذهب أحمد"
(5)
.
(1)
الاستغاثة ص 365.
(2)
تيسير العزيز الحميد ص 599.
(3)
مجموع فتاوى ابن باز 742.
(4)
انظر: اللباب في شرح الكتاب عبد الغني الحنفي تحقيق محمود أمين النواوي 4/ 5.
(5)
الفتاوى لابن تيمية 27/ 349.