الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اليد وسرعة الحركة، والسحر التمويهي وهو ما يكون بتمويه بعض المواد بما يظهرها على غير حقيقتها فهذان النوعان من الغش والخداع وليسا من السحر الذي هو كفر"
(1)
.
وقال الدميني - حفظه الله -: "أما الأخذ بالعيون وخفة الأيدي والحركات الخفية والخداع والأعمال الهندسية والكيمائية فهي لا تخلو من حرمة لما يترتب عليها من أخذ أموال الناس بالباطل والاعتقاد في فاعل ذلك أن له من القدرة والتصرف فوق ما يستحقه مما اختص به الله"
(2)
.
6 - حد الساحر:
صح عن جندب رضي الله عنه أن حد الساحر ضربه بالسيف
(3)
.
وكذلك عن غيره من الصحابة والتابعين
(4)
.
وقال الحسن رضي الله عنه يقتل السحار ولا يستتابوا
(5)
.
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله: "وبهذا الحديث أخذ أحمد ومالك وأبو حنيفة، فقالوا: يقتل الساحر. وروي ذلك عن عمر وعثمان وابن عمر وحفصة وجندب بن عبد الله وجندب بن كعب وقيس بن سعد وعمر بن عبد العزيز. ولم ير الشافعي عليه القتل بمجرد السحر إلا إن عمل في سحره ما يبلغ الكفر"
(6)
.
وجاء في بعض الوقائع الصحيحة المأثورة ما يتضمن عدم قتل الساحر كعدم
(1)
جواب في الإيمان ونواقضه ص 19، 20.
(2)
كتاب السحر للدميني ص 29، 30.
(3)
الترمذي (1460).
(4)
المصنف لابن أبي شيبة 10/ 135، 136، مصنف عبد الرزاق 10/ 180، 184، فتح الباري 6/ 261، مجمع الزوائد 6/ 280، 281.
(5)
مصنف ابن أبي شيبة 10/ 135.
(6)
تيسير العزيز الحميد ص 395.
قتل لبيد بن الأعصم وكذلك عائشة رضي الله عنها باعت جارية لها سحرتها
(1)
؛ ولذلك جاء الخلاف في قتل الساحر فقد قال الشافعي رضي الله عنه: "إنما يقتل الساحر إذا كان يعمل في سحره ما يبلغ به الكفر فإذا عمل عملًا دون الكفر فلم نر عليه قتلًا"
(2)
.
والذي عليه الأئمة رحمهم الله أن الساحر يقتل وقد قدمنا شيئًا من أقوالهم.
قال مالك: "الساحر الذي يعمل السحر ولم يعمل ذلك له غيره، هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} فأرى أن يقتل ذلك، إذا عمل ذلك هو نفسه"
(3)
.
وأمرُ عمرَ بقتل السحرة ثابت معلوم، فعن بجالة بن عبدة قال:"كتب عمر بن الخطاب: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة. قال: فقتلنا ثلاثة سواحر"
(4)
.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "إن أثر عمر صريح في قتل كل ساحر وساحرة وهو من حجج الجمهور القائلين بأنه يقتل، وظاهره أنه يقتل من غير استتابة، وهو كذلك على المشهور عن أحمد، وبه قال مالك: إن الصحابة لم يستتيبوهم، ولأن علم السحر لا يزول بالتوبة.
وعن أحمد يستتاب، فإن تاب، قبلت توبته وخلي سبيله، وبه قال الشافعي، لأن ذنبه لا يزيد على الشرك، والمشرك يستتاب وتقبل توبته، فكذلك الساحر، وعلمه بالسحر لا يمنع توبته بدليل ساحر أهل الكتاب إذا أسلم، ولذلك صح إيمان سحرة فرعون وتوبتهم.
(1)
مصنف عبد الرزاق 10/ 183، والمغني 12/ 302.
(2)
كتاب الحدود 4/ 60.
(3)
الموطأ 2/ 871.
(4)
أخرجه أبو داود (3043).
قلت
(1)
: الأول أصح لظاهر عمل الصحابة. فلو كانت الاستتابة واجبة لفعلوها أو بينوها، وأما قياسه على المشرك فلا يصح، لأنه أكثر فسادا وتشويها من المشرك، وكذلك لا يصح قياسه على ساحر أهل الكتاب، لأن الإسلام يجب ما قبله، وهذا الخلاف إنما هو في إسقاط الحد عنه بالتوبة، أما فيما بينه وبين الله، فإن كان صادقا قبلت توبته"
(2)
.
وقال ابن باز رحمه الله: "قد اختلف العلماء في حكم الساحر، هل يستتاب وتقبل توبته؟ أم يقتل بكل حال ولا يستتاب إذا ثبت عليه السحر؟ والقول الثاني: هو الصواب، لأن بقاءه مضر بالمجتمع الإسلامي والغالب عليه عدم الصدق في التوبة، ولأن في بقائه خطرا كبيرا على المسلمين.
واحتج أصحاب هذا القول على ما قالوه بأن عمر رضي الله عنه: أمر بقتل السحرة ولم يستتبهم وهو ثاني الخلفاء الراشدين الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم.
واحتجوا أيضا بما رواه الترمذي رحمه الله عن جندب بن عبد الله البجلي أو عن جندب الخير الأزدي مرفوعا وموقوفًا: "حد الساحر ضربه بالسيف". وقد ضبطه بعض الرواة بالتاء فقال: "حد الساحر ضربة بالسيف" والصحيح عند العلماء وقفه على جندب
(3)
.
وصح عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت من غير استتابة.
قال الإمام أحمد رحمه الله: "ثبت ذلك - يعني قتل الساحر - من غير استتابة عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يعني بذلك عمر، وجندبا، وحفصة" ومما ذكرنا يعلم أنه لا
(1)
القائل الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله.
(2)
تيسير العزيز الحميد ص 395.
(3)
ذكر ذلك الترمذي، انظر تعليقه على الحديث السابق رقم (1460).
يجوز إبقاء السحرة أو إتيانهم
…
وأن الواجب قتل الساحر متى ثبت تعاطيه السحر بإقراره أو بالبينة الشرعية من غير استتابة"
(1)
.
أما شبهة عدم قتل لبيد فقد أجيب عنها بأنه ترك صلى الله عليه وسلم قتله لأنه كان بينه وبين يهود عهد وأن لبيدًا لم يعمل السحر بنفسه إنما صنعه غيره له.
وقيل إن لبيد كان يهوديًا فأظهر الإسلام نفاقا ولم يقتل الرسول صلى الله عليه وسلم المنافقين حتى لا يتحدث الناس أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه وكذلك ما وقع لجارية عائشة أجيب عنه بأنها لم تعمل السحر بنفسها وحمل الشافعي رضي الله عنه فعل عائشة رضي الله عنها على أن سحر المرأة لها ليس فيه كفر وإلا فلو كان فيه كفر لقتلتها كما فعل عمر وحفصة رضي الله عنهما
(2)
.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه: "جـ: إذا أتى الساحر في سحره بمكفر قُتل لردته حدًا وإن ثبت أنه قتل بسحره نفسًا معصومة قتل قصاصًا، وإن لم يأتِ في سحره بمكفر ولم يقتل نفسًا ففي قتله بسحره خلاف، والصحيح أنه يقتل حدًا لردته، وهذا هو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله؟ لكفره بسحره مطلقًا"
(3)
.
وقال ابن عثيمين رحمه الله: "وأما قتل الساحر فإن كان سحره كفرًا قُتل قَتل ردة، إلا أن يتوب على القول بقبول توبته وهو الصحيح وإن كان سحره دون الكفر؛ قُتل قَتل الصائل أي قُتل لدفع أذاه وفساده في الأرض وعلى هذا يرجع في قتله إلى اجتهاد الإمام وظاهر النصوص التي ذكرها المؤلف أنه يقتل بكل حال"
(4)
.
(1)
فتاوى ابن باز ص 657 وما بعدها.
(2)
فتاوى السبكي 2/ 325 وانظر كتاب الدميني ص 42 وما بعدها.
(3)
فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 369.
(4)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 9/ 489، 490. وانظر القول المفيد ط 1 - 2/ 25. وانظر كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية 1/ 28.