الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخوف بحيث لا يكون من الخوارج والمعتزلة القائلين بتخليد صاحب الكبيرة إذا مات من غير توبة في النار بل يكون وسطا بينهما كما قال تعالى {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء:57]. ومن تتبع دين الإسلام وجد قواعده أصولها وفروعها كلها في جانب الوسط"
(1)
. وقد تقدم الكلام عن ذلك في باب (الخوف).
4 - الفرق بين الرجاء والتمني:
يقول ابن القيم رحمه الله: "والفرق بين الرجاء والتمني: أن الرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل، أما التمني فيكون مع الكسل ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد؛ ولذا أجمع العلماء على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل"
(2)
.
وقال شارح الطحاوية: "والرجاء المحمود: رجاء رجُل عَمِل بطاعة الله على نور من الله فهو راجٍ لثوابه، أو رجل أذنب ذنبًا، ثم تاب منه إلى الله فهو راجٍ لمغفرته، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218]. أما إذا كان الرجل متماديًا في التفريط والخطايا، يرجو رحمة الله بلا عمل، فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب"
(3)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "واعلم أن الرجاء المحمود لا يكون إلا لمن عمل بطاعة الله ورجاء ثوابها، أو تاب من معصية ورجا قبول توبته، فأما الرجاء بلا عمل فهو غرور وتمنٍ مذموم"
(4)
.
5 - ماذا يستلزم الرجاء
؟
يقول ابن القيم رحمه الله: "وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور وأن حسن الظن إن حمل على العمل وحث عليه وساعده وساق إليه فهو صحيح وإن دعا إلى
(1)
فتح الباري 11/ 302 وقد فصلنا الكلام عنها في باب (الخوف).
(2)
انظر: مدارج السالكين 2/ 37.
(3)
شرح الطحاوية 2/ 456.
(4)
حاشية ثلاثة الأصول من مجموع فتاوى ابن عثيمين 6/ 37.
البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور وحسن الظن هو الرجاء، فمن كان رجاؤه جاذبًا إلى الطاعة زاجرًا له عن المعصية فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاء أو رجاؤه بطالة وتفريطا فهو المغرور وقد قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ} [البقرة:218]. فتأمل كيف جعل رجاءهم بإتيانهم بهذه الطاعات
…
وسر المسألة أن الرجاء وحسن الظن إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله في شرعه وقدره وثوابه وكرامته فيأتي العبد بها ثم يحسن ظنه بربه ويرجوه أن لا يكله إليها وأن يجعلها مُوصِولةً إلى ما ينفعه ويصرف ما يُعَرِّضُها للحبوط ويُبطِل أثرها
…
ومما ينبغي أن يعلم أن من رجا شيئا استلزم رجاؤه ثلاثة أمور:
أحدها: محبته ما يرجوه.
الثاني: خوفه من فواته.
الثالث: سعيه في تحصيله بحسب الإمكان، وأما رجاء لا يقارنه شيء من ذلك فهو من باب الأماني والرجاء شيء، والأماني شيء آخر فكل راج خائف الله سبحانه وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن"
(1)
.
وقد ذكر ابن القيم إحدى عشرة فائدة للرجاء، أهمها: إظهار العبودية والفاقة، والحاجة، ومنها الانتظار والترقب والتوقع لفضل الله مما يوجب التعلق بذكره، ودوام الالتفات إليه بملاحظة أسمائه وصفاته
(2)
.
(1)
الجواب الكافي 46 - 48.
(2)
مدارج السالكين 2/ 50، 51.