الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - حكم دراسة القوانين الوضعية وتدريسها:
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "الدارسون للقوانين والقائمون بتدريسها أقسام:
القسم الأول: من درسها أو تولى تدريسها ليعرف حقيقتها، أو ليعرف فضل أحكام الشريعة عليها، أو ليستفيد منها - فيما لا يخالف الشرع المطهر - أو ليفيد غيره في ذلك، فهذا لا حرج عليه - فيما يظهر لي من الشرع - بل قد يكون مأجورًا ومشكورًا إذا أراد بيان عيوبها وإظهار فضل أحكام الشريعة عليها.
والصلاة خلف هذا القسم لا شك في صحتها.
وأصحاب هذا القسم حكمهم حكم من درس أحكام الربا، وأنواع الخمر، وأنواع القمار، ونحوها كالعقائد الفاسدة، أو تولى تدريسها ليعرفها ويعرف حكم الله فيها، ويفيد غيره مع إيمانه بتحريم الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة لشرع الله عز وجل.
وليس حكمه حكم من تعلم السحر أو علمه غيره؛ لأن السحر محرم لذاته لما فيه من الشرك وعبادة الجن من دون الله، فالذي يتعلمه أو غيره لا يتوصل إليه إلا بذلك - أي بالشرك - بخلاف من يتعلم القوانين ويعلمها غيره لا للحكم بها ولا باعتقاد حلها ولكن لغرض مباح أو شرعي كما تقدم.
القسم الثاني: من يدرس القوانين أو يتولى تدريسها ليحكم بها، أو ليعين غيره على ذلك مع إيمانه بتحريم الحكم بغير ما أنزل الله، ولكن حمله الهوى أو حب المال على ذلك، فأصحاب هذا القسم لا شك فساق، وفيهم كفر وظلم وفسق، ولكنه كفر أصغر، وظلم أصغر، وفسق أصغر، لا يخرجون به من دائرة الإسلام.
وهذا القول هو المعروف بين أهل العلم، وهو قول ابن عباس، وطاووس، وعطاء، ومجاهد، وجمع من السلف والخلف، كما ذكر الحافظ ابن كثير والبغوي
والقرطبي
(1)
وغيرهم، وذكر معناه العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب الصلاة
(2)
، وللشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله رسالة جيدة في هذه المسألة مطبوعة في المجلد الثالث من مجموعة الرسائل الأولى.
ولا شك أن أصحاب هذا القسم على خطر عظيم ويخشى عليهم من الوقوع في الردة.
أما صحة الصلاة خلفهم وأمثالهم من الفساق ففيها خلاف مشهور، والأظهر من الأدلة الشرعية صحتها خلف جميع الفساق الذين لم يصل فسقهم إلى حد الكفر الأكبر، وهو قول جم غفير من أهل العلم واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
القسم الثالث: من يدرس القوانين أو يتولى تدريسها مستحلا للحكم بها سواء اعتقد أن الشريعة أفضل أم لم يعتقد ذلك، فهذا القسم كافر بإجماع المسلمين كفرا أكبر؛ لأنه باستحلاله الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة لشريعة الله يكون مستحلًا لما علم من الدين بالضرورة أنه محرم، فيكون في حكم من استحل الزنى والخمر ونحوهما، ولأنه بهذا الاستحلال يكون قد كذب الله ورسوله وعاند الكتاب والسنة.
وقد أجمع علماء الإسلام على كفر من استحل ما حرم الله، أو حرم ما أحله الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة.
ومن تأمل كلام العلماء في جميع المذاهب الأربعة في باب حكم المرتد اتضح له ما ذكرنا"
(3)
.
(1)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/ 111، ومعالم التنزيل للبغوي 3/ 61، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/ 188.
(2)
كتاب الصلاة لابن القيم ص 57.
(3)
مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز 3/ 984، 989 باختصار.