الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "وقد زعم قوم من المعتزلة وغيرهم أن السحر تخييل لا حقيقة له، وهذا ليس بصحيح على إطلاقه، بل منه ما هو تخييل ومنه ما له حقيقة"
(1)
.
فالمعتزلة حصروا السحر في نوع واحد وهو التخييلي وقد رُدَّ عليهم بأن أهل السنة يثبتون هذا النوع ولا يلزم منه إنكار النوع الحقيقي كالمعتزلة.
وقال ابن باز: "لا شك أن السحر موجود وبعضه تخييل وأنه يقع ويؤثر بإذن الله عز وجل"
(2)
.
وقال رحمه الله: "السحر قسمان: قسم يكون بالعقد والنفث والأدوية الضارة وهذا موجود. وقسم يكون بالتخييل والتلبيس والتزوير كما قال الله تعالى عن سحر سحرة فرعون قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66]، وقال تعالى: {وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: 116] فسماه عظيمًا لما فيه من التلبيس والتخييل والتزوير على الناس"
(3)
.
2 - الفرق بين السحر والمعجزة
(4)
:
هناك عدة فروق بين السحر وبين المعجزة وهذه الفروق هي:
1 -
أن المعجزة: ليست من عمل النبي وكسبه إنما هي خلق محض من الله تعالى على خلاف سنته في الكائنات. أما السحر: فمن عمل الساحر وكسبه سواء أكان تعويذات أم بيانًا أم نميمة أم غير ذلك، وله أسبابه ووسائله التي قد تنتهي بمن عرفها ومهر فيها
(5)
، واستعملها إلى مسبباتها فليس خارقا للعادة ولا مخالفا
(1)
تيسير العزيز الحميد ص 386.
(2)
ص 689.
(3)
من تعليق سماحة الشيخ على كتاب التوحيد وانظر أيضا مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 8/ 104.
(4)
يأتي تعريف المعجزة في باب الكرامة.
(5)
انظر حول ذلك تفسير القرطبي 2/ 47 وكتاب السحر للدميني 56.
لنظام الكون في ربط الأسباب بمسبباتها والوسائل بمقاصدها. فالسحر يوجد من الساحر وغيره أما المعجزة فلا يمكن أن يأتي بمثلها.
2 -
والمعجزة: تظهر على يد مدّعي النبوة لتكون آية على صدقه في رسالته التى بها هداية الناس من الضلالة، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، والأخذ بأيديهم إلى ما ينفعهم في عقائدهم وأخلاقهم وأبدانهم وأموالهم. أما السحر: فهو خلق ذميم أو خرافة أو صناعة يموه بها الساحر على الناس، ويضللهم ويخدعهم بها عن أنفسهم وما ملكت أيديهم، ويتخذها وسيلة لكسب العيش من غير حله، ويفرق بها بين المرء وزوجه، والصديق وصديقه، وبالجملة يفسد بها أحوال الأمة بخفاء، والناس عنه غافلون.
3 -
سيرة من ظهرت على يده المعجزة حميدة، وعاقبته مأمونة، فهو صريح في القول والفعل، صادق اللهجة، حسن العشرة، سخي كريم، عفيف عما في أيدى الناس، يدعو إلى الحق، وينافح دونه بقوة وشجاعة. أما الساحر: فسيرته ذميمة، ومغبته وخيمة، خائن خداع سيئ العشرة، يأخذ ولا يعطي، يدعو إلى الباطل ويسعى جهده في ستره، خشية أن يفتضح أمره، وينكشف سره، فلا يتم له ما أراد من الشر والفساد.
4 -
من ظهرت على يده المعجزة يقود الأمم والشعوب إلى الوحدة والسعادة، ويهديها طريق الخير، وعلى يده يسود الأمن والسلام، وتفتح البلاد ويكون العمران. أما الساحر: فهو آفة الوحدة ونذير الفرقة والتخريب والفوضى والاضطراب
(1)
.
5 -
أن المعجزة لا يمكن إبطالها أما السحر فإنه يمكن إبطاله.
6 -
أن معجزات الأنبياء عليهم السلام على حقائقها، وبواطنها كظواهرها، وأما
(1)
مذكرة التوحيد للشيخ عبد الرزاق عفيفي 45، 46، 47، وانظر تحقيقًا في المعجزة وتوضيحًا تفصيليًا لها في كتاب (موقف ابن تيمية من الأشاعرة) 3/ 1378.