الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
حكم قول السلام على الله:
لا يجوز لأنَّهُ يوهم نقص الله، وبأن فيه سبحانه وتعالى عيبًا، فالله يُدعى ولا يُدعى له فكيف يدعى له بالسلامة وهو المُسلِّم، وقد جاء النهي عن ذلك كما تقدم.
قال ابن عثيمين رحمه الله: "وهذا نهي تحريم"
(1)
.
وقال رحمه الله: "قوله "لا يقال السلام علي الله" أي لا تقل السلام عليك يا رب لما يلي:
أ - أن مثل هذا الدعاء يوهم النقص في حقه، فتدعو الله أن يسلم نفسه من ذلك، إذ لا يُدعى لشيء بالسلام من شيء إلا إذا كان قابلا أن يتصف به، والله سبحانه منزه عن صفات النقص.
ب - إذا دعوت الله أن يسلم نفسه فقد خالفت الحقيقة، لأن الله يُدعى ولا يدعى له فهو غني عنا لكن يثني عليه بصفات الكمال مثل غفور سميع عليم .. "
(2)
.
*
فائدة في معنى السلام المطلوب عند التحية:
قال ابن القيم رحمه الله: "فيه قولان مشهوران:
أحدهما: أن المعنى اسم السلام عليكم، والسلام هنا هو الله عز وجل ومعنى الكلام نزلت بركة اسمه عليكم وحلت عليكم ونحو هذا واختير في هذا المعنى من أسمائه عز وجل اسم السلام دون غيره من الأسماء لما يأتي في جواب السؤال الذي بعده واحتج أصحاب هذا القول بحجج منها ما ثبت في الصحيح أنهم كانوا يقولون في الصلاة السلام على الله قبل عباده السلام على جبريل السلام على فلان فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام، ولكن قولوا السلام عليك أيها النَّبِيّ ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"، فنهاهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، أن
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 10/ 912.
(2)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 10/ 909. وانظر القول المفيد ط 1 - 3/ 82، 83.
يقولوا: السلام على الله لأن السلام على المسلم عليه دعاء له وطلب أن يسلم والله تعالى هو المطلوب منه لا المطلوب له، وهو المدعو لا المدعو له؛ فيستحيل أن يُسَلَّم عليه بل هو المسلِّم على عباده كما سلم عليهم في كتابه.
ومن حججهم ما رواه أبو داود من حديث ابن عمر "أن رجلا سلم على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليه حتى استقبل الجدار ثم تيمم ورد عليه وقال: "إني كرهت أن أذكر الله علي طهر".
قالوا: ففي هذا الحديث بيان أن السلام ذكر الله، وإنما يكون ذكرًا إذا تضمن اسمًا من أسمائه.
ومن حججهم أيضًا أن الكفار من أهل الكتاب لا يُبدؤون بالسلام فلا يقال لهم سلام عليكم، ومعلوم أنه لا يكره أن يقال لأحدهم سلمك الله؛ وما ذاك إلا أن السلام اسم من أسماء الله فلا يسوغ أن يطلب للكافر حصول بركة ذلك الاسم عليه فهذه حجج كما ترى قوية ظاهرة.
القول الثاني: أن السلام مصدر بمعنى السلامة وهو المطلوب المدعو به عند التحية. ومن حجة أصحاب هذا القول أنه يذكر بلا ألف ولام يقول المسلم: سلام عليكم، ولو كان اسمًا من أسماء الله لم يستعمل كذلك بل كان يطلق عليه معرفًا كما يطلق عليه سائر أسمائه الحسنى فيقال: السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، فإن التنكير لا يصرف اللفظ إلى معين فضلا عن أن يصرفه إلى الله وحده بخلاف المعرف فإنه ينصرف إليه تعيينًا إذا ذكرت أسماؤه الحسنى.
وبعد أن ذكر القولين رجح أن الحق في مجموع القولين فكل منهما بعض الحق والصواب في مجموعهما. وقال: لما كان مقام طلب السلامة التي هي أهم ما عند الرجل أتى في لفظها بصيغة اسم من أسماء الله وهو السلام الذي يطلب منه