الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
182 - الصراط المستقيم
*
[الدين - الإسلام - التوحيد - السنة]
قال ابن تيمية: "وهذا الصراط المستقيم هو دين الإسلام المحض وهو مافي كتاب الله تعالى وهو السنة والجماعة فإن السنة المحضة. وهي دين الإسلام المحض"
(1)
.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- -: "ولنذكر في الصراط قولا وجيزا، فإن الناس قد تنوعت عباراتهم عنه، وترجمتهم بحسب صفاته ومتعلقاته، وحقيقته شيء واحد وهو طريق الله الذي نصبه لعباده موصلا لهم إليه، ولا طريق إليه سواه، بل الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله، وجعله موصلا لعباده إليه وهو إفراده بالعبودية وإفراد رسله بالطاعة، فلا يشرك به أحد في عبوديته. ولا يشرك برسوله أحد في طاعته، فيجرد التوحيد، ويجرد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا معنى قول بعض العارفين: إن السعادة كلها والفلاح كله مجموع في شيئين: صدق محبة، وحسن معاملة. وهذا كله مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فأي شيء فسر به الصراط المستقيم، فهو داخل في هذين الأصلين. ونكتة ذلك أن تحبه بقلبك كله، وترضيه بجهدك كله، فلا يكون في قلبك موضع إلا معمور بحبه، ولا يكون لك إرادة إلا متعلقة بمرضاته فالأول
* مجموع الفتاوى لابن تيمية 1/ 65، اقتضاء الصراط المستقيم 1/ 79. تيسير العزيز الحميد ص 60، فتح المجيد ص 52، أهم المهمات لابن سعدي من المجموعة 3/ 70، القول المفيد لابن عثيمين ط 1. 1/ 38 ومن المجموع 9/ 30، مجموع الفتاوى لابن عثيمين 7/ 308. مجموع مؤلفات الشيخ 4/ 17.
(1)
مجموع الفتاوى 3/ 369. وانظر 13/ 336.
يحصل بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله والثاني يحصل بتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله وهذا هو الهدى ودين الحق وهو معرفة الحق والعمل به وهو معرفة ما بعث الله به رسوله والقيام به فقل ما شئت من العبارات التي هذا آخيَّتُها
(1)
وقطب رحاها"
(2)
.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تفسير سورة الفاتحة عن الصراط المستقيم: "المراد بذلك الدين الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو صراط الذين أنعمت عليهم وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأنت دائما في كل ركعة تسأل الله أن يهديك إلى طريقهم"
(3)
.
وقال الشيخ السعدي: "هو معرفة الحق والعمل به"
(4)
.
* الدليل من الكتاب: قال الكل تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة:6 - 7]: وقال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153].
* الدليل من السنة: عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "خَطَّ لَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم خَطًّا مُرَبَّعًا وَخَطَّ فِي وَسَطِ الْخَطِّ خَطًّا وَخَطَّ خَارِجًا مِنْ الْخَطِّ خَطًّا وَحَوْلَ الَّذِي فِي الْوَسَطِ خُطُوطًا فَقَالَ: "هَذَا ابْنُ آدَمَ وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ الإِنْسَانُ وَهَذ الْخُطُوطُ عُرُوضُهُ إِنْ نَجَا مِنْ هَذَا يَنْهَشُهُ هَذَا وَالْخَطُّ الْخَارِجُ الأَمَلُ""
(5)
. وفي رواية قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده، ثم قال: "هذا سبيل
(1)
المراد به الوتد الذي تشد إليه الدابة.
(2)
بدائع الفوائد 2/ 40.
(3)
مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب - القسم الرابع ص 17.
(4)
تفسير سورة الفاتحة.
(5)
أخرجه الترمذي (2454).
الله مستقيما، ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله، ثم قال: هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)} [الأنعام: 153].
وعن النواس بن سمعان مرفوعا قال: "ضرب الله مثلًا صراطًا مستقيمًا وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تتفرجوا، وداع يدعو من جوف الصراط، فإذا أراد يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال: ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه. والصراط: الإسلام، والسوران: حدود الله تعالى، والأبواب المفتحة: محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله عز وجل، والداعي من فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم"
(1)
.
وعن مجاهد في قوله: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} قال: "البدع والشبهات"
(2)
.
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله: "وهذه السبل تعم اليهودية، والنصرانية، والمجوسية، وعباد القبور، وسائر أهل الملل والأوثان، والبدع والضلالات من أهل الشذوذ والأهواء، والتعمق في الجدل، والخوض في الكلام، فاتباع هذه من اتباع السبل التي تذهب بالإنسان عن الصراط المستقيم إلى موافقة أصحاب الجحيم"
(3)
.
وقد بيَّن شارحُ الطحاوية ضلالَ الفرق كالجهمية والقدرية والخوارج والمرجئة والرافضة فقال: "وسبب ضلال هذه الفرق وأمثالهم عدولهم عن
(1)
أخرجه الإمام أحمد (17784)(17786).
(2)
أخرجه ابن جرير في تفسيره 8/ 88، والدارمي في سننه 1/ 79 برقم (203).
(3)
تيسير العزيز الحميد ص 61.