الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنه يجب علي جميع الخلق تعزيره وتوقيره وإذا كان دليلا علي النفاق نفسه فحيثما حصل حصل النفاق.
وأيضًا فإن هذا القول لا ريب أنه محرم فإما إن يكون خطيئة دون الكفر أو يكون كفرا والأول باطل لأن الله سبحانه قد ذكر في القران أنواع العصاة من الزاني والقاذف والسارق والمطفف والخائن ولم يجعل ذلك دليلًا علي نفاق معين ولا مطلق فلما جعل أصحاب هذه الأقوال من المنافقين علم أن ذلك لكونها كفرا لا لمجرد كونها معصية؛ لأن تخصيص بعض المعاصي يجعلها دليلًا علي النفاق دون بعض لا يكون حتى يختص دليل النفاق بما يوجب ذلك وإلا كان ترجيحًا بلا مرجح فثبت أنه لا بد أن يختص هذه الأقوال بوصف يوجب كونها دليلًا علي النفاق وكلما كان كذلك فهو كفر"
(1)
.
3 - ويلحق بهذا الباب إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم
-
(2)
:
وهذه من صفات المنافقين قال الله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)} [التوبة: 61 - 63].
قال الشوكاني رحمه الله في تفسير هذه الآية: "قوله: {وَمِنْهُمُ} ؛ هذا نوع آخر مما حكاه الله من فضائح المنافقين وقبائحهم، وذلك أنهم كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم علي
(1)
الصارم المسلول ص 35.
(2)
انظر في ذلك نواقض الإيمان الاعتقادية د/ الوهيبي 2/ 162، 163.
وجه الطعن والذم هو أذن، قال الجوهري: يقال رجل أُذن: إذا كان يسمع مقال كل أحد، يستوي فيه الواحد والجمع ومرادهم - أقمأهم الله - أنهم إذا آذوا النبي صلى الله عليه وسلم وبسطوا فيه ألسنتهم، وبلغه ذلك اعتذروا له وقبل ذلك منهم، لأنه يسمع كل ما يقال له فيصدِّقُه، وإنما أطلقت العرب على من يسمع ما يقال له فيصدِّقُه أنه أذن مبالغة، لأنهم سموه بالجارحة التي هي آلة السماع، حتى كأن جملته أذن سامعة،
…
وإيذاؤهم له هو قولهم "هو أذن" لأنهم نسبوه إلى أنه يصدق كل ما يقال له ولا يفرق بين الصحيح والباطل اغترارًا منهم بحلمه عنهم، وصفحه عن خباياهم كرمًا وحلمًا وتغاضيًا
…
"
(1)
.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: "فعلم أن إيذاء رسول الله محادة لله ولرسوله لأن ذكر الإيذاء هو الذي اقتضي ذكر المحادّة، فيجب أن يكون داخلا فيه، ولولا ذلك لم يكن الكلام مؤتلفًا،
…
ودل ذلك على أن الإيذاء والمحادة كفر لأنه أخبر أن له نار جهنم خالدا فيها
…
"
(2)
.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: "وذلك أن الإيمان والنفاق، أصله في القلب، وإنما الذي يظهر من القول والفعل فرع له ودليل عليه، فإذا ظهر من الرجل شيء من ذلك ترتب الحكم عليه، فلما أخبر سبحانه أن الذين يلمزون النبي صلى الله عليه وسلم، والذين يؤذونه من المنافقين، ثبت أن ذلك دليل على النفاق وفرع له، ومعلوم أنه إذا حصل فرع الشيء ودليله حصل أصل المدلول عليه، فثبت أنه حيث ما وجد ذلك كان صاحبه منافقا سواء كان منافقا قبل هذا القول أو حدث له النفاق بهذا القول"
(3)
.
وقال في موضع آخر: "فالسبُّ إهانة واستخفاف، والانقياد للأمر إكرام وإعزاز،
(1)
فتح القدير 2/ 375.
(2)
الصارم المسلول ص 20.
(3)
الصارم المسلول ص 34.
ومُحالٌ أن يهين القلب من قد انقاد له وخضع واستسلم، أو يستخف به فإذا حصل في القلب استخفاف واستهانة امتنع أن يكون فيه انقياد واستسلام، فلا يكون فيه إيمان، وهذا هو بعينه كفر إبليس، فإنه سمع أمر الله فلم يكذب رسولا ولكن لم ينقد للأمر ولم يخضع له واستكبر عن الطاعة فصار كافرًا"
(1)
.
وقال أيضًا: "ومعلوم أن أذى الرسول من أعظم المحرمات فإن من آذاه فقد آذي الله وقتلُ سابِّه واجب باتفاق الأمة سواء قيل إنه قتل لكونه ردة أو لكونه ردة مغلظة أوجبت أن صار قتل الساب حدا من الحدود"
(2)
.
(1)
الصارم المسلول ص 519.
(2)
مجموع الفتاوى 15/ 169.