الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والانكسار"
(1)
.
ومحل الخشوع: القلب، وثمرته: تظهر على الجوارح، ولذا قيل: إذا ضرع القلب، خشعت الجوارح، وذلك لأن القلب ملك البدن، وأمير الأعضاء، تصلح بصلاحه، وتفسد بفساده.
والخشوع عبادة قلبية يجب صرفها لله وحده.
* الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90] وقوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: 16].
وعلق الله بها أسباب الفلاح في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} [المؤمنون: 1 - 2].
* الدليل من السنة: دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في ركوعه: "اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي"
(2)
.
وعن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها"
(3)
.
فوائد:
1 - سبب الخشوع:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "وأصل الخشوع الحاصل في القلب: إنما هو معرفة الله، ومعرفة عظمته، وجلاله وكماله، فمن كان بالله أعرف فهو له أخشع.
ويتفاوت الخشوع في القلب بحسب تفاوت معرفتها لمن خشعت له، وبحسب
(1)
مدارج السالكين 1/ 522، وانظر فيه تعاريف أخرى.
(2)
أخرجه مسلم (771).
(3)
أخرجه مسلم (2722).
تفاوت مشاهدة القلوب للصفات المقتضية للخشوع. فمن خاشع لقوة مطالعته لقرب الله من عبده، واطلاعه على سره وضميره المقتضي للاستحياء من الله تعالى، ومراقبته في الحركات والسكنات. ومن خاشع لمطالعته لكماله وجماله المقتضي للاستغراق في محبته والشوق إلى لقائه ورؤيته. ومن خاشع لمطالعته شدة بطشه وانتقامه وعقابه المقتضي للخوف منه وهو سبحانه وتعالى: جابر المنكسرة قلوبهم من أجله .. "
(1)
.
والعلم النافع إذا وقر في القلب فإنه يُثمر لصاحبه خشوعًا في قلبه وإجلالًا لمولاه سبحانه وتعالى، قال ابن رجب رحمه الله: "وسبب ذلك أن هذا العلم النافع يدل على أمرين:
أحدهما: على معرفة الله وما يستحقه من الأسماء الحسنى والصفات العلى والأفعال الباهرة وذلك يستلزم إجلاله وإعظامه وخشيته ومهابته ومحبته ورجاءه والتوكل عليه والرضا بقضائه والصبر على بلائه.
الثاني: المعرفة بما يحبه ويرضاه وما يكرهه ويسخطه من الاعتقادات والأعمال الظاهرة والباطنة والأقوال.
فيوجب ذلك لمن علمه المسارعة إلى ما به محبة الله ورضاه والتباعد عما يكرهه ويسخطه فإذا أثمر العلم لصاحبه هذا فهو علم نافع فمتى كان العلم نافعا ووقر في القلب فقد خشع القلب لله وانكسر له وذل هيبة وإجلالًا وخشية ومحبة وتعظيما ومتى خشع القلب لله وذل وانكسر له قنعت النفس بيسير الحلال من الدنيا وشبعت به فأوجب لها ذلك القناعة والزهد في الدنيا"
(2)
.
(1)
الخشوع في الصلاة ص 20 - 21.
(2)
فضل علم السلف على الخلف ص 36.