الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
149 - سب الريح
*
الريح من روح الله وقد جاءت أحاديث المصطفي عليه الصلاة والسلام بالنهي عن سب الريح لأنها إنما تهب عن إيجاد الله تعالى وخلقه لها وأمره، فهو الذي أوجدها وأمرها، فمسبتها مسبة للفاعل الحقيقي، وهو الله جل ذكره ولا يسبها إلا أهل الجهل بالله ودينه وبما شرعه لعباده، ولذلك فإن سب الريح ينافي كمال التوحيد. وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى أن يقولوا ما فيه أدب مع الله وخضوع له وتسليم، وما ينفعهم من الدعاء الصالح عند هبوب الريح.
* الدليل من السنة: عَنْ أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "لا تَسُبُّوا الرِّيحَ فَإِذا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: اللهُمَّ إِنَّا نَسْألكَ مِنْ خَيْرِ هَذه الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا، وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بهِ، وَنَعُوذُ بكَ مِنْ شَرِّ هَذه الرِّيحِ وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ"
(1)
.
وعن ثَابِت بْن قَيْسٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: يَقُولُ: "الرِّيحُ مِنْ رَوْح اللهِ". قَالَ سَلَمَةُ: فَرَوْحُ الله تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلا تَسُبُّوهَا وَسَلُوا الله خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِالله مِنْ شَرِّهَا
(2)
.
وفي تيسير العزيز الحميد: "قال الشافعي: لا ينبغي شتم الريح فإنها خلق مطيع لله، وجند من جنوده، يجعلها الله رحمة إذا شاء، ونقمة إذا شاء. ثم روي بإسناده حديثًا منقطعًا أن رجلا شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقر، فقال له: "لعلك تسب الريح".
* الآداب الشرعية لابن مفلح 3/ 420. تيسير العزيز الحميد ص 681. فتح المجيد ص 559. حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص 356. القول السديد لابن سعدي المجموعة 3/ 50. القول المفيد لابن عثيمين ط 1 - 3/ 139 ومن المجموع 10/ 965.
(1)
أخرجه الترمذي (2252) وقال هذا حديث حسن صحيح.
(2)
أخرجه أبو داود (5097) وابن ماجه (3727).
وقال مطرف: "لو حبست الريح عن الناس لأنتن ما بين السماء والأرض""
(1)
.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "لا يجوز سب الريح بل تجب التوبة عند التضرر بها وهو تأديب من الله تعالى لعباده، وتأديبه رحمة للعباد، فلهذا جاء في حديث أبي هريرة مرفوعا: "الريح من روح الله تأتي بالرحمة وبالعذاب، فلا تسبوها ولكن سلوا الله من خيرها وتعوذوا بالله من شرها". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وكونها قد تأتي بالعذاب لا ينافي كونها من رحمة الله وعن ابن عباس أن رجلا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"لا تلعنوا الريح، فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة إليه" رواه الترمذي وقال غريب"
(2)
.
ويقاس علي تحريم سب الريح سب الشمس
(3)
أو السحاب وأمثالهما من كل مخلوق لا يملك أن يفعل شيئًا إلا بأمر الله سبحانه وتعالى
(4)
، ولا يَرِدُ علي هذا الباب من له إرادة وتصرف كبني آدم فإنه يجوز سبهم إذا كان بحق
(5)
.
قال السعدي: "وهذا نظير ما سبق في سب الدهر أراد أن ذلك الباب عام في سب جميع حوادث الدهر وهذا خاص بالريح، ومع تحريمه فإنه حمق وضعف في العقل والرأي، فإن الريح مصرفة مدبره بتدبير الله وبتسخيره فالساب لها يقع سبه علي من صرفها، ولولا أن المتكلم بسب الريح لا يخطر هذا المعنى في قلبه غالبا لكان الأمر أفظع من ذلك، ولكن لا يكاد يخطر بقلب مسلم"
(6)
.
(1)
تيسر العزيز الحميد 682.
(2)
تيسير العزيز الحميد 681.
(3)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 10/ 965. وانظر الفول المفيد ط 1 - 3/ 140.
(4)
مجموع فتاوي ابن عثيمين 10/ 968. وانظر القول المفيد ط 1 - 3/ 140.
(5)
انظر: فتح الباري 10/ 581، 142.
(6)
القول السديد 142.