الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا تمويه وتضليل ودعاوى باطلة. من فعله فقد أشرك بالله إذا كان نداؤه متضمنًا الدعاء والطلب لأن من نادى غائبا أو ميتا على هذا الوجه فإنه يدعوه.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: "ومما يوضح ترادف النداء والدعاء وأنهما بمعنى واحد، ما أخبر الله تعالى عن نوح عليه السلام بقوله: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} [الأنبياء: 76] فأخلص القصد لله بندائه في كربه وشدته فاستجاب الله له. وقال في الآية الأخرى {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} [القمر:1]. فسماه تعالى دعاء"
(1)
.
وقال الشيخ أبا بطين رحمه الله: "ومن العجب قول بعض من ينسب إلى علم ودين، أن طلبهم من المقبورين والغائبين ليس دعاء لهم بل هو نداء، أفلا يستحي هذا القائل من الله إذا لم يستح من الناس من هذه الدعوى الفاسدة السّمجة التي يروج بهها على رعاع الناس. والله سبحانه وتعالى قد سمى الدعاء نداء، كما في قوله: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم:3]، وقوله تعالى: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] وأي فرق بين ما إذا سأل العبد ربه حاجة، وبين ما إذا طلبها من غيره ميت أو غائب، بأن الأول يسمى دعاء والثاني نداء؟ وما أسمج هذا القول وأقبحه. وهو قول يُستحَى من حكايته لولا أنه يروج على الجهال"
(2)
.
11 - دعاء أصحاب القبور وطلب الحوائج منهم:
هذا من أعظم ما ابتدع عند القبور حيث إن من أصحاب البدع من يستغيث بالأموات، ويطلب منهم الحاجات الدينية أو الدنيوية.
(1)
القول الفصل النفيس ص 29، 30 للشيخ عبد الرحمن بن حسن.
(2)
الانتصار ص 25.
يسأل أحدهم المقبور الميت كما يسأل الحي الذي لا يموت، يقول: يا سيدي فلان اغفر لي وارحمني وتب عليّ، أو يقول: اقضي عني الدين، اشف مريضي، وانصرني على فلان، ونحو ذلك
(1)
.
ولا شك أن هذه الأعمال ونحوها شرك أكبر، مخرج من الملة موجب للخلود في النار لمن مات عليه.
وفي تيسير العزيز الحميد يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "قال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في "شرح المنازل": "من أنواعه أي: الشرك، طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم وهذا أصل شرك العالم".
وقال الإمام أبو الوفاء علي بن عقيل الحنبلي صاحب كتاب "الفنون": "لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم، وهم عندي كفار لهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرقاع فيها: يا مولاي افعل بي كذا وكذا، أو إلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزّى. نقله غير واحد مقررين له، راضين به منهم الإمام أبو الفرج بن الجوزي، والإمام ابن مفلح صاحب كتاب "الفروع" وغيرهما"
(2)
.
وهذا كله من حيل الشيطان وكيده الذي يتدرج بالجهال وضعفاء العقول للوصول بهم إلى هذه الغاية، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "والمقصود: أن الشيطان بلطف كيده يحسن الدعاء عند القبر، وأنه أرجح منه في بيته ومسجده، وأوقات الأسحار، فإذا تقرر ذلك عنده نقله درجة أخرى: من الدعاء عنده إلى الدعاء به، والإقسام على الله به، وهذا أعظم من الذي قبله، فإن شأن الله أعظم من أن يقسم
(1)
اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 842 بتصرف وانظر كتاب التبرك ص 394.
(2)
مستفاد من تيسير العزيز الحميد ص 221.