الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله "
…
فإن كان شاكا في كفرهم أو جاهلا بكفرهم بينت له الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على كفرهم، فإن شك بعد ذلك وتردد فإنه كافر بإجماع العلماء على أن من شك في كفر الكفار فهو كافر"
(1)
.
2 -
تنبيه:
ذكرنا طائفة من أقوال العلماء في باب (الإيمان) وبينا أن ترك العمل بالكلية كفر بالله عز وجل، وذكرنا هناك نقل الشافعي الإجماع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزي واحد من الثلاثة إلا بالآخر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد تبين أن الدين لا بد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله بقلبه، أو بقلبه ولسانه، ولم يؤد واجبًا ظاهرًا، ولا صلاة ولا زكاة، ولا صيامًا، ولا غير ذلك من الواجبات"
(2)
.
ومما يحسن ذكره هنا: حكم ترك الصلاة كسلًا وتهاونًا لا جحودًا ومعلوم إجماع الصحابة على كفر من ترك الصلاة كسلا وذكر الإجماع على ذلك التابعي الجليل عبد الله بن شقيق رضي الله عنه وهو قول سعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم النخعي والأوزاعي وأيوب السختياني وغيرهم كثير، وبه يفتي علماؤنا ولهم أدلة على ذلك من الكتاب والسنة وآثار السلف.
* ومن أدلة الكتاب: قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)} [المدئر:38 - 47]. وقوله تعالى عن المشركين {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا
(1)
رسالة أوثق عرى الإيمان، الجامع الفريد ص 370.
(2)
مجموع الفتاوى 7/ 621.
الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]. قال ابن عثيمين: "مفهوم الآية: أنهم إذا لم يفعلوا ذلك فليسوا إخوانا لنا - ولا تنتفي الأخوة الدينية بالمعاصي وإن عظمت ولكن تنتفي بالخروج عن الإسلام"
(1)
.
* ومن السنة: ما أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"
(2)
.
وروى الإمام أحمد وأهل السنن عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر"
(3)
.
وروى عبد الله بن شقيق العقيلي قال: "كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة"
(4)
.
قال عمر رضي الله عنه: "لا إسلام لمن ترك الصلاة" وفي لفظ آخر: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة"
(5)
.
قال ابن عثيمين: "والحظ: النصيب وهو هنا نكرة في سياق النفي فيكون عاما لا نصيب لا قليل ولا كثير""
(6)
.
وقال الإمام ابن القيم: "وقد جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم: أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمدا حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد"
(7)
.
قال الحافظ عبد الحق الإشبيلي رحمه الله في كتابه في الصلاة: "ذهب جملة من الصحابة
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 12/ 47.
(2)
أخرجه مسلم (82).
(3)
أخرجه الإمام أحمد (23325)، والترمذي (2621).
(4)
أخرجه الترمذي رقم (2622).
(5)
الصلاة لابن القيم ص 23.
(6)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 12/ 48.
(7)
الصلاة لابن القيم ص 15.
- رضي الله عنهم ومن بعدهم إلى تكفير تارك الصلاة متعمدا لتركها حتى يخرج جميع وقتها، منهم عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وابن عباس وجابر وأبو الدرداء. هؤلاء من الصحابة ومن غيرهم أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه والحكم بن عيينة وأبو داود الطيالسي وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو خيثمة زهير بن حرب"
(1)
.
وفي كتاب الصلاة لابن القيم: "قال علي بن الحسن بن شقيق سمعت عبد الله بن المبارك يقول: "من قال إني لا أصلي المكتوبة اليوم فهو أكفر من حمار". وقال يحيى بن معين: "قيل لعبد الله بن المبارك إن هؤلاء يقولون من لم يصم ولم يصل بعد أن يقر به فهو مؤمن مستكمل الإيمان. فقال عبد الله لا نقول نحن ما يقول هؤلاء، من ترك الصلاة متعمدا من غير علة حتى أدخل وقتًا في وقت فهو كافر".
وقال ابن أبي شيبة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ترك الصلاة فقد كفر" فيقال له ارجع عن الكفر، فإن فعل وإلا قتل بعد أن يؤجله الوالي ثلاثة أيام"
(2)
.
وقال الإمام أحمد: "ومن ترك الصلاة فقد كفر وليس من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة من تركها فهو كافر"
(3)
.
وفي كتاب السنة له ورسالة الإصطخري عنه قال: "والكف عن أهل القبلة ولا نكفر أحدا منهم بذنب ولا نخرجهم من الإسلام بعمل إلا أن يكون في ذلك حديث فيروي الحديث كما جاء وكما روي نصدقه ونقبله ونعلم أنه كما روي نحو ترك الصلاة"
(4)
.
وقال أبو بكر المروذي: "سألت أبا عبد الله عن الرجل يدع الصلاة استخفافًا ومجونًا فقال: سبحان اللهُ إذا تركها استخفافًا ومجونًا فأي شيء بقي. قلت: إنه
(1)
الصلاة لابن القيم ص 23 بتصرف.
(2)
الصلاة لابن القيم ص 31.
(3)
المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد 2/ 36.
(4)
المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد 2/ 37.
يسكر ويمجن. قال: هذا تريد تسأل عنه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: بين العبد وبين الكفر ترك. الصلاة. قلت: ترى أن تستتيبه. فأعدت عليه فقال: إذا تركها استخفافا ومجونا فأي شيء بقي"
(1)
.
قال الحافظ ابن رجب: "وأكثر أهل الحديث على أن ترك الصلاة كفر دون غيرها من الأركان كذلك حكاه محمد بن نصر المروزي وغيره عنهم.
وممن قال بذلك: ابن المبارك، وأحمد - في المشهور عنه - وإسحاق، وحكى عليه إجماع أهل العلم. وقال أيوب: ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه"
(2)
.
وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتاوى واضحة في ذلك منها قولهم: "إن الذي يترك الصلاة لا يخلو من إحدى حالتين:
الأولى: أن يتركها جاحدًا لوجوبها فهذا يكفر إجماعًا، لأنه ترك ركنا من أركان الإسلام معلوما بالضرورة جاحدا لوجوبه.
الثانية: أن يتركها تهاونًا وكسلًا مع إقراره بوجوبها، فهذا يكفر في أصح قولي العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم:"من ترك الصلاة متعمدًا برئت منه ذمة الله ورسوله"
(3)
وهذا يدل على إباحة قتله، وقوله صلى الله عليه وسلم:"بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة"
(4)
فهذا يدل على كفره"
(5)
.
وسمعت الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله يذكر كثيرًا أن من مات من المكلفين وهو لا يصلي ومثله يعلم الحكم الشرعي فهو كافر لا يُغسل ولا يُصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يرثه أقاربه المسلمون بل ماله لبيت مال المسلمين في أصح
(1)
انظر المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد 2/ 36، 37.
(2)
فتح الباري لابن رجب 1/ 25.
(3)
أخرجه الإمام أحمد (27908)(22425)، المستدرك على الصحيحين (4/ 41).
(4)
أخرجه مسلم وقد تقدم.
(5)
فتاوى اللجنة الدائمة 6/ 30. وانظر أيضًا المرجع نفسه 6/ 40.