الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قذف عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه كفر بلا خلاف، وقد حكي الإجماع علي هذا غير واحد. وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم، فرُوي عن مالك: من سب أبا بكر جُلد، ومن سب عائشة قُتل. قيل له: لِمَ؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن؛ لأن الله تعالى قال {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} "
(1)
.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "ومن يقذف الطيبة الطاهرة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، كما صح ذلك عنه، فهو من ضرب عبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين ولسان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا معشر المسلمين من يعذرني فيمن آذاني في أهلي {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 57 - 58] فأين أنصار دينه ليقولوا: نحن نعذرك يا رسول الله"
(2)
.
كما أن الطعن بها رضي الله عنها فيه تنقيص برسول الله صلى الله عليه وسلم من جانب آخر، حيث قال الله عز وجل: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
…
} والآيات [النور: 26].
•
حكم قذف بقية أمهات المؤمنين:
القول في قذف سائر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كالقول في سب عائشة رضي الله عنها.
قال القاضي عياض: "ومن سب غير عائشة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ففيها قولان:
(1)
الصارم المسلول ص 565، 566، وانظر الشفا ص 1109 والمحلي 11/ 414، 415.
(2)
رسالة في الرد علي الرافضة 25، 26. ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (ملحق المصنفات).
أحدهما: يقتل؛ لأنه سبّ النبي صلى الله عليه وسلم بسبِّ حليلته.
والآخر: أنها كسائر الصحابة؛ يُجلد حدّ المفتري؛ قال
(1)
: وبالأول أقول"
(2)
.
وقال شيخ الإسلام: "وأما من سبّ غير عائشة من أزواجه صلى الله عليه وسلم ففيه قولان:
أحدهما: أنه كسابِّ غيرهن من الصحابة عليما سيأتي.
والثاني: وهو الأصح أنه من قذف واحدة من أمهات المؤمنين فهو كقذف عائشة، وقد تقدم معنى ذلك عن ابن عباس، وذلك لأن هذا فيه عار وغضاضة علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذى له أعظم من أذاه بنكاحهن بعده، وقد تقدم التنبيه علي ذلك فيما مضي عند الكلام علي قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية والأمر فيه ظاهر"
(3)
.
وقال أحمد بن حجر الهيتمي المكي: "وأما الوقيعة في عائشة رضي الله عنها، فموجب للقتل. إما لأن القرآن شهد ببراءتها فقذفها تكذيبٌ له وتكذيبُه كفرٌ، وإما لكونها فراشًا له صلى الله عليه وسلم، والوقيعة فيها تنقيصٌ له، وتنقيصُه كفرٌ، وينبني وعلي ذلك حكم الوقيعة في بقية أمهات المؤمنين، فعلى الأول لا يكون كفرًا، وعلي الثاني يكون كفرًا، وهو الأرجح عند بعض المالكية، وإنما لم يقتل صلى الله عليه وسلم قذفة عائشة لأن قذفهم كان قبل نزول القرآن فلم يتضمن تكذيب القرآن، ولأن ذلك نزول بعد نزول الآية، فلم ينعطف حكمه علي ما قبلها"
(4)
.
(1)
يبدو أن النقل من القاضي عياض عن كتاب ابن شعبان لأنه صدَّر به الكلام.
(2)
الشفا بتعريف حقوق المصطفي ص 1113.
(3)
الصارم المسلول ص 567.
(4)
الصواعق المحرقة ص 387.