الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشيخ عبد الرزاق عفيفي في رسالته في الحكم بغير ما أنزل الله: "من وضع للناس أحكاما وهيأ لهم نظما ليعملوا جمها ويتحاكموا إليها وهو يعلم أنها تخالف أحكام الإسلام فهو كافر خارج عن ملة الإسلام"
(1)
.
فالمُشَرِّع كافر بالله لأنه استقل بتشريع يضاهي به حكم الله ومن قنن أحكاما ووضع قوانين فهو مشرِّع وكفره ظاهر فهو يرى حق التشريع لنفسه والله سبحانه وتعالى يقول {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21].
*
سادسًا: الحكم العام بغير ما أنزل الله:
وهو أن يحكم بغير ما أنزل الله حكما عاما وإن لم يجحد أو يستحل أو يعتقد. فهذا فيه خلاف بين أهل العلم فمنهم من يرى أن من يحكم دائما بغير شرع الله ويلزم الناس بذلك أنه عاص وله حكم أمثاله من المؤمنين المدمنين على المعاصي
(2)
، فيجعلون كفره كفرًا أصغر
(3)
.
وممن يرى هذا شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز
(4)
رحمه الله، ومنهم من يرى أن كفره كفر أكبر مخرج من الملة بدليل قول الله عز وجل:{يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} [النساء: 60].
ووجه الدلالة من الآية: أن الله جعل الذي يحكم بغير شرعه مطلقًا طاغوتًا وقال {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} الآية.
(1)
الحكم بغير ما أنزل الله ص 64.
(2)
ينبغي التفريق بين الحكم والتحاكم وطاعة الحاكم بغير ما أنزل الله، وقد سبق الكلام عن الأخيرين، أما الحاكم بغير ما أنزل الله فهو مجال حديثنا في هذا البحث.
(3)
انظر التمهيد لشرح كتاب التوحيد للشيخ صالح آل الشيخ، ص 430.
(4)
انظر فتاوى ابن باز 2/ 326.
كما استدلوا بقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44].
ووجه الدلالة من الآية: أن دخول (أل) على اسم الفاعل يُفيد الاستغراق فهو كفر أكبر. وممن قال بكفره مطلقًا الشيخ محمد بن إبراهيم
(1)
. والشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمهم الله
(2)
، وغيرهما من أهل العلم
(3)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإن الحاكم إذا كان ديِّنًا لكنه حكم بغير علم كان من أهل النار، وإن كان عالما لكنه حكم بخلاف الحق الذي يعلمه كان من أهل النار، وإذا حكم بلا عدل ولا علم كان أولى أن يكون من أهل النار. وهذا إذا حكم في قضية معينة لشخص. وأما إذا حكم حكمًا عامًا في دين المسلمين فجعل الحق باطلًا والباطل حقًّا، والسنة بدعة والبدعة سنة، والمعرف منكرًا والمنكر معروفًا، ونهى عما أمر الله به ورسوله، وأمر بما نهى الله عنه ورسوله، فهذا لونٌ آخر يحكم فيه رب العالمين، وإله المرسلين، مالك يوم الدين، الذي: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص: 70]، {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)} [الفتح: 28]، والحمد لله رب العالمين"
(4)
.
وقال أيضًا رحمه الله: "ومن حكم بما يخالف شرع الله ورسوله، وهو يعلم ذلك،
(1)
تحكيم القوانين ص 19.
(2)
أضواء البيان 7/ 162.
تنبيه: نقولات العلماء تتضح أكثر بالرجوع إليها في مواضعها، وأكتفي هنا بالإشارة.
(3)
انظر التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص 430.
(4)
مجموع الفتاوى 35/ 388.