الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
حكم الذبح لغير الله:
الذبح لغير الله شرك، وله ثلاث صور
(1)
:
1 -
شرك من جهة العبادة: كمن يذبح لغير الله فيتوجه بالذبح للبدوي أو المسيح، فمن ذبح لغير الله تقربًا أو تعظيمًا فهو مشرك شركًا أكبر مخرج من الملة.
2 -
شرك من جهة الاستعانة: وذلك إذا ذكر عند الذبح غير اسم الله.
3 -
شرك في الاستعانة والعبادة: وذلك إذا ذبح باسم غير الله لغير الله، ومثال ذلك أن يذبح باسم البدوي للبدوي أو باسم عيسى لعيسى.
قال النووي: "وأما الذبح لغير الله فالمراد به أن يذبح باسم غير الله تعالى كمن ذبح للصنم أو الصليب أو لموسى أو لعيسى صلى الله عليهما وسلم أو للكعبة ونحو ذلك فكل هذا حرام، ولا تحل الذبيحة سواء كان الذابح مسلمًا أو نصرانيًا أو يهوديًا نصَّ عليه الشافعي واتفق عليه أصحابنا، فإن قصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفرًا، فإن كان الذابح مسلمًا قبل ذلك صار بالذبح مرتدًا"
(2)
.
قال شيخ الإسلام: "فإن عبادة الله بالصلاة له والنسك له أعظم من الاستعانة باسمه في فواتح الأمور، فكذلك الشرك بالصلاة لغيره والنسك لغيره أعظم من الاستعانة باسم غيره في فواتح الأمور، فإذا حرم ما قيل فيه باسم المسيح أو الزهرة، فلأن يحرم ما قيل فيه لأجل المسيح أو الزهرة أو قصد به ذلك أولى، فإن العبادة لغير الله أعظم كفرا من الاستعانة بغير الله، كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة، الذين قد يتقربون إلى الكواكب بالذبح والنجوم ونحو ذلك، وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبيحتهم بحال، لكن يجتمع في الذبيحة مانعان"
(3)
.
(1)
التمهيد لشرح كتاب التوحيد للشيخ صالح آل الشيخ ص 139 - 142.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم 13/ 141.
(3)
تيسير العزيز الحميد ص 191.
فالذبح لغير الله تقربًا أو تعظيمًا كله شرك أكبر، وليس في الذبح شرك أصغر.
وقد ذكرنا أن حد الشرك الأكبر هو: أن يصرف العبد نوعا أو فردا من أفراد العبادة لغير الله. فكل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به في الشرع فصرفه الله وحده عبادة وتوحيد، وصرفه لغيره شرك وكفر وتنديد.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "ومن ذبح لغيره من الجن والأصنام والقبور فهو كمن صلى وعبد غير الله لأن كلا من الصلاة والذبح عبادة حيث قرن الله بينهما"
(1)
.
ويدخل في ذلك الذبح للجن على عتبة الباب قبل نزول المنزل الجديد ابتغاء إرضاءهم فهذه عادة جاهلية حيث إن بعضهم إذا أسس دارا ذبح عند الأساس أو عندما يحفرون القواعد يذبح باسم الجن حتى تحميهم أو حتى لا تأتيهم ولا تضرهم فهذا يعتبر شركا أكبر للحديث المتقدم: (دخل الجنة رجل في ذباب ودخل النار رجل في ذباب) حتى لو ذبح على العتبة عصفورا أو دجاجة وكان ذبحه للجن حتى لا تأتيه أو تأتي أهله صدق عليه أنه ذبح لغير الله.
وجاء في فتاوى اللجنة عن حكم هذه العادة ما نصه: "إذا كانت هذه العادة من أجل إرضاء الجن وتجنب المآسي والأحداث الكريهة فهي عادة محرمة بل شرك وهذا هو الظاهر من تقديم الذبح على النزول بالبيت وجعله على العتبة على الخصوص. وإن كان القصد من الذبح إكرام الجيران الجدد والتعرف عليهم وشكر الله على ما أنعم به من السكن الجديد وإكرام الأقارب والأصدقاء بهذه المناسبة وتعريفهم بهذا المسكن فهذا خير يحمد عليه فاعله لكن ذلك إنما يكون عادة بعد نزول أهل البيت فيه لا قبل ولا يكون ذبح الذبيحة أو الذبائح عند عتبة الباب أو مدخل البيت على الخصوص - وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم"
(2)
.
(1)
مجموع الفتاوى لابن باز 2/ 561.
(2)
فتاوى اللجنة 1/ 133.
وأفتت اللجنة الدائمة لمن ذبح للجن بعد أن حج أن يحج من جديد، فالذبح للجن شرك بالله سبحانه وتعالى، ولو مات فاعله عليه دون توبة منه لكان خالدًا مخلدًا في النار، فلا يصح مع الشرك عمل، لقوله تعالى:{وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
(1)
.
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن الذبح عند اكتمال البناء أو انتصافه فقال: "هذا التصرف فيه تفصيل؛ فإن كان المقصود من الذبيحة اتقاء الجن أو مقصدًا آخر يقصد به صاحب البيت أن هذا الذبح يحصل به كذا وكذا كسلامته وسلامة ساكنيه فهذا لا يجوز، فهو من البدع، وإن كان للجن فهو شرك أكبر؛ لأنه عبادة لغير الله، أما إن كان من باب الشكر على ما أنعم الله به عليه من الوصول إلى السقف أو عند إكمال البيت فيجمع أقاربه وجيرانه ويدعوهم لهذه الوليمة فهذه لا بأس بها، وهذا يفعله كثير من الناس من باب الشكر لنعم الله حيث منَّ عليهم بتعمير البيت والسكن فيه بدلًا من الاستئجار، ومثل ذلك ما يفعله بعض الناس عند القدوم من السفر يدعو أقاربه وجيرانه شكرًا لله على السلامة فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر نحر جزورًا ودعا الناس لذلك عليه الصلاة والسلام"
(2)
.
القسم الثاني من أقسام الذبح: "أن يذبح لغير الله فرحا وإكراما فهذا لا يخرج من الملة بل هو من الأمور العادية التي قد تكون مطلوبة أحيانا وغير مطلوبة أحيانا فالأصل أنها مباحة
…
"
(3)
.
وقال ابن عثيمين رحمه الله في شرح ثلاثة الأصول: "أن يقع - الذبح - إكرامًا لضيف أو وليمة لعرس أو نحو ذلك، فهذا مأمور به إما وجوبًا أو استحبابا لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"، وقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف:
(1)
انظر فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم (2527) 1/ 208.
(2)
مجموع فتاوى 5/ 388، وانظر للاستزادة الشرح الممتع 7/ 550، 551.
(3)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 10/ 206. وانظر القول المفيد ط 1 - 1/ 215.