الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"والرياء آفة عظيمة يحتاج إلى علاج شديد وتمرين النفس على الإخلاص ومجاهدتها في مدافعة خواطر الرياء والأعراض الضارة والاستعانة بالله على دفعها لعل الله يخلص إيمان العبد ويحقق توحيده"
(1)
.
8 - هل ترك العمل من أجل الناس رياء:
قال الفضيل بن عياض: "ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله عنهما"
(2)
.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة توضيح لقول الفضيل بن عياض رحمه الله وهذا نصه: "أما قوله "إن العمل من أجل الناس شرك" فهو صحيح لأن الأدلة من الكتاب والسنة تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده وتحريم الرياء وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر وذكر أنه أخوف ما يخاف على أمته صلى الله عليه وسلم.
وأما قوله إن ترك العمل من أجل الناس رياء فليس على إطلاقه بل فيه تفصيل، والمعول على ذلك على النية لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" مع العناية بتحري موافقة الشريعة في جميع الأعمال لقوله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"، فإذا وقع الإنسان حالة ترك فيها العمل الذي لا يجب عليه لئلا يظن به ما يضره فليس هذا من الرياء بل هو من السياسة الشرعية، وهكذا لو ترك بعض النوافل عند بعض الناس خشية أن يمدحوه بما يضره أو يخشى الفتنة به، أما الواجب فليس له أن يتركه إلا لعذر شرعي"
(3)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن نهى عن أمر مشروع بمجرد زعمه أن ذلك رياء فنهيه مردود عليه من وجوه:
(1)
القول السديد 108، 109.
(2)
البيهقي (6879) والحلية 8/ 95 وتهذيب الكمال 23/ 291.
(3)
فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 532 رقم 3419.
أحدها: أن الأعمال المشروعة لا ينهى عنها خوفا من الرياء بل يؤمر بها وبالإخلاص فيها ونحن إذا رأينا من يفعلها أقررناه وإن جزمنا أنه يفعلها رياء. فالمنافقون الذين قال الله فيهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)} [النساء: 142]، فهؤلاء كان النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون يقرونهم على ما يظهرونه من الدين وإن كانوا مرائين ولا ينهونهم عن الظاهر لأن الفساد في ترك إظهار المشروع أعظم من الفساد في إظهار رياء كما أن فساد ترك إظهار الإيمان والصلوات أعظم من الفساد في إظهار ذلك رياء ولأن الإنكار إنما يقع على الفساد في إظهار ذلك رئاء الناس.
الثاني: لأن الإنكار إنما يقع على ما أنكرته الشريعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أن أشق بطونهم" وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من أظهر لنا خيرا أحببناه وواليناه عليه وإن كانت سريرته بخلاف ذلك، ومن أظهر لنا شرًا أبغضناه عليه وإن زعم أن سريرته صالحة".
الثالث: أن تسويغ مثل هذا يفضي إلى أن أهل الشرك والفساد ينكرون على أهل الخير والدين إذا رأوا من يظهر أمرًا مشروعًا مسنونًا قالوا هذا مراء فيترك أهل الصدق والإخلاص إظهار الأمور المشروعة حذرًا من لمزهم وذمهم فيتعطل الخير ويبقى لأهل الشرك شوكة يظهرون الشر ولا أحد ينكر عليهم وهذا من أعظم المفاسد.
الرابع: أن مثل هذا من شعائر المنافقين وهو يطعن علي من يظهر الأعمال المشروعة قال تعالى: {(78) الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)} [التوبة: 79]، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حض على الإنفاق عام تبوك جاء بعض