الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
144 - سب الأنبياء والملائكة
*
السب: الشتم
(1)
.
وقال في مختار الصحاح: "السب: الشتم والقطع والطعن"
(2)
.
والشتم: قبيح الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف بحق المسبوب ويرجع معرفة الأذى والسب والشتم إلى العرف وله أنواع متعددة
(3)
.
قال إبراهيم الحربي: "السباب: فوق الشتم وهو أن يقول الرجل ما فيه وما ليس فيه ويعيبه بذلك"
(4)
.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هو الكلام الذي يُقصد به الانتقاص والاستخفاف وهو ما يفهم منه السب في عقول الناس علي اختلاف اعتقاداتهم كاللعن والتقبيح وهو الذي دل عليه قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108] "
(5)
.
•
حكم سب الأنبياء والملائكة:
قال مالك: "من سب أحدا من الأنبياء والرسل أو جحد ما أنزل عليه أو جحد منهم أحدا أو جحد ما جاء به فهو بمنزلة من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يُصنع فيه ما يصنع فيه هو؛ لأن الله تعالى يقول: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ
* الشفا 2/ 932، الصارم المسلول ص 538 - 543. منهج الإمام مالك في العقيدة ص 419 - 436. الدين الخالص لصديق حسن القنوجي 3/ 530.
(1)
النهاية (س ب ب).
(2)
مختار الصحاح (س ب ب).
(3)
الشفا 2/ 932، الصارم المسلول ص 538 - 543، 566. منهج الإمام مالك في العقيدة ص 419.
(4)
الإيمان لابن منده 2/ 672.
(5)
الصارم المسلول ص 566.
كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)} [البقرة: 285]، وقال سبحانه:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)} [البقرة:136]، ثم قال تعالى علي أثرها:{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)} [البقرة: 137]، وقال في سورة النساء:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)} [النساء: 150 - 151] "
(1)
.
قال محمد بن عبد الحكم: "أخبرنا أصحاب مالك أنه قال: من سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من النبيين مسلمًا كان أو كافرًا، قُتِل ولم يُستَتَب"
(2)
.
وقال القاضي عياض: "وحكم من سب أنبياء الله تعالى وملائكته، واستخف بهم أو كذبهم فيما أتوا به، أو أنكرهم وجحدهم، حكم نبينا صلى الله عليه وسلم "
(3)
.
وقال شيخ الإسلام: "والحكم في سب سائر الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - كالحكم في سب نبينا صلى الله عليه وسلم، فمن سب نبيًا مسمي باسمه من الأنبياء المعروفين المذكورين في القرآن أو موصوفا بالنبوة - مثل أن يذكر في حديث أن نبيا فعل كذا أو قال كذا، فيسب ذلك القائل أو الفاعل، مع العلم بأنه نبي، وإن لم يعلم من هو، أو يسب نوع الأنبياء على الإطلاق - فالحكم في هذا كما تقدم؛ لأن الإيمان بهم
(1)
البيان والتحصيل 16/ 415 نقلًا عن منهج الإمام مالك في العقيدة ص 436.
(2)
الشفا 2/ 936 - 937. الصارم المسلول ص 311.
(3)
الشفا 2/ 1097.
واجب عموما، وواجب الإيمان خصوصا بمن قصه الله علينا في كتابه، وسبهم كفر وردة إن كان من مسلم، ومحاربة إن كان من ذمي"
(1)
.
وعند النظر في قوله: "فمن سب نبيًا مسمي باسمه من الأنبياء المعروفين المذكورين في القرآن أو موصوفا بالنبوة" تعلم أن هذا الحكم خاص بمن قُطع بنبوته أو بأنه من الملائكة وأما من اُختُلِف فيه فلا يتناوله ذلك الحكم.
قال شيخ الإسلام: "ولا ريب أن جرم سابِّه أعظم من جرم سابِّ غيره كما أن حرمته أعظم من حرمة غيره، وإن شاركه سائر إخوانه من النبيين والمرسلين في أن سابَّهم كافر محارب حلال الدم، فأما إن سبَّ نبيًا غير معتقدٍ لنبوته فإنه يُستتاب من ذلك إذا كان ممن علمت نبوته بالكتاب والسنة؛ لأن هذا جحد لنبوته إن كان ممن يجهل أنه نبي فإنه سبّ محض فلا يقبل قوله إني لم أعلم أنه نبي"
(2)
.
وقال القاضي: "فأما من لم تثبت الأخبار بتعيينه، ولا وقع الإجماع علي كونه من الملائكة أو الأنبياء
…
فليس الحكم في سابِّهم والكافر بهم كالحكم فيمن قدمناه، إذ لم تثبت لهم تلك الحرمة، ولكن يزجر من تنقصهم وآذاهم، ويؤدب بقدر الحال المقول فيهم، لا سيما من عرفت صدِّيقَيَّتَهُ وفضله منهم، وإن لم تثبت نبوته، وأما إنكار نبوتهم أو كون الآخر من الملائكة فإن كان المتكلم في ذلك من أهل العلم فلا حرج لاختلاف العلماء في ذلك، وإن كان من عوام الناس زجر عن الخوض في مثل هذا، فإن عاد أُدِّب، إذ ليس لهم الكلام في مثل هذا، وقد كره السلف الكلام في مثل هذا مما ليس تحته عمل لأهل العلم فكيف للعامة"
(3)
.
(1)
الصارم المسلول ص 565.
(2)
الصارم المسلول ص 565.
(3)
الشفا 2/ 1099 - 1101.