الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال شيخ الإسلام: "وليس للعبد أن يدفع كل ضرر بما شاء، ولا يجلب كل نفع بما شاء، بل لا يجلب النفع إلا بما فيه تقوى الله، ولا يدفع الضرر إلا بما فيه تقوى الله، فإن كان ما يفعله من العزائم والأقسام والدعاء والخلوة والسهر ونحو ذلك مما أباحه الله ورسوله فلا بأس به، وإن كان مما نهى الله عنه ورسوله لم يفعله"
(1)
.
تنبيه:
كما يجب أن يكون الراقي موثوقًا به ليس من أهل الشعوذة، ويجب أن ينهى كذلك عن الخلوة بالمرأة دون محرم.
3 - حكم رقية أهل الكتاب للمسلمين:
يرى بعض العلماء جواز رقي أهل الكتاب مستدلين بما رواه مالك في الموطأ عَنْ يَحْيى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَشْتكِي وَيهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: "ارْقِيهَا بِكِتَابِ الله"
(2)
.
وقال النووي: "قال المازري: واختلفوا في رقية أهل الكتاب فجوّزها أبو بكر الصديق رحمه الله، وكرهها مالك خوفًا أن يكون مما بدلوه، ومن جوزها قال: الظاهر أنهم لم يبدلوا الرقى فإنهم لهم غرض في ذلك بخلاف غيرها مما بدلوه"
(3)
.
قال ابن عبد البر: "وقد جاء عن أبي بكر الصديق كراهية الرقية بغير كِتَاب الله وعلى ذلك العلماء، وأباح لليهودية أن ترقى عائشة بكتاب الله"
(4)
.
وقال الزرقاني في معنى قول أبي بكر أرقيها بكتاب الله: "المقصود القرآن إن رجى إسلامها، أو التوراة إن كانت مُعرَّبة بالعربي أو أمن تغييرهم لها"
(5)
.
(1)
مجموع الفتاوى 24/ 280.
(2)
أخرجه مالك في الموطأ (1481).
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم 14/ 168.
(4)
التمهيد 5/ 278.
(5)
شرح الزرقاني على الموطأ 4/ 328.
قال الربيع: "سألت الشافعي عن الرقية فقال: لا بأس أن يرقى بكتاب الله، وما يعرف من ذكر الله. قلت: أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟ فقال: نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله أو ذكر الله، فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: حجة، فأما رواية صاحبنا وصاحبك فإن مالكًا أخبرنا وذكر الأثر السابق وقول أبي بكر: ارقيها بكتاب الله، فقلت للشافعي: فإنا نكره رقية أهل الكتاب، فقال: وأنتم تروون هذا عن أبي بكر ولا أعلمكم تروون عن غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خلافه، وقد أحل الله جل ذكره طعام أهل الكتاب ونساءهم وأحسب الرقية إذا رقوا بكتاب الله مثل هذا أو أخلف"
(1)
.
وأما كلام أهل العلم الذين كرهوا رقية أهل الكتاب إنما كرهوها لأمرين:
1 -
احتمال أن تكون رقيتهم بما بُدِّل.
2 -
احتمال أن يرقوا برقية لا يُعرف معناها.
وقالوا أيضًا: أن الأثر المذكور عن أبي بكر مرسل فقد رواه الإمام مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة وعمرة بنت عبد الرحمن لم تدرك أبا بكر، ثم إن قوله:"ارقيها بكتاب الله" فيه غموض وإجمال، وسبب آخر كذلك أنهم غير مأمونين في استخدام الطلاسم والأمور الشركية والشعوذة، ويضمرون العداء لأهل الإسلام ويوقعون بهم ضررًا، وقالوا أيضًا: إن الذهاب إليهم تعظيم لأمرهم، وعند المسلمين غنية عنهم لكن إن صحت الرقية وكانت بكتاب الله وذكره فإنهم لا يستطيعون تبديلها؛ لأنهم إن بدلوها لا تؤدي المطلوب وتبطل رقاهم ولا يلتفت إليهم أحدًا"
(2)
.
وقال الحافظ ابن حجر: "والحق أنه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال"
(3)
.
(1)
الأم 7/ 228، والبيهقي 9/ 349، وعون المعبود شرح حديث رقم (3403).
(2)
انظر كتاب العين والرقية للشيخ عطية محمد سالم ص 65، 66.
(3)
فتح الباري 1/ 197.