الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ بكر أبو زيد في معرض كلامه عن ابن القيم: "فكان من الأعمال المعدودة من باب القربات: شد الرحال إلى قبر الخليل - فأنكر ابن القيم ذلك ونعي علي معاصريه عامتهم وخاصتهم وبين أن شد الرحال له من الأمور المنكرة في الدين والبدع المخالفة للصراط المستقيم فأحدث ذلك صراعا عجيبًا أوذي وسجن بسببه وفي ذلك يقول ابن رجب: "وقد حبس مدة لإنكاره شد الرحال إلى قبر الخليل""
(1)
.
*
أدلة المجيزين لاستحباب السفر لزيارة القبر:
استدل المجيزون للسفر إلى مجرد قصد زيارة القبر الشريف بأحاديث عديدة وهي إما موضوعة أو ضعيفة جدًّا لا تقوم بها حجة
(2)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأحاديث في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلها ضعيفة، باتفاق أهل العلم بالحديث، بل هي موضوعة، لم يرو أحد من أهل السنن المعتمدة شيئًا منها، ولم يحتج أحد من الأئمة بشيء منها، بل مالك إمام أهل المدينة النبوية - الذين هم أعلم الناس بحكم هذه المسألة - كره أن يقول الرجل: "زرت قبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (ولو كان هذا اللفظ مشروعا عندهم، أو معروفا مأثورا عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يكرهه عالم المدينة، والإمام أحمد - أعلم الناس في زمانه بالسنة - لما سئل عن ذلك - أي عن زيارة قبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - لم يكن عنده ما يعتمد عليه في ذلك من الأحاديث إلا حديث أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله روحي حتى أردّ عليه السلام"
(3)
وعلي هذا اعتمد أبو داود في سننه
…
إلخ"
(4)
.
(1)
انظر كتاب جهود ابن القيم ص 70. وانظر كلام ابن رجب في الدرر الكامنة 4/ 23.
(2)
انظر الصارم المنكي للإمام محمد بن أحمد عبد الهادي فقد رد جميع الأحاديث التي استدل بها تقي الدين السبكي في كتابه: شفاء السقام في زيارة خير الأنام. وانظر أيضًا رسالة كشف الستر عما ورد في السفر إلى القبر للشيخ حماد الأنصاري.
(3)
أخرجه أبو داود (2041).
(4)
الرد على الأخنائي ص 189 بتصرف يسير.
وذكر - رحمه الله تعالى - في موضع آخر أمثلة ما يروى من تلك الأحاديث فقال: "ومنها حديث: "من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي". مثل ما يروون أنه قال صلى الله عليه وسلم: "من زارني بعد مماتي كنت له شفيعا يوم القيامة"
…
إلى أن قال: فهذه الأحاديث وما أشبهها كلها كذب موضوع علي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه لفظ واحد في زيارة قبره. وقال: كيف يكون زائر قبره كالمهاجر إليه في حياته؟ فإنما زيارته في حياته إنما شرعت لمن يأتي ويبايعه علي الإسلام والجهاد أو يطلب منه العلم، أو نحو ذلك من المقاصد المأمور بها في حياته، التي لا يحصل شيء منها بزيارة قبره"
(1)
.
قال ابن باز رحمه الله: "ولو كان شيء من هذه الأحاديث ثابتًا لكان الصحابة رضي الله عنهم أسبق الناس إلى العمل به، وبيان ذلك للأمة ودعوتهم إليه، لأنهم خير الناس بعد الأنبياء، وأعلمهم بحدود الله وبما شرعه لعباده، وأنصحهم الله ولخلقه فلما لم يُنقل عنهم شيء من ذلك دل علي أنه غير مشروع"
(2)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأول من وضع هذه الأحاديث في السفر لزيارة المشاهد التي على القبور هم أهل البدع من الرافضة وغيرهم الذين يعطلون المساجد ويعظمون المشاهد التي يشرك فيها ويكذب فيها ويبتدع فيها دين لم ينزل الله به سلطانًا"
(3)
.
ومن أدلة المجيزين ما يروونه من (أن بلالًا رضي الله عنه رأى النَّبِيّ صلي الله عليه وآله وسلم وهو في الشام في منامه وهو يقول له: ما هذه الجفوة يا بلال؟! أما آن لك أن تزورني يا بلال؟!، فانتبه حزينًا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة) قال الحافظ
(1)
الرد على البكري ص 55. وانظر مجموع الفتاوى 28/ 224.
(2)
التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 109.
(3)
مجموع الفتاوى 27/ 224.