الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال المروزي: دخلت على أبي عبد الله وهو مريض، فسألته، فتغرغرت عيناه، وجعل يخبرني ما مر به في ليلته من العلة.
والتحقيق أن الأنين على قسمين: أنين شكوى فيكره، وأنين استراحة وتفريج فلا يكره، والله أعلم.
وقد روى في أثر: أن المريض إذا بدأ بحمد الله، ثم أخبر بحاله، لم يكن شكوى وقال شقيق البلخي: من شكى من مصيبة نزلت به إلى غير الله، لم يجد في قلبه حلاوة لطاعة الله أبدا"
(1)
.
3 - الندب والنياحة وشق الثياب
…
الندب: تعداد محاسن الميت وما يلقون بفقده بلفظ النداء
(2)
. والإتيان بحرف الندبة
(3)
. مثل قولهم: وارجلاه، واجبلاه، واانقطع ظهراه، وأشباه هذا.
والنوح: قال في التيسير: "أي: رفع الصوت بالندب بتعديد شمائله لما في ذلك من التسخط على القدر والجزع المنافي للصبر، وذلك كقول النائحه: واعضداه، واناصراه، واكاسياه ونحو ذلك"
(4)
.
ومن أحاديث النهي عن ذلك حديث عَبْدِ الله بن مسعود عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ"
(5)
.
وحديث كريمة المزنية قالت: سمعت أبا هريرة وهو في بيت أم الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة من الكفر بالله: شق الجيب، والنياحة، والطعن في النسب"
(6)
.
(1)
عدة الصابرين 324.
(2)
المغني لابن قدامة 2/ 547.
(3)
حاشية البجيرمي 1/ 502.
(4)
تيسير العزيز الحميد ص 518، وانظر سبل السلام 2/ 115.
(5)
أخرجه البخاري (1298)(1294) ومسلم (103).
(6)
أخرجه الحاكم في مستدركه في الجنائز 1/ 383 وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي عليه.
قال في التيسير: "قوله: ودعى بدعوى الجاهلية قال شيخ الإسلام: "هو ندب الميت" وقال غيره: "هو الدعاء بالويل والثبور".
وقال الحافظ: "أي: من النياحة ونحوها" وكذا الندب به كقولهم: واجبلاه، وكذا الدعاء بالويل والثبور.
وقال ابن القيم: "الدعاء بدعوى الجاهلية، كالدعاء إلى القبائل والعصبية للإنسان، ومثله التعصب للمذاهب والطوائف، والمشايخ وتفضيل بعض على بعض في الهوى والعصبية، وكونه منتسبا إليه يدعو إلى ذلك، ويوالي عليه، ويعادي ويزن الناس به، فكل هذا من دعوى الجاهلية. قال الشيخ سليمان بن عبد الله: الصحيح أن دعوى الجاهلية يعم ذلك كله"
(1)
.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت"
(2)
.
وقال ابن تيمية: "فقوله: "هما بهما" أي: هاتان الخصلتان هما كفر قائم بالناس فنفس الخصلتين كفر حيث كانتا من أعمال الكفر وهما قائمتان بالناس، لكن ليس كل من قام به شعبة من شعب الكفر يصير بها كافرا الكفر المطلق حتى تقوم به حقيقة الكفر كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير بها مؤمنا حتى يقوم به أصل الإيمان وحقيقته وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة" وبين كفر منكر في الإثبات"
(3)
.
وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء
(1)
تيسير العزيز الحميد ص 519.
(2)
أخرجه مسلم (67).
(3)
اقتضاء الصراط 1/ 207، 208.