الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كافيه إنما المراد أنهم يتركون الأمور المكروهة مع حاجتهم إليها توكلًا على الله، كالاسترقاء والاكتواء فتركهم له ليس لكونه سببا لكن لكونه سببًا مكروهًا، لا سيما والمريض يتشبث بما يظنه سببًا لشفائه بخيط العنكبوت، أما نفس مباشرة الأسباب، والتداوي على وجه لا كراهية فيه، فغير قادح في التوكل، فلا يكون تركه مشروعا"
(1)
.
وقد تقدم الفرق بين الرقية والاسترقاء في باب (الرقى).
4 - حكم التعلق بالأسباب:
الأسباب وإن عظمت وقويت فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره لا خروج لها عنه والله يتصرف فيها كيف يشاء فخالق الأسباب ومسببها هو الله وحده - فما شاء كان - وإن لم يشأ الناس - وما شاء الناس لا يكون إلا أن يشاء الله ولا يجعل منها سببا إلا ما ثبت أنه سبب شرعًا وقدرًا، ثم إذا ثبتت تلك الأسباب فلا يعتمد العبد عليها ولا يركن إليها بل يعتمد على مسببها، ومقدرها مع قيامه بالمشروع منها وحرصه على النافع منها
(2)
ويعلم أن السبب المعين لا يستقل بالمطلوب، بل لابد معه من أسباب أخر، ومع هذا فلها موانع. فإن لم يكمل الله الأسباب، ويدفع الموانع: لم يحصل المقصود.
فإن اعتقد الإنسان أن السبب هو الفاعل بنفسه من دون الله فهو شرك أكبر، لأن الاعتماد الكلي على الأسباب، واعتقاد أنها تؤثر استقلًا في جلب المنفعة أو دفع المضرة من الشرك الأكبر.
* وإن اعتمد الإنسان على سبب لم يثبت كونه سببا لا شرعا ولا قدرا فهو مبطل.
(1)
تيسير العزيز الحميد ص 110. وانظر: للاستزادة آخر باب التوكل تحت عنوان: علاقة الأسباب بالتوكل.
(2)
القول السديد ص 34، 35.
* وإذا عُلِم السبب بطريق الشرع أو بطريق القدر فجائز لكن كما قدمنا يعتمد على مسببها، ومقدرها؛ لأنه قد يقوم في نفس العبد الاعتماد على هذه الأسباب ونسيان المسبب.
* فالسبب المباح وإن كان في ذاته مباح لكن الاعتماد عليه مع نسيان المسبب نوع شرك.
* قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "فالأسباب لا يجوز منها إلا ما أباحه الله تعالى ورسوله مع عدم الاعتماد عليها"
(1)
.
قال الشيخ ابن عثيمين: "أن يعتمد على سبب شرعي صحيح مع غفلته عن المسبب وهو الله تعالى فهذا نوع من الشرك ولكن لا يخرج من الملة؛ لأنه اعتمد على السبب ونسي المسبب وهو الله - تعالى - "
(2)
.
* وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن التوكل: "فمن جعل أكثر اعتماده على الأسباب نقص توكله على الله، ويكون قادحا في كفاية الله فكأنه جعل السبب وحده هو العمدة فيما يصبو إليه من حصول المطلوب وزوال المكروه"
(3)
.
(1)
فتح المجيد 142.
(2)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 1/ 104 وانظر أيضًا 9/ 174.
(3)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 10/ 666. وانظر القول المفيد ط 1 - 186.