الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من العلماء: إنه لا يثبت منها شيء جاء ذلك عن الإمام ابن تيمية والحافظ ابن عبد الهادي وغيرهم من أئمة العلم
(1)
.
3 - والشفاعة شفاعتان شفاعة منفية وشفاعة مثبتة
(2)
:
فالشفاعة المنفية
(3)
ما كانت تطلب من غير الله والدليل قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 254].
والشفاعة بغير إذن الله أو الشفاعة لأهل الشرك كلها شفاعة منفية باطلة قال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18]. وقال تبارك وتعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} .
والقبوريون لما عظموا الأموات قادهم غلوهم ذلك إلى طلب الشفاعة من أوليائهم الأموات فطلبوها منهم في الدنيا، كما طلبها المشركون من أصنامهم والنصارى من رهبانهم قال ابن تيمية رحمه الله:"المشركون كانوا يتخذون من دون الله شفعاء من الملائكة والأنبياء والصالحين، يصورون تماثيلهم، فيستشفعون بها ويقولون: هؤلاء خواص الله، فنحن نتوسل إلى الله بدعائهم وعبادتهم ليشفعوا لنا، كما يتوسل إلى الملوك بخواصهم، لكونهم أقرب إلى الملوك من غيرهم، فيشفعون عند الملوك بغير إذن الملوك، وقد يشفع أحدهم عند الملك فيما لا يختاره، فيحتاج إلى إجابة شفاعته رغبة ورهبة"
(4)
.
وقال ابن القيم رضي الله عنه: "ومن جَهلِ المشرك: اعتقاده أن من اتخذه وليا أو شفيعا:
(1)
الرد على الأخنائي 29، والصارم المنكي 29.
(2)
انظر: التوسل والوسيلة لابن تيمية فقد ذكر هذين النوعين 12، 13، وانظر الدرر السنية 2/ 158.
(3)
سميت منفية لأنه جاء نفيها في القرآن.
(4)
مجموع الفتاوى 1/ 150، وانظر تيسير العزيز الحميد 235 وما بعدها.
أنه يشفع له، وينفعه عند الله. كما يكون خواص الملوك والولاة تنفع شفاعتهم من والاهم. ولم يعلموا أن الله لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، ولا يأذن في الشفاعة إلا لمن رضي له قوله وعمله. كما قال تعالى في الفصل الأول:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255]. وفي الفصل الثاني {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28]. وبقي فصل ثالث، وهو أنه لا يرضى من القول والعمل إلا التوحيد، واتباع الرسول، وعن هاتين الكلمتين يسأل الأولين والآخرين. كما قال أبو العالية:"كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين"؟. فهذه ثلاثة أصول. تقطع شجرة الشرك من قلب من وعاها وعقلها: لا شفاعة إلا بإذنه. ولا يأذن إلا لمن رضي قوله وعمله. ولا يرضى من القول والعمل إلا توحيده، واتباع رسوله"
(1)
.
* والشفاعة المثبتة هي التي تطلب من الله ولها شروط:
الشرط الأول: إذن الله تعالى للشافع أن يشفع لقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255]، وقوله تعالى:{يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه: 109]. وقوله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 23]. وقوله تعالى {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26].
ويقول سيد الشفعاء في حديث الشفاعة الطويل: "فأستأذن على ربي فيؤذن لي ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدا فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع"
(2)
.
(1)
مدارج السالكين 1/ 370.
(2)
سبق تخريجه.
الشرط الثاني: الرضى عن المشفوع له ورضى الله تعالى لا يحصل إلا باتباع الأوامر واجتناب المناهي فما أمر به فهو مرضي محبوب وما نهى عنه مبغض منبوذ والأدلة على هذا كثيرة منها قوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28]. وقوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18]. وقوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] ومنها ما رواه مسلم بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنِّي اخْتبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً أُمَّتِي وَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ الله مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لا يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا"
(1)
.
فالشفاعة بهذا خاصة بالمؤمنين الذين ماتوا على التوحيد.
ودل على ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لا يَسْألنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ على الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا الله خَالِصًا مِنْ قَلْبهِ أوْ نَفْسِهِ"
(2)
.
قال ابن تيمية: "فالذي تنال به الشفاعة هي الشهادة بالحق، وهي شهادة أن لا إله إلا الله، لا تنال بتولي غير الله، لا الملائكة، ولا الأنبياء، ولا الصالحين"
(3)
.
* وهناك اعتراضات على الشرط الثاني وهو الرضى عن المشفوع منها:
1 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم شفع لعمه أبي طالب مع كونه كافر؟ وهذا يشكل مع قوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} .
(1)
أخرجه مسلم (199). والترمذي (3602)، وابن ماجه (4307) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
أخرجه البخاري (99)(6570).
(3)
الحسنة والسيئة ص 152.