الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ثبت عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنا سيد ولد آدم" والجمع بينه وبين قوله: "السيد الله" أن السيادة المطلقة لا تكون إلا لله وحده فإنه تعالى هو الذي له الأمر كله فهو الآمر وغيره مأمور، وهو الحاكم وغيره محكوم، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية تكون في شيء محدود، وفي زمن محدود، ومكان محدود، وعلي قوم دون قوم، أو نوع من الخلائق دون نوع"
(1)
.
6 - عبارة "السيدة عائشة رضي الله عنها
"؟
قال الشيخ ابن عثيمين: "لا شكَّ أن عائشة رضي الله عنها من سيدات نساء الأمة، ولكن إطلاق"السيدة" علي المرأة و "السيدات" علي النساء هذه الكلمة متلقاة فيما أظن من الغرب حيث يسمون كل امرأة سيدة وإن كانت من أوضح النساء، لأنهم يسودون النساء أي يجعلونهن سيدات مطلقًا، والحقيقة أن المرأة امرأة، وأن الرجل رجل، وتسمية المرأة بالسيدة على الإطلاق ليسل بصحيح، نعم من كانت منهن سيدة لشرفها في دينها أو جاهها أو غير ذلك من الأمور المقصودة فلنا أن نسميها سيدة، ولكن ليس مقتضى ذلك أننا نسمي كل امرأة سيدة.
كما أن التعبير بالسيدة عائشة، والسيدة خديجة، والسيدة فاطمة وما أشبه ذلك لم يكن معروفًا عند السلف بل كانوا يقولون: أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين خديجة، فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك"
(2)
.
7 - أما إطلاق الرب فلا يجوز إلا على الله:
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "الرب هو المالك المتصرف، لا يستعمل الرب لغير الله بل بالإضافة نقول: رب الدار، رب كذا، وأما الرب فلا يقال إلا لله عز وجل"
(3)
.
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 3/ 110، 111.
(2)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 3/ 112.
(3)
تفسير ابن كثير 1/ 131.
وفي الفتح: "قال ابن بطال: لا يجوز أن يقال لأحد غير الله رب، كما لا يجوز أن يقال له إله" ا. هـ والذي يختص بالله تعالى إطلاق الرب بلا إضافة، أما مع الإضافة فيجوز إطلاقه كما في قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} ، وقوله: ({ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} وقوله عليه الصلاة والسلام في أشراط الساعة: "أن تلد الأمة ربَّتها" فدل علي أن النهي في ذلك محمول على الإطلاق"
(1)
.
وقد تقدم حديث: "لا يقل أحدكم أطعم ربك، وضئ ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي ومولاي
…
" الحديث.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله: "قيل: إن الفرق بين الرب والسيد، أن الرب من أسماء الله تعالى اتفاقا، واختلف في السيد هل هو من أسماء الله تعالى؟ ولم يأت في القرآن أنه من أسماء الله
(2)
. لكن في حديث عبد الله بن الشخير "السيد الكد" وسيأتي. فإن قلنا: ليس من أسماء الله فالفرق واضح، إذ لا التباس، وإن قلنا: إنه من أسماء الله فليس في الشهرة والاستعمال، كلفظ الرب فيحصل الفرق"
(3)
.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم قول: "رب البيت"؟ "رب المنزل"؟
فأجاب: "قولهم: رب البيت ونحوه ينقسم أقسامًا أربعة:
القسم الأول: أن تكون الإضافة إلى ضمير المخاطب في معنى لا يليق بالله عز وجل مثل أن يقول: "أطعم ربك" فهذا منهي عنه لوجهين:
الوجه الأول: من جهة الصيغة لأنَّهُ يوهم معنى فاسدًا بالنسبة لكلمة رب، لأن الرب من أسمائه سبحانه، وهو سبحانه يُطعِم ولا يطعَم، وإن كان لا شكَّ أن الرب هنا غير الرب الذي يطعم ولا يطعم.
الوجه الثاني: من جهة أنك تشعر العبد أو الأمة بالذل لأنَّهُ إذا كان السيد ربًّا كان
(1)
فتح الباري 5/ 179، وقد ذكر توجيهات أخرى.
(2)
هذا القول نسبه ابن حجر للقرطبي وغيره. انظر فتح الباري 5/ 179، 180.
(3)
تيسير العزيز الحميد 664، 665.
العبد مربوبًا والأمة مربوبة.
وأما إذا كان في معنى يليق بالله تعالى مثل أطع ربك كان النهي عنه من أجل الوجه الثاني.
القسم الثاني: أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب مثل ربه، وربها، فإن كان في معنى لا يليق بالله كان من الأدب اجتنابه، مثل أطعم العبد ربه أو أطعمت الأمة ربها، لئلا يتبادر منه إلى الذهن معنى لا يليق بالله.
وإن كان في معنى يليق بالله مثل أطاع العبد ربه وأطاعت الأمة ربها فلا بأس بذلك لانتفاء المحذور.
ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث اللقطة في ضالة الإبل وهو حديث متفق عليه: "حتَّى يجدها ربها" وقال بعض أهل العلم: إن حديث اللقطة في بهيمة لا تتعبد ولا تتذلل كالإنسان، والصحيح عدم الفارق لأن البهيمة تعبد الله عبادة خاصة بها. قال تعالي {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ} [الحج: 18] وقال في العباد: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} ليس جميعهم {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} .
القسم الثالث: أن تكون الإضافة إلى ضمير المتكلم فقد يقول قائل بالجواز لقوله تعالى حكاية عن يوسف: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23] أي سيدي، وإن المحذور هو الذي يقتضي الإذلال وهذا منتفٍ لأن هذا من العبد لسيده.
القسم الرابع: أن يضاف إلى الاسم الظاهر فيقال: هذا رب الغلام فظاهر الحديث الجواز وهو كذلك ما لم يوجد محذور فيمنع كما لو ظن السامع أن السيد رب حقيقي خالق لمملوكه"
(1)
.
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 3/ 103، 104.