الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لرهبته منه، وإما لمحبته إياه، وإما للمعاوضة بينهما والمعاونة، وإما لغير ذلك من الأسباب.
وتكون شفاعة الشفيع هي التي حركت إرادة المشفوع إليه، وجعلته مريدًا للشفاعة بعد أن لم يكن مريدًا لها، كأمر الامر الذي يؤثر في المأمور، فيفعل ما أمره به بعد أن لم يكن مريدًا لفعله"
(1)
.
8 - حكم الشفاعة في أمور الدنيا:
والمقصود من أمور الدنيا التوسط لدى أصحاب الجاه والسلطان ونحوهم من أصحاب الحقوق.
والشفاعة في أمور الدنيا قد تكون محمودة، وقد تكون مذمومة.
فالشفاعة لدى الآخرين من أجل أخذ الحقوق أو درء المظالم ونحو ذلك من حاجات الناس المباحة سعي مبرور.
وأما الشفاعة في إبطال الحقوق، أو إقرار الباطل، أو تعطيل حد ونحو ذلك فهو مذموم قال الله تعالى:{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} [النساء: 85] أي من يسعى في أمر فيترتب عليه خير كان له نصيب من ذلك قال تعالى {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النساء: 85] أي يكون عليه وزر من ذلك الأمر الذي ترتب على سعيه ونيته.
قال الحافظ النووي رحمه الله في بيان ذلك: "تستحب الشفاعة لأصحاب الحوائج المباحة سواء كانت الشفاعة إلى سلطان ووال ونحوهما أم إلى أحد من الناس، وسواء كانت الشفاعة إلى سلطان في كف ظلم، أو إسقاط تعزير، أو في تخليص عطاء لمحتاج، أو نحو ذلك، وأما الشفاعة في الحدود فحرام، وكذا الشفاعة في
(1)
مجموع الفتاوى 14/ 381.
تتميم باطل، أو إبطال حق، ونحو ذلك فهي حرام"
(1)
.
وقال في موضع آخر: "اعلم أنه تستحب الشفاعة إلى ولاة الأمر وغيرهم من أصحاب الحقوق والمستوفين لها ما لم تكن شفاعة في حد، أو شفاعة في أمر لا يجوز تركه، كالشفاعة إلى ناظر على طفل أو مجنون أو واقف، أو نحو ذلك في ترك بعض الحقوق التي في ولايته، فهذه كلها شفاعة محرمة تحرم على الشافع، ويحرم على المشفوع إليه قبولها، ويحرم على غيرهما السعي فيها إذا علمها"
(2)
.
وقال الشوكاني: "وأما التشفع بالمخلوق فلا خلاف بين المسلمين أنه يجوز طلب الشفاعة من المخلوقين فيما يقدرون عليه من أمور الدنيا"
(3)
.
وبهذا تعلم أن حكم طلب الشفاعة إذا كان في أمر مباح يقدر عليه فهذا جائز أما إذا كان طلب الشفاعة يتعلق به تعد على أحد أو إسقاط لمطلوب شرعي فمحرمة وأما إذا طلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله فهذا من الشرك الأكبر.
(1)
شرح النووي لصحيح مسلم 16/ 177، 178 بتصرف.
(2)
الأذكار للنووي ص 508، وانظر للاستزادة كتاب الشفاعة للجديع 16 وما بعدها.
(3)
الدر النضيد ص 16.