الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ اقْتبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ"
(1)
.
قال شيخ الإسلام: "فقد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن علم النجوم من السحر وقد قال الله تعالى: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}، وهكذا الواقع فإن الاستقراء يدل على أن أهل النجوم لا يفلحون في الدنيا ولا في الآخرة"
(2)
.
وقد تقدم في باب الجبت أن العيافة والطرق والطيرة منها لحديث قَبِيصَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْعِيَافَةُ وَالطِّيَرَةُ وَالطَّرْقُ مِنْ الْجِبْتِ. الطَّرْقُ: الزَّجْر، وَالْعِيَافَةُ: الْخَطُّ"
(3)
.
أحكام وفوائد:
1 - حقيقة السحر:
ذهب جمهور أهل السنة والجماعة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة
(4)
، قال القرطبي في قصة سحر لبيد بن الأعصم اليهودي للنبي صلى الله عليه وسلم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله شفاني" والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض، فدل على أن له حقًا وحقيقة، فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على وجوده ووقوعه، وعلى هذا أهل الحلّ والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع، ولا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة ومخالفتهم أهل الحق"
(5)
. وذلك لأن قوما من المعتزلة زعموا أن السحر تخييل لا حقيقة له واختار ذلك أبو جعفر الاستراباذي من الشافعية وأبو بكر
(1)
أخرجه أبو داود (3905) وابن ماجه (3726).
(2)
مجموع الفتاوى 35/ 193.
(3)
سنن أبي داود (3907) وأحمد (16010).
(4)
فتح الباري 10/ 233.
(5)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2/ 46. وانظر المغني لابن قدامة 12/ 299.
الرازي من الحنفية وابن حزم الظاهري وطائفة
(1)
.
قال النووي رحمه الله في شرخ المهذب: قال المصنف - يعني الشيرازى صاحب الأصل -: "وللسحر حقيقة وله تأثير في إيلام الجسم وإتلافه، وقال أبو جعفر الاستراباذي من أصحابنا لا حقيقة له ولا تأثير له، والمذهب الأول، لقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} والنفاثات السواحر، ولو لم يكن للسحر حقيقة لما أمر بالاستعاذة من شره"
(2)
.
ويقول المازري: "مذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة خلافًا لمن أنكر ذلك، ونفى حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها وقد ذكره الله تعالى في كتابه وذكر أنه مما يتعلم وذكر ما فيه إشارة إلى أنه مما يكفر به وأنه يفرق بين المرء وزوجه وهذا كله لا يمكن فيما لا حقيقة له، وهذا الحديث أيضا مصرح بإثباته وأنه أشياء دفنت وأخرجت وهذا كله يبطل ما قالوه"
(3)
.
وقال الحافظ في الفتح: "هل يقع بالسحر انقلاب عين أو لا؟ فمن قال: أنه تخييل فقط، منع ذلك، ومن قال: إن له حقيقة اختلفوا: هل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعا من الأمراض. أو ينتهي إلى الإحالة بحيث يصير الجماد حيوانا مثلا وعكسه؟ فالذي عليه الجمهور هو الأول. وذهبت طائفة قليلة إلى الثاني، فإن كان بالنظر إلى القدرة الإلهية فمسلّم، وإن كان بالنظر إلى الواقع فهو محل الخلاف، فإن كثيرا ممن يدّعي ذلك لا يستطيع إقامة البرهان عليه"
(4)
.
(1)
فتح الباري 10/ 233.
(2)
المجموع شرح المهذب 19/ 240. وانظر المغني لابن قدامة 12/ 299، الكافى 4/ 164.
(3)
مسلم بشرح النووي 14/ 174، 176 وانظر: شرح العقيدة الطحاوية 569، 572، مسائل الإمام أحمد 2/ 103.
(4)
فتح الباري 10/ 233.