الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
111 - الحكم بغير ما أنزل الله
*
التحاكم إلى غير ما أنزل الله، طاعة العلما
ء
التعريف: قال الراغب: "الحكم بالشيء أن تقضي بأنه كذا أو ليس بكذا سواء ألزمت ذلك غيرك أو لم تلزمه قال تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء:58]. وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50] "
(1)
.
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "وكل من حكم بين اثنين فهو قاضٍ سواء كان صاحب حرب أو متولي ديوان منتصبًا للاحتساب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى الذي يحكم بين الصبيان في الخطوط فإن الصحابة كانوا يعدونه من الحكام
…
"
(2)
.
وقال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله تعليقًا على كلام شيخ الإسلام: "ومراده أن الصبيان إذا تكاتبوا في ألواحهم ليظهر بينهم بإخبارك أي الخطوط أحسن، فقد جعلوك قاضيًا لهم وحاكمًا بينهم في هذه المسألة، فيجيب عليك العدل والإنصاف، فمن خاف وترك العدل فقد دخل في مسمى القاضي المذموم المتوعَد
* الإبانة لابن بطة العكبري 734. التمهيد لابن عبد البر 4/ 237. أحكام القرآن القرطبي 6/ 190، 191. المحلى بالآثار لابن حزم 8/ 427. الدرر السنية 10/ 426، 503، 15/ 468. تحكيم القوانين من فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 12/ 288. فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 540. مجموع الفتاوى لابن باز 3/ 977 إلى 5/ 10. المجموع الثمين لابن عثيمين 1/ 33، 39. مجموع فتاوى ابن عثيمين 2/ 140. نواقض الإيمان القولية والعملية 294. الحكم بغير ما أنزل الله د/ عبد الرحمن المحمود، وانظر المراجع المذكورة في باب (التحاكم إلى غير ما أنزل الله).
(1)
المفردات (ح ك م).
(2)
مجموع فتاوى ابن تيمية: 18/ 170، وانظر 28/ 254.
بالنار، كما أن من عدل وأنصف له نصيب من الوعد المترتب على ذلك"
(1)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الحكم بما أنزل الله تعالى من توحيد الربوبية؛ لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته، وكمال ملكه وتصرفه، ولهذا سمى الله تعالى المتبوعين في غير ما أنزل الله تعالى أربابًا لمتبعيهم فقال الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)} [التوبة: 31]. فسمى الله تعالى المتبوعين أربابا حيث جعلوا مشرعين مع الله تعالى، وسمى المتبعين عُبّادا حيث إنهم ذلوا لهم وأطاعوهم في مخالفة حكم الله سبحانه وتعالى"
(2)
.
ويقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: "الحكم بما أنزل الله عام وليس خاصًّا بمسائل المنازعات والخصومات في الأحوال فقط كما يظن بعض الناس
…
"
(3)
.
والحكم بما أنزل الله واعتقاد أن حكم الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن من حكم غيره من مقتضيات شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وترك تحكيم ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم والحكم بحكم الجاهلية مما يناقض شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
* الدليل من الكتاب: قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ
(1)
هداية الطريق من رسائل وفتاوى الشيخ حمد بن عتيق ص 196.
(2)
شرح ثلاثة الأصول من مجموع فتاوى ابن عثيمين 6/ 158. وانظر: المجموع الثمين 1/ 33.
(3)
شرح نواقض الإسلام ص 102.
اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} [المائدة:44]،وقال تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة:45]،وقال تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة:47].
* الدليل من السنة: أخرج ابن ماجه في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر المهاجرين: خمس إن ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن - وذكر منها -: وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزك الله إلا جعل الله بأسهم بينهم"
(1)
. وفي رواية: "وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر"
(2)
.
وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وإذا خرج ولاة الأمر عن هذا
(3)
فقد حكموا بغير ما أنزل الله، ووقع بأسهم بينهم، قال صلى الله عليه وسلم:"ما حكم قوم بغير ما أنزل الله إلا وقع بأسهم بينهم" وهذا من أعظم أسباب تغيير الدول، كما قد جرى مثل هذا مرة بعد مرة في زماننا وغير زماننا، ومن أراد الله سعاد جعله يعتبر بما أصاب غيره، فيسلك مسلك من أيده الله ونصره، ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه"
(4)
.
وقال الشنقيطي رحمه الله: "الإشراك بالله في حكمه، والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد، لا فرق بينهما ألبتة، فالذي يتبع نظاما غير نظام الله، وتشريعا غير
(1)
أخرجه ابن ماجه (4019) والحاكم في المستدرك (4/ 540) قال البوصيري في الزوائد: هذا حديث صالح للعمل به
…
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وانظر الصحيحة (106).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (10992) قال المنذري: وسنده قريب من الحسن، وله شواهد، وقال الألباني في صحيح الترغيب: صحيح لغيره (765).
(3)
أي عن الحكم بالكتاب والسنة.
(4)
مجموع الفتاوى 35/ 388.