الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصاحب الفاقة إذا سأل الله تعالى أنزلها بالغني المليّ العليم القدير وقيل يجب السؤال، وهذا منقول عن الثوري وهو اختيار أبي الفرج بن الجوزي"
(1)
.
وقال ابن عثيمين: "فأما سؤال ما يسوغ مثله من العلم فليس من هذا الباب لأن المخبر لا ينقص الجواب من علمه بل يزداد بالجواب والسائل محتاج إلي ذلك قال صلى الله عليه وسلم: "هلا سألوا إذا لم يعلموا؟ فإن شفاء العي السؤال" ولكن من المسائل ما ينهى عنه كما قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 101]، وكنهيه عن أغلوطات المسائل ونحو ذلك"
(2)
.
*
حكم سؤال الغير أن يدعو له:
عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي. وقال: "لا تنسنا يا أخي من دعائك" فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا"
(3)
.
وفي حديث عكاشة المشهور قال: "ادع الله أن يجعلني منهم" فقال: "أنت منهم". وفي رواية البخاري: "فقال اللهم اجعله منهم". وكذلك في حديث أبي هريرة عند البخاري مثله.
وفي بعض الروايات أنه قال: "منهم أنا يا رسول الله؟ " قال: "نعم".
قال الحافظ: ويجمع بأنه سأل الدعاء أولا، فدعا له ثم استفهم هل أجيب؟ وقال الشيخ سليمان بن عبد الله:"وفيه طلب الدعاء من الفاضل"
(4)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الدعاء للغير ينتفع به الداعي والمدعو له وإن كان الداعي دون المدعو له، فدعاء المؤمن لأخيه ينتفع به الداعي والمدعو له"
(5)
.
(1)
الاستغاثة في الرد على البكري ص 277، 279.
(2)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 9/ 429، 430. والقول المفيد ط 1 - 1/ 179.
(3)
أخرجه أبو داود (1498)، والترمذي (3562)، وابن ماجه (2894)، والإمام أحمد في المسند (195).
(4)
تيسير العزيز الحميد ص 112.
(5)
مجموع الفتاوى 1/ 133.
وقال أيضًا: "ويشرع للمسلم أن يطلب الدعاء من فوقه وممن هو دونه، فقد روي طلب الدعاء من الأعلى والأدنى"
(1)
.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن طلب الدعاء من شخص يُرجي فيه الصلاح فقال: "طلب الدعاء من شخص ترجى إجابة دعائه: إن كان لعموم المسلمين فلا بأس به مثل أن يقول شخص لآخر: ادع الله أن يعز المسلمين وأن يصلح ذات بينهم، وادع الله أن يصلح ولاتهم وما أشبه ذلك.
أما إذا كان خاصًا بالشخص السائل الطالب من أخيه أن يدعو له فهذا قد يكون من المسألة المذمومة إلا إذا قصد الإنسان بذلك نفع أخيه الداعي له؛ وذلك لأن أخاه إذا دعا له بظهر الغيب قال الملك: آمين ولك بمثله.
وكذلك إذا دعا له أخوه فإنه قد أتى إحسانًا إليه، والإحسان يثاب عليه، فينبغي عليه أن يلاحظ من طلب من أخيه أن يدعو له فائدة الأخ الداعي.
علي أن طلب الدعاء من الغير قد يترتب عليه مفسدة، وهي أن هذا الغير يعجب بنفسه ويرى أنه أهل لإجابة الدعاء، وفيه أيضًا: أن هذا الطالب من الغير أن يدعو له قد يعتمد على دعاء المطلوب فلا يلح هو على ربه بالدعاء؛ بل يعتمد علي دعاء غيره، وكلا المفسدتين شر.
والذي أنصح به إخواني أن يكونوا هم الذين يدعون الله عز وجل؛ لأن الدعاء عبادة، والدعاء مصلح للقلب، لما فيه من الالتجاء إلى الله والافتقار إليه"
(2)
.
* فائدة:
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: "وما جاءه من مال بلا إشراف نفس ولا مسألة وجب أخذه، نقله جماعة منهم الأثرم والمروذي. قال في رواية الأثرم: إذا
(1)
مجموع الفتاوي 1/ 13.
(2)
فتاوى علماء البلد الحرام 1670.
جاءه من غير مسألة ولا إشراف كان عليه أن يأخذه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خذ" ثم ذكر الحديث، ثم قال: ينبغي أن يأخذه، ويضيق عليه إذا لم يكن له إشراف أن يرده"
(1)
.
وقال: "فإن استشرفت نفسه إليه، فنقل عنه عبد الله: لا بأس أن يردها، وكذا نقل الكحال عنه: إن شاء رده، وكذا نقل محمد بن يوسف: له أن يردها. ونقل المروذي: فإن استشرفت نفسه ردها، وقال له الأثرم: فليس عليه أن يرده كما يرد المسألة قال: ليس عليه، ونقل عنه أبو داود: ولا بأس أن يردها، قال أبو داود: وكأنه اختار الرد، ونقل عنه إسحاق بن إبراهيم: لا يأخذه.
وذكر القاضي أبو الحسين: أنه لا تختلف الرواية أنه لا يحرم لعدم المسألة وقال في الرعاية: كره له أخذه ولم يحرم، وقيل: له أَخذُه، وَرَدُّهُ أولى
…
واستشراف النفس أن تقول: سيبعث لي فلان، أو لعله يبعث لي، وإن لم يتعرض أو يعرض بقلبك عسي أن يفعل، نص عليه.
وذكر أحمد حديث عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "إذا أتاك من هذا المال من غير مسألة، ولا استشراف نفس فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك""
(2)
.
* فائدة أخرى:
قال الإمام ابن مفلح المقدسي: "ولا بأس بمسألة الماء، نص عليه واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقربة معلقة فاستسقى، فشرب. ونقل أبو داود عنه وسئل الرجل يكون بين الناس عطشان فلا يستسقي - وأظنه قال: في الورع - ما يكون؟ قال: أحمق، نقل جعفر عن أحمد في الرجل يستعير الشيء لا يكون مسألة"
(3)
.
(1)
الآداب الشرعية 3/ 276.
(2)
الآداب الشرعية: 3/ 278،277.
(3)
الآداب الشرعية 3/ 279.